وجه الأكاديمي والمحلل السياسي الفلسطيني، أسعد غانم، رسالة في مقال له، إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بسبب موقفه من القضية الفلسطينية ودعمه الاحتلال الإسرائيلي رغم ما تعانيه بلده من غزو روسي.
وقال في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إنه "عار على زيلينسكي دعم إسرائيل ضد الفلسطينيين".
وحث الرئيس الأوكراني "على التوقف عن اللجوء إلى المعايير المزدوجة، وعلى تأييد النضال الفلسطيني".
وأسعد غانم من كبار المحاضرين في كلية العلوم السياسية في جامعة حيفا، ومحلل سياسي فلسطيني يكتب في العديد من وسائل الإعلام.
وتاليا النص الكامل للمقال:
عزيزي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي
كان خطابك الأخير أمام الكنيست الإسرائيلي عاراً حين يتعلق الأمر بالنضالات العالمية من أجل الحرية والتحرير، وخاصة نضال الشعب الفلسطيني. لقد قلبت رأساً على عقب أدوار المحتل وضحايا الاحتلال، وضيعت فرصة أخرى لإثبات عدالة قضيتكم والقضية الأشمل للحرية.
لقد قلت: "نحن في بلدين مختلفين وفي ظروف مختلفة تماماً. ولكن الخطر واحد: بالنسبة لنا كما بالنسبة لكم – التدمير الكامل للشعب، للدولة، للثقافة، وحتى للأسماء: أوكرانيا وإسرائيل."
أنا غاضب وحزين لأن روسيا تسعى لاحتلال بلادكم ولسحق حقوق الشعب الأوكراني في تقرير المصير والحرية، وأعتقد أن الأوكرانيين ينبغي أن يُمنحوا كل دعم ممكن إذ يقاومون العدوان الهمجي. وفي نفس الوقت أرفض سياسات الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو حول العالم.
وإذ أعرب عن إعجابي بنجاحكم في بناء تحالف دولي لدعم نضالكم ضد العدوان الروسي، أتمنى لو أننا كفلسطينيين بإمكاننا أن نقنع العالم بالتحرك لصالحنا بنفس الطريقة وإجبار إسرائيل على الالتزام بالقرارات الدولية.
كما تقلقني ازدواجية المعايير الواضحة لديكم تجاه النضال الفلسطيني المشروع ضد الاحتلال والاضطهاد والقتل والتمييز العنصري والتهجير – وهي الجرائم التي ما لبثت إسرائيل ترتكبها منذ سبعة عقود ضد شعبي.
اشتملت جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني على التهجير القسري لمئات الآلاف من الفلسطينيين أثناء نكبة عام 1948. تعرضت مئات البلدات والقرى للتطهير العرقي وللهدم، وأزيلت كثير من معالمها عن وجه الأرض، للحيلولة دون عودة سكانها إليها. بل غدا بعض الفلسطينيين مهجرين داخل دولة إسرائيل نفسها بمجرد الإعلان عن قيامها بينما طلب آخرون اللجوء في البلدان العربية المجاورة.
الاحتلال والحصار
أما الفلسطينيون الذين أصبحوا مواطنين إسرائيليين فيتعرضون لتمييز مستفحل، في حين أن من يقيمون منهم داخل الضفة الغربية يعيشون تحت وطأة احتلال وحشي. وأما من يعيشون في غزة فهم تحت حصار ساحق. لقد جرمت إسرائيل النضال الفلسطيني من أجل الحرية والتحرير، وأنكرت القيادة الشرعية الفلسطينية، وصادرت الممتلكات والموارد الفلسطينية واعتقلت النشطاء الفلسطينيين.
وتم تقنين معارضة إسرائيل لحق تقرير المصير الفلسطيني وللوطن الفلسطيني من خلال سن قوانين عنصرية مثل قانون الدولة القومية لعام 2018 ومن خلال المراجعة الأخيرة لقانون المواطنة.
ومع ذلك فقد صرحت علناً بتأييدك للاحتلال الإسرائيلي، واخترت في عام 2020 الانسحاب من لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، ذلك الكيان الذي تناط به مهمة دعم الحقوق الفلسطينية. بل عبرت عن مساندتك لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس حينما كانت تمارس أشكالاً متطرفة من العدوان ضد شعبنا الفلسطيني.
لم تزل منذ بدء العدوان الروسي ضد بلدكم تمارس ازدواجية في المعايير. في الوقت الذي ترددت فيه إسرائيل في قبول اللاجئين الأوكرانيين اليهود الفارين من القصف الروسي – وهي سياسة مدفوعة بدعاوى التفوق العنصري اللاإنساني، والتي يعرفها الفلسطينيون حق المعرفة – بقيت مصراً على التوجه نحو رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني القومي نفتالي بينيت تطلب منه الوساطة.
أعلم أن معظم الفلسطينيين يشاهدون نضالكم العنيد ويتمنون لكم النصر على العدوان الوحشي الروسي. كما أعلم أيضاً أن النصر الروسي سيكون بمثابة هدية عظيمة لإسرائيل في مواقفها العدوانية – إذ سيعتبر ذلك نصراً لمفهومها الخاص بالجدار الحديدي، والذي ينظم تعاملاتها معنا إلى أن تتمكن من إلحاق هزيمة ساحقة ماحقة بنا.
ومع ذلك، فإن نضال شعبكم وانتصاره في هذه المعركة، حتى مع تدمير الجزء الأكبر من بلادكم وتشريد الآلاف من الأوكرانيين، سوف يمنح الأمل للشعوب التي تناضل ضد الظلم والإبادة، وسوف يبقي في داخلنا شعلة أمل متقدة في العودة والتحرير. ولهذه الغاية أطلب منكم التوقف عن تأييد من يقهرنا.