قبل أيام فقط قلت إن العقوبات التي فرضتها دولة الاحتلال على محافظة جنين ما هي إلا خطوة من أجل امتصاص غضب الشارع اليهودي وهي إجراءات مؤقتة، وبالفعل تم إلغاؤها بسرعة غير متوقعة، وكذلك تم إلغاء إجراءات أمنية كانت ستفرض على الضفة الغربية، وذلك مؤشر قوي على أن "إسرائيل" تخشى تدهور الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية والمناطق المحتلة عام 48 وتخشى تدخل المقاومة في قطاع غزة.
حرب جديدة كادت أن تقع بسبب جرائم المستوطنين في القدس وتعامل جيش الاحتلال بقسوة مع المرابطين في الأقصى لولا تدخل وسطاء عرب وأجانب لدى المقاومة في قطاع غزة، مع تأكيدات إسرائيلية أنها غير معنية بالتصعيد وأنها ستوقف اعتداءات المستوطنين عندما أدركت أن المقاومة غير آبهة بتهديدات "إسرائيل" بالرد بقوة على أي تدخل من قطاع غزة.
دولة الاحتلال لن تتوانى للحظة ولن تنتظر الأسباب للقضاء على المقاومة في قطاع غزة لو استطاعت ذلك، ولكنها جربت وفشلت فشلا ذريعا، ولا أستبعد أن القضاء على المقاومة في قطاع غزة هو هدفها الأساسي، وتفكر في كيفية تحقيقه ليل نهار بالتعاون مع أطراف غربية وعربية، ولكنه هدف لا يمكن تحقيقه، ولذلك ستضطر "إسرائيل" للتعايش مع هذا الواقع الجديد، وكما انسحبت من قطاع غزة بالقوة ومن جانب واحد فإنها ستضطر قريبا إلى تقديم تنازلات في القدس والضفة الغربية؛ لأن قبضتها الأمنية على المقاومة وعلى الشعب الفلسطيني بدأت تضعف شيئا فشيئا، ولا أستبعد أن تضطر في نهاية المطاف إلى انسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية أو من مناطق منها كمقدمة إلى انسحاب تام من الضفة الغربية على غرار انسحابها من قطاع غزة إن استمر تصاعد عمليات المقاومة ضدها سواء في الضفة أو في المناطق المحتلة عام 48.
في ضوء ما سبق نتوقع عودة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بشكل عاجل وقوي وجاد حتى لا تضطر "إسرائيل" لترك الضفة للمقاومة كما فعلت في غزة، ولكن تلك المفاوضات تحتاج إلى معجزة حتى تنجح، وتحتاج إلى بيئة خالية من المقاومة، وأعتقد أن الوقت قد فات لأن المقاومة انبعثت من جديد والله أعلم.