أعلنت تركيا رسميا، الخميس، إغلاق ملف قضية الصحفي السعودي المغدور جمال خاشقجي لديها، ونقله للسعودية في خطوة كانت متوقعة بعد علامات تقارب كثيرة ظهرت مؤخرا بين الدولتين.
وفي التفاصيل فقد قضت محكمة تركية، بوقف المحاكمة في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية المملكة بإسطنبول عام 2018، ونقل القضية إلى القضاء السعودي.
قاضي المحكمة في إسطنبول حيث تجري محاكمة 26 متهما سعوديا غيابيا منذ يوليو 2020 قال ما نصه: “قررنا إحالة القضية إلى السعودية”.
وكان المدعي العام التركي طالب الأسبوع الماضي بوقف المحاكمة في قضية خاشقجي ونقل الملف إلى السعودية.
وقضت المحكمة وقتها بضرورة مطالبة وزارة العدل بإبداء رأيها في نقل الملف.
المقررة السابقة للأمم المتحدة “Agnes Callamard” والتي أشرفت على التحقيق في قضية اغتيال خاشقجي صرحت لـ Euro News في هذا الأمر بقوله:”السعودية سوف تتستر على مقتل خاشقجي إذا تحولت القضية هناك. لأن الأمل ضئيل في تحقيق العدالة في قاعة محكمة سعودية”.
وفي السياق ذاته كشف موقع “تاكتيكال ريبورت” بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيزور السعودية بداية الشهر المقبل، وسيؤدي صلاة العيد في مكة المكرمة بجانب الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد محمد بن سلمان.
ومع توقع زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للسعودية في الأسابيع المقبلة، كشفت مصادر سعودية لموقع “ميدل إيست آي” أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يحاول استخدام الزيارة كوسيلة ضغط للحصول على نتيجة نهائية وإنهاء قضية خاشقجي.
تفريط بـ”دم خاشقجي”
وأثار هذا القرار التركي موجة غضب كبيرة بين النشطاء والحقوقيين على مواقع التواصل، الذين اعتبروا ما حدث تفريط في دم خاشقجي مقابل صفقة جديدة بين السعودية وتركيا.
وفي هذا السياق كتبت الصحفية ديانا مقلد: “أردوغان ساوم في قضية خاشقجي والآن يقبض الثمن. تماما كما يفعل في الملفين السوري والفلسطيني. المهم أن يستيقظ مريدوه من سبات “السلطنة”.
فيما دونت الصحفية والمذيعة كريمة زيادة مهاجمة أردوغان:”في ديسمبر 2018 قال أردوغان إن تركيا لن تسلم الأدلة إلى السعودية، لأنها يمكن أن تدمرها. منتقدا الروايات المتناقضة حول كيفية مقتل جمال خاشقجي.”
وتابعت أنه “قال حينها أيضا: إنهم يعتقدون أن العالم غبي. هذه الأمة ليست غبية وتعرف كيف تحاسب المسؤولين”.
مضيفة:”أثبت اردوغان اليوم أنه كان يُتاجر بدم خاشقجي!”
وقال ناشط آخر متوقعا انقلاب كبير في مواقف الإعلام السعودي تجاه تركيا بعد هذا التقارب:”سينتهي ملف مقتل خاشقجي. وستنقلب العربية والحدث من الطعن بتركيا إلى المدح. وهذا ممكن في الأعلام العربي السخيف.”
مضيفا:”لكن المصيبة في عقل المغرد السعودي، كيف راح يقتنع بنفسه وكلامه عندما ينقلب من مهاجم لتركيا وسياساتها والبحار والطيور والديدان والحشرات إلى مدحها؟!”
وقال غشان يوسف، إنه من الواضح أن أردوغان قرر بيع قضية خاشقجي طمعاً بالمساعدات والاستثمارات السعودية لإنقاذ نظامه قبيل الانتخابات الرئاسية.
وأوضح أن ذلك يأتي “بعد تمسكه وتعنته لسنوات في قضية محاكمة المتهمين بمقتل السعودي جمال خاشقجي. تحت مسمّى كشف الحقيقة وإحقاق العدالة.”
وسخرت راندا من هذا القرار بقولها:”نستنى اعلان انو خاشقجي مات لحالو”
ناشط آخر برر القرار التركي وقال إنه ليس صفقة وأن أردوغان لم يضيع دم خاشقجي.
وكتب:”كيف يتاجر وحكومته عقدت حزمة مشاريع مع الرياض بلغت قيمتها 10 مليار دولار..؟. الخلاصة أن خاشقجي خفت دمه وتجاوز عليه الزمن.”
موضحا أنه “من غير المعقول أن يبقى مقتله عقبة في بناء علاقة شراكة استراتجية لمواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة”. حسب وصفه
خطيبة خاشقجي
وبعد قرار القضاء التركي اليوم، تقدمت “خديجة جنكيز” خطيبة خاشقجي، بطعن ضد قرار المحكمة الجنائية الـ11 بإسطنبول، القاضي بنقل قضية محاكمة متهمين بجريمة قتل “خاشقجي” إلى السلطات القضائية بالمملكة.
كما ذكرت أيضا في تغريدة لها عبر حسابها الرسمي بتويتر:””كفاحي من أجل العدالة لجمال لم ينته بعد. ربما قررت المحاكم أنه يمكنهم تجاهل الحقيقة بشأن قضيته ، لكنني لن أتوقف ولن أكون هادئة حيال ذلك.”
كما أضافت خطيبة خاشقجي:”كلنا نعرف من هو المذنب بقتل جمال وأصبح الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى أن أستمر في العمل.”
ويشار إلى أنه خلال الأسابيع الماضية دخلت تركيا والإمارات “حقبة جديدة في العلاقات”.
وكذلك الأمر بالنسبة لدول أخرى مثل إسرائيل التي زار رئيسها إسحاق هرتسوغ أنقرة، في مارس/آذار المنصرم، في خطوة تأتي في أعقاب زيارة مسؤولين أتراك كبار إليها، كنوع من التمهيد.
وقبل ذلك بأشهر، كانت العلاقات بين أنقرة والقاهرة قد شهدت انعطافة كبيرة انتهت بإعلان تركيا تعيين أول سفير لها في مصر بعد أكثر من 9سنوات، وهو ما انطبق أيضا على علاقة الأولى بالرياض، على الرغم من “المبادرات التركية” التي حاولت كسر المشهد الحالي، منذ بداية 2021.