26.64°القدس
26.2°رام الله
27.19°الخليل
26.67°غزة
26.64° القدس
رام الله26.2°
الخليل27.19°
غزة26.67°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: من ردة الفعل إلى الفعل

لقد اكتسبت الحركات الإسلامية بما تعرضت له من ابتلاءات و محن في الدول العربية التي ناصبتها العداء و الملاحقة على الأغلب قدرة ديناميكية في التأقلم والتطور حتى في أصعب الظروف، إلا أن تاريخ المجالدة السياسية مع الأنظمة وضع الحركة الإسلامية على الأغلب في موقع الدفاع والتلقي وصد الضربات،وهذا كان له أثر سيء في عدم نضوج العمل الإسلامي الذي بقي محصورا في الدوائر الضيقة أو متقوقعا يحاول حماية وجوده وأفراده وفي الميدان السياسي وبقي الفعل السياسي مقتصرا على ردات الفعل وإثبات المواقف والوقوف للحكومات وأجندتها وسياسة تقليل الخسائر وحفظ ما يمكن حفظه. إلا أن حركة التغيير والثورات والربيع العربي أطلقت عنان الحركات الإسلامية التي أثبتت إنها وإن حُرمت من الساحة السياسية لم تعدم الوجود في الساحات الأخرى التي أكسبتها ثقة الجمهور في الميدان الاجتماعي والخدمة العامة خصوصا أن هذه الجماهير بما عانته من الفساد والطغيان ما زالت تتطلع الى ذلك الشعار الكبير بأن الاسلام هو الحل لكافة المشاكل وترى تطبيقاته البسيطة في الأمانة والعدالة والقيام بمصلحة الشعب، بل ما زال لدى الشعوب والعامة شعور فطري أن المتدين بالضرورة أمين وحكيم وقوي وأهل للثقة، هذا في الدول التي خلت من التآمر الإعلامي الممنهج لتشويه صورة الإسلاميين. الا أن الربيع العربي قد وضع الحركات الإسلامية على المحك وأمام امتحان مختلف لم تتعرض له سابقا وهو امتحان الوجود في السلطة بما يحمله من الاتنقال من موقف المعارضة والدفاع الى موقف ممارسة الحكم وتقديم البرامج والرؤى والاستراتيجيات والانتقال من مرحلة الشعارات العامة والتننظير الى مرحلة تقديم الوسائل العملية لمن استلم الحكم في بلاده ولمن يتهيأ لذلك لو تمكن الشعب من الخيار الحر الذي يضع الإسلاميين دائما على رأس قائمة الاختيار والنجاح فيما يخص كسب الثقة الشعبية. لم يعد كافيا أن نرفع شعار (الاسلام هو الحل) فهذا الشعار على أصالته لا يقدم حلولا للاقتصاد الميت ووسائل إنعاشه ولا يوفر فرص عمل للقضاء على البطالة ولا يقدم للجيش مقدرات للتنمية ولا يقدم حلولا لمشاكل المجتمع فهذا الشعار عبارة عن مظلة واسعة تحتاج الى وسائل معروفه و مبرمجة زمنيا لإسقاطها على أرض الواقع. و لقد أدركت الحركة الإسلامية في الأردن أن المرحلة الحالية والقادمة تحمل أدوارا مختلفة عن السابق في طرح البرامج والقيام بدور حكومات الظل shadow government وهي نوع من الحكومات المعروفة في الدول المتقدمة وتمثل المعارضة وتمارس دور الرقابة والمساءلة والمحاسبة للحكومات. إن الحركة الإسلامية في الأردن لا تعمل من وراء حجاب وليست وحيدة ولا يمكن الالتفاف عليها، فهي الآن جزء من تكتلات شعبية تتجمع على الأفكار وسقفها مصلحة الوطن وان تفرقت الانتماءات ما بين اليمين واليسار والحركة الإسلامية لا يجب أن تنتظر اللحظة المناسبة بل تعمل على تسريعها بتقديم نفسها بديلا ورديفا للحكومات الشكلية، وتعكف الحركة حاليا على تقديم رؤيا إستراتيجية وبرنامج إصلاح نهضوي يحمل عنوان (أردن الغد) وفيه تصور كامل لرؤيتها في معالجة مشاكل الوطن في الميادين المختلفة والبناء على المكتسبات وهي بالتأكيد لن تنتظر تطبيق الخطة واستلام السلطة، فهي ما زالت تمارس عملها في خدمة الشعب وتوعيته وهذا حق واجب للمجتمع في رقبة كل من يتصدر للعمل العام سواء كان في أعلى الهرم السياسي أو اُقصي زورا الى آخره. لقد نضجت الشعوب العربية وشبت عن طوق الاستعباد والاستبداد وتعلمت الدروس من بعضها ولكنها تعلمت أيضا انها لن تسمح للغوغائيين أن يحكموها مرة أخرى، فهي تقوم بدورها الان في المحاسبة وما النزول الآن الى الميادين والساحات للاحتجاج على قرارات الحكومات إلا إثبات أن عهد السبهللة السياسية قد ولى بالذات عند الشعوب التي تحررت ولا يحكمها العوز الاقتصادي لتبيع ذمتها في صفقات العهر السياسي التي تحتال على إرادات الشعوب وقراراتها. القادم عند الشعوب المتحررة يصب في مصلحة اختيار الفكرة والبرنامج وسيأتي يوم مع تنامي الوعي السياسي تُسقط فيه حتى المتدين إن لم يحسن ممارسة السياسة؛ لذا يجب على الاسلاميين أن يقدموا أنفسهم ضمن هذه الأطر ويشكلوا التحالفات على المبادئ المشتركة. ليس مستحيلا أن تنزل طاغية عن عرشه ولكن الصعب أن تربي الشعب على اختيار الفكرة والمنهج بغض النظر عن الشخوص وترسيخ ما يعرف بمؤسسة الحكم المبنية على عمل الفريق وليس شخصية الحاكم الفرد. التحدي كبير أمام الحركات الإسلامية وتحديات السلم والعمل العام والعلانية وتجميع الجهود كبيرة، عسى أن تعبرها بسلام لما فيه مصلحة البلاد والعباد.