25.52°القدس
25.06°رام الله
25.53°الخليل
25.72°غزة
25.52° القدس
رام الله25.06°
الخليل25.53°
غزة25.72°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: فصبرٌ جميل.. يا د. مرسي

يصف بعض الناس سياسة الرئيس مرسي وطريقته في التعامل مع مخالفيه بأنها سياسة ضعيفة مترددة، وأنه لابد أن يكون أكثر قوة وحزمًا أمام المعارضين، ويقول هؤلاء بأنه لا يصلح مع المعارضة المصرية إلا سياسة العين الحمراء، وأفضل طريق للتعامل معها أن تخاطبها بالحديد والنار فهي معارضة لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب كما يقال. وليس سرًا أن هناك معارضة في مصر يتسم بعض قياداتها وعناصرها بالحقد الأعمى على الإسلاميين، وهم أبعد ما يكونون عن المعارضة الشريفة النزيهة التي تسعى لرفعة الوطن – وأؤكد بعض وليس كل المعارضة-، وهؤلاء في حقيقة الأمر يعارضون كل من يحكم البلاد سواهم، لأن الأرض أرضهم والملك ملكهم، والشعوب عبيد لهم، فما بالك إذا كان من حرر كراسي الحكم منهم هم رجالات الإسلام السياسي حسب التعبير الرائج؟! وهنا أود أن أسجل إعجابي الشديد بسياسة النّفَس الطويل التي ينتهجها الرئيس مرسي، وأعتبر أنه بصبره الجميل يعطى نموذجًا طيبًا للرئيس المسلم الذي ننتظره منذ مدة طويلة، فبعد سنوات عجاف من القمع وسفك الدماء وتكميم الأفواه والتعليق على حبال المشانق، جاء الرئيس محمد مرسي ليفسح المجال أمام المعارضة لتقول كلمتها، وترفع صوتها. وحق لكل الإسلاميين أن يرفعوا رؤوسهم عاليًا بسياسة الرئيس مرسي، وأن يشجعوه عليها، وذلك لأسباب كثيرة نذكر منها: 1- تمثل سياسة الرئيس مرسي روح الإسلام في حقن الدماء، والخوف من إراقتها بغير وجه حق، فقد قال عليه السلام : «لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا»، والمسلم الحق هو الذي يفكر ألف مرة ويرتعد قلبه كثيرًا قبل أن يأخذ قرارًا باستخدام القوة، أو الاعتداء بأي نوع من العدوان على أحد. 2- إن مرسي يتقدم اليوم ليرد الشبهة التي ألصقت بالحركات الإسلامية بأنها حركات دموية تستسهل سفك الدماء -والتي كانت تصرفات بعض الإسلاميين إحدى أسبابها- فاليوم مرسي يقول: نحن الأحرص على حقن الدماء، فكل المواطنين على الأجهزة الأمنية حرام، دماؤهم وأموالهم وأعراضهم لا يجوز الاقتراب منها بغير وجه حق. 3- إن سياسة الصبر والصفح فيها صيانة لسمعة الإسلام: فقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم قتل المنافقين وقد بلغه عنهم الكفر الصريح كما يقول الإمام ابن القيم، وذلك لتحقيق مصالح عديدة منها: تأليف القلوب، وجمع كلمة النَّاسِ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي قَتْلِهِمْ تَنْفِيرٌ عن الإسلام، لذا لما طلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه من النبي عليه السلام أن يأذن له بقتل رأس النفاق عبد الله بن أبي بن سلول، رفض النبي ذلك، وقال: «دعه، لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه». 4- إن صبر مرسي وسماحه للمعارضة يساهم في إنشاء شعوب حرة أبية، لا تخاف من الطغاة، وتقول بملء فيها للظالمين: لا... وبذلك نصنع جيل التحرير الذي سيحرر أرضه من الظلم الأكبر المسمى إسرائيل... فلتعترض الشعوب، وليصبر الرؤساء، ولتعود الشعوب لسيرتها الأولى التي كان الناس يقفون فيها للخليفة ليقولوا له إذا أخطأ: لا سمع ولا طاعة. 5- إن قلوب الشعوب العربية مجروحة، ولا تزال تنزف دمًا من جراء صراعاتنا الداخلية، فما أجمل أن يكون الرئيس مرسي اليد الحانية، والحضن الدافئ، والقلب الكبير الذي يصفح ويسامح، حتى وإن كان بعض الخصوم لا يستحقون تلك المعاملة الكريمة، فليحسن معاملتهم لأن لهم آباء وأمهات وأخوات وزوجات وأطفالًا وعائلات، سيبقى الجرح في صدورهم غائرًا وسنورث الأجيال أحقادًا وأضغانًا من الصعب أن تمحوها الأيام. 6- إن وجود بعض اللئام الذين يستغلون هذا الكرم لا ينبغي أن يدفع الرئيس المصري ليغير سياساته، فبالصبر تنال الإمامة في الدين، "وما يلقاها إلا الذين صبروا"، وإن عددًا من رموز المعارضة هم ضحية تربية الاستبداد التي أخلدتهم إلى الأرض، فلابد من الصبر عليهم ومساعدتهم على التحرر من شهواتهم وأنانيتهم، فليكن مرسي نعم المربي. 7- إن الحرية مقصد إسلامي عظيم تسعى الشريعة لتحقيقه، ووصول الشعوب المسلمة لنفسية الأحرار يخدم الحركات الإسلامية ويساعدها على تحقيق الحكم الإسلامي الراشد، الذي لا يتم إلا بوجود حاكم مخلص، وشعب مستيقظ يراقب تصرفات الحاكم ويصرخ فيه إذا أخطأ، وصناعة الحرية لا تتم والسيوف مشرعة على رقاب القضاة والصحفيين والجماهير. ختامًا أقول: إن سياسة الرئيس مرسي التي تتسم بالصبر الجميل ينبغي أن يشجعه عليها كل المخلصين، فالصبر على المخالفين والمخطئين هو خلق سيدنا النبي عليه السلام، ومخطئ من يظن أن الرئيس مرسي مخير بين سياسة الصبر، وسياسة العنف، فإن أمامه طريقًا واحدًا هو طريق الحق والخير: طريق الصبر. وأسأل الله أن يثبت الرئيس مرسي عليها، وألا تدفعه بعض التصرفات للتسرع والتهور!! كما أسأله تعالى أن يهدي المعارضة لتكون معارضة نزيهة شريفة!!