في ذكرى النكبة، لا يكفي أن نشير إلى المنطلق الديني الذي قامت عليه فكرة قيام دولة لليهود على أرض فلسطين، ولا يكفي أن نقاوم المتطرفين الصهاينة الذين اقتحموا أرض فلسطين، وأقاموا عليها دولتهم، في ذكرى النكبة نشير بأصبع الاتهام إلى الجهة الداعمة والمؤيدة والمشجعة على بقاء دولة الصهاينة قوية وإرهابية ومسيطرة في المنطقة، وهذه الجهة العدوانية هي الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة التي كانت الراعي الرئيس لنكبة الشعب الفلسطيني، وهي السبب في كل المصائب التي حطت على رأسه، إنها أمريكا التي تحز بسكين الإرهاب عنق الشعب الفلسطيني، وأطلقت اليد الصهيونية لتذبح من تريد، وكما يطيب لها.
أما حثالة الأمم الذين احتلوا أرض فلسطين، وكانوا السبب المباشر في نكبة الشعب الفلسطيني، فهؤلاء الإرهابيون بلا قيمة وجودية دون الدعم الأمريكي، ودون الإسناد المالي والسياسي والعسكري الأمريكي، ويكفي أن نستشهد اليوم بحادثين:
الأول، الموقف الأمريكي المخزي من دولة يقتحم جيشها مخيم اللاجئين في جنين، ويطلق النار على المدنيين، ويقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، وهي التي تحمل الجنسية الأمريكية.
الثاني: الموقف الأمريكي من مراسم تشييع الصحفية شيرين أبو عاقلة، وما رافق ذلك من اعتداء صهيوني إرهابي على المشيعين، ليكون الرد الأمريكي أكثر إرهاباً من الحدث نفسه، حين قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن: "لقد انزعجنا بشدة من صور الشرطة الإسرائيلية وهي تتدخل في جنازة الأمريكية الفلسطينية، شيرين أبو عاقلة"، فكلمة انزعجنا لا ترقى إلى مستوى الجريمة، ولا تردع مجرماً، وهي أقل بكثير من مستوى الإدانة.
لقد عبرت المتحدثة باسم البيت الأبيض عن أسفها لاقتحام ما كان ينبغي أن يكون مسيرة سلمية، ليفضح الرئيس الأمريكي انحيازه للعدو الإسرائيلي حين قال: لا أعرف التفاصيل الكاملة لما حدث، لكن أعلم أنه يجب فتح تحقيق في الأمر.
هذا رد الرئيس الأمريكي الذي يسارع لإدانة أي عملية مقاومة فلسطينية، وهو الرئيس الأمريكي الذي يغضب وينفعل ويثور لجرح جندي إسرائيل، ويسارع إلى تقديم كل أشكال المساعدات العسكرية والتكنولوجية المتقدمة لدولة الكيان الغاصب لمجرد مقتل جندي صهيوني، هذا الرئيس الأمريكي أغمض عينيه، وادعى أنه لا يدري ما يجري في شوارع القدس، لحدث سياسي وإنساني تصدر المشهد لمجمل نشرات الأخبار العالمية.
في ذكرى نكبة فلسطين علينا أن نفضح روابط الشر القوية بين من يقتل بالرشاش، ومن يقدم له الرصاص، وبين من يحتل الأرض، ومن يقدم له الدعم السياسي في الأمم المتحدة، وبين من يطرد السكان، ومن يغطي على ذلك من خلال المساعدات الإنسانية، ومن يهود القدس، ومن ينقل سفارته إلى المدينة المقدسة، إنها دولة أمريكا العدو الأول للأمة العربية والإسلامية، وهي السبب في نكبة الشعب الفلسطيني، وهي العدو الذي يجب ألا تثق به القيادة الفلسطينية، وألا تضع 99% من أوراق الحل في يد أمريكا، كما فعل الرئيس المصري السابق أنور السادات، الذي لم يحصل على أكثر من اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة، والتي عصفت بحياة الشعب المصري، ونشرت الفتن والمآسي بين الأمتين العربية والإسلامية.