28.32°القدس
27.67°رام الله
27.19°الخليل
28.29°غزة
28.32° القدس
رام الله27.67°
الخليل27.19°
غزة28.29°
الأربعاء 26 يونيو 2024
4.74جنيه إسترليني
5.27دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.01يورو
3.74دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.74
دينار أردني5.27
جنيه مصري0.08
يورو4.01
دولار أمريكي3.74

الدكتور هيثم طه.. صاحب نظرية جديدة في عالم الطيران قد تعوض نظريات الطيران الكلاسيكية

وضع العالم المصري الشاب هيثم عزت طه الأستاذ المساعد بجامعة "كاليفورنيا إيرفين" (University of California Irvine) نظرية علمية جديدة في علوم الطيران، حلّ من خلالها معضلة استمرت أكثر من 100 سنة، ويعدّ ذلك أكبر تقدم في مجال ديناميكا الهواء على مدار القرن الماضي، أي منذ نشأة النظرية الكلاسيكية في الطيران.

ومن المرتقب أن تحلّ هذه النظرية الجديدة التي نشرت في ورقة بحثية في عدد 25 يونيو/حزيران الجاري من دورية "جورنال أوف فلويد ميكانيكس" (Journal of Fluid Mechanics) محل نظرية العالم الألماني كوتا الذي وضع نظريته في بدايات القرن الـ20.

وعن الظروف التي أسهمت في تحقيق هذا الإنجاز العلمي الكبير وآفاق علوم الطيران في العالم والوطن العربي، حدثنا هيثم طه في هذا الحوار للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني:

العالم الفلسطيني علي نايفة (يسار) رشح الباحث هيثم عزت طه للقبول لدراسة الدكتوراه في جامعة "فرجينيا تك" (الجزيرة)

في البداية حدثنا عن رحلتك العلمية من مصر إلى الولايات المتحدة؟

تخرجت في قسم هندسة الطيران بجامعة القاهرة عام 2005 بالمرتبة الأولى على الدفعة وعُيّنت معيدا في القسم، ثم حصلت على ماجستير في التحكم الطيراني عام 2008 من القسم نفسه.

بعدما يئست من الظفر بمنحة لدراسة الدكتوراه في الولايات المتحدة، قررت تسجيل الدكتوراه في جامعة القاهرة، وبالفعل درست مدة عام وذلك أعطاني بعض النضج العلمي عند سفري إلى الولايات المتحدة بعد فوزي بفضل الله بمنحة من جامعة "فرجينيا تك" (Virginia Tech)، وقد ساعدني في ذلك العالم الفلسطيني علي نايفة الحاصل على ميدالية فرانكلين، فهو من رشحني للقبول بالجامعة.

تحولت بعد ذلك إلى جامعة "كاليفورنيا إرفين" عام 2015، وفي عام 2020 عُيّنت أستاذا مساعدا في علوم الطيران.

يقال إن دروس علوم الطيران في الجامعات المصرية أقوى من غيرها في الجامعات الغربية، كيف ذلك؟

لو اقتصرنا في الحديث على درجة البكالوريوس، فالإجابة نعم وبشكل قاطع والأسباب معقدة ومتشابكة، لكن يمكن تلخيصها في أن دراسة الهندسة في بلادنا تستغرق 5 سنوات في حين تستغرق 4 سنوات فقط في الجامعات الأميركية.

ولذلك فإن خريج الجامعة الأميركية لا يحصل على المحتوى العلمي نفسه الذي يحصل عليه الطالب في مصر، وهذا ليس سيئا بالضرورة لأن معظم الأعمال في الصناعة قد لا تحتاج إلى التعقيد التقني الذي ندرسه في السنة الخامسة.

هذا في مرحلة البكالوريوس، أما بعدها فالأمر يختلف تماما، فالدراسات العليا في الولايات المتحدة أقوى بكثير ولا يمكن مقارنتها أصلا ببلادنا، وذلك لأن الدراسات العليا تعني البحث العلمي، والبحث العملي يحتاج إلى تمويل كبير لا يمكن للجامعات المصرية توفيره.

برأيك، ما الدور الذي يمكن أن تضطلع به الحكومات وكذلك القطاع الخاص في دعم قطاع الطيران وجعله قطاعا ذا جدوى اقتصادية؟

الحقيقة أنه بعد ظهور "الدرونز" أو الطائرات من دون طيار، فإن دعم الحكومات لقطاع الطيران أصبح واجبا اقتصاديا ومسألة أمن قومي، ولنا في شركة "بيرقدار" التركية مثل وقدوة في هذا الشأن، ففي غضون 10 سنوات من الاهتمام الحكومي أصبحت هذه الشركة من أكبر الشركات في المنطقة وتجلب الملايين من الدولارات إلى خزينة الدولة.

هيثم طه: شركة "بيرقدار" التركية تعدّ مثلا وقدوة في تحقيق اختراق في مجال صناعة الطيران (مواقع التواصل الاجتماعي)

صناعة الدرونز ليست صعبة كثيرا كالطائرات المدنية أو الحربية، فاختفاء العامل البشري أسهم في إسقاط كثير من القيود على التصميم، فضلا عن عدم الحاجة إلى اعتماد شهادة جودة كما الأمر في الطائرات المدنية التي تستغرق أعواما.

لذلك فإن صناعة الدرونز أكثر قابلية للتنفيذ بتكنولوجيا ليست شديدة التعقيد، فيمكن لكثير من دولنا الشروع في هذا الأمر، وذلك سيخلق فرص عمل ويحقق مصدر دخل جديد للدولة بالعملة الصعبة من خلال البيع لدول الجوار أو الحلفاء السياسيين، وسيساعد على حماية الأمن القومي، وهذه 3 فوائد كبيرة تتحقق بمشروع واحد.

كيف تقيّم تجربة تركيا مع شركة بيرقدار؟

رجع سلجوق بيرقدار المدير التقني للشركة من دراسة الماجستير في الولايات المتحدة إلى تركيا عام 2006، ساعتئذ كانت شركة بيرقدار مغمورة، وأول طائرة صممها بعد عودته هي "البيراقدار ميني" وهي أشبه بنماذج الهواة أو ما يصممه طلبة البكالوريوس في مسابقات الطلاب في هذا الأمر؛ تكنولوجيا بسيطة جدا وبإمكانات ضعيفة.

ولكن في غضون سنوات قليلة تطور التصميم لإنتاج "البيرقدار تي بي 2" التي صنعت فارقا في الحرب في أذربيجان، وفي أوكرانيا أخيرا، وقد باعت تركيا كثيرا منها لبعض الدول.

الدكتور هيثم عزت طه تخرج في قسم الطيران بكلية الهندسة في جامعة القاهرة عام 2005 (الجزيرة)

بالعودة إلى إنجازك الأخير، هل يمكن أن تشرح لنا نظريتك الجديدة وما قدمته من حل؟

أهم سؤال في علم الطيران هو: كم قوة الرفع المتولدة على جناح ما يتحرك بسرعة معينة؟ حساب قوة الرفع هي القلب النابض لأي نظرية في الطيران فمن دونها لن نستطيع معرفة إذا ما كان هذا الجناح سيقدر على حمل وزن الطائرة أم لا.

ببساطة شديدة، النظرية الحالية لحساب قوة الرفع، التي وضعها العالم الألماني مارتن كوتا (متزامنا مع العالم الروسي نيكولاي جوكوفيسكي) لا تستطيع التنبؤ بقوة الرفع إلا على نوع واحد فقط من أشكال الأجنحة: الأجنحة ذوات الخلفية المدببة.

فإذا ما حدث تغيير طفيف في الشكل تنهار النظرية تماما ولا نستطيع الحساب النظري لقوة الرفع إلا إذا استخدمنا حاسبا فائقا لمدة زمنية كبيرة، وذلك يجعل الأمر غير عملي في عملية التصميم الأولي للطائرات، فهناك ملايين المتغيرات وملايين التصميمات البديلة التي يجب المفاضلة السريعة بينها.

ليس هذا فحسب، فحتى هذا الشكل المعتاد للجناح ذو الخلفية الحادة إذا ما تحرك بالعكس (فأصبحت النقطة المدببة في الأمام) فشلت نظرية كوتا أيضا، فضلا عن الطيران غير المستقر كالطيران بالرفرفة مثل الطيور والحشرات، فنظرية كوتا غير قابلة للتطبيق في هذه الحالة من الأساس.

هيثم طه: على الرغم من سيطرة نظرية كوتا على عالم الطيران منذ أكثر من قرن فإنها قاصرة (الجزيرة)

إذن، فعلى الرغم من هيمنة نظرية كوتا على عالم الطيران منذ أكثر من قرن، إذ إنها تُدرّس في جميع أقسام هندسة الميكانيكا والطيران في العالم كله، وتوجد في جميع كتب الديناميكا الهوائية، فإنها قاصرة جدا.

المعضلة رياضية بالأساس، "فمعادلة أويلر" (Euler’s equations) الحاكمة لسريان مائع مثالي ليس لها حل وحيد، وعلماء الرياضيات مسلّمون بهذا الأمر. والمشكلة ليست في حل المعادلة، فالحل معروف ولكنه ليس وحيدا، بل هناك عدد لانهائي من الحلول، وكل حل ينتج عنه قيمة مختلفة لقوة الرفع؛ المشكلة في أننا لم نكن نعلم أيا من هذه الحلول تختاره الطبيعة.

البحث الذي قدمناه اعتمد على مبدأ عميق وبسيط للعالم هرتز فيما يعرف بمبدأ الانحناء الأقل (Hertz principle of least curvature)، وبعد معرفة هذا المبدأ أصبح حل المعضلة ممكنا.

ببساطة: تختار الطبيعة من حلول أويلر الحلّ ذا الانحناء الأقل، فعند تطبيق هذه النظرية على أشكال الأجنحة المعتادة ذات النقطة الخلفية المدببة نحصل على حل كوتا، أي إن نظرية كوتا أصبحت حالة خاصة من النظرية العامة المبنية على مبدأ أساسي من علم الميكانيكا وهو مبدأ الانحناء الأقل.

هو نصر علمي لجملة عوامل: أولا، لأنه يحل معضلة ظلت طوال أكثر من قرن من دون حل رغم محاولات أمهر الرياضيين والفيزيائيين وعلماء ميكانيكا الموائع ومهندسي الطيران.

ثانيا -كما قلنا- إن نظرية كوتا هي النظرية المهيمنة في كل أقسام الميكانيكا والطيران في العالم، وفي جميع كتب الديناميكا الهوائية، ومن المتوقع أن تحل نظريتنا الجديدة العامة محل نظرية كوتا في أقسام الطيران على مستوى العالم.

هنا في جامعة "كاليفورنيا إيرفين" سيقوم زملائي بتدريس النظرية الجديدة العام القادم، أيضا زملائي في جامعة "فرجينيا تك" وفي بعض الجامعات الأخرى قرروا تدريس النظرية في مقرراتهم.

في حقيقة الأمر هذا ما أتمناه حقا؛ أن يتبنّى الأساتذة في بلادنا في أقسام الهندسة الميكانيكية وهندسة الطيران والفيزياء والرياضيات التطبيقية النظرية الجديدة ويفردوا لها بعض الوقت عند تدريس نظرية كوتا، حتى يعلم طلبتنا أن نظرية كوتا المهيمنة في عالم الطيران والتي يجدونها في جميع كتب الديناميكا الهوائية هي مجرد حالة خاصة من نظرية عامة وضعها شخص عادي جدا مثلهم، كان يجلس في المكان نفسه منذ 15 عاما.

المصدر: فلسطين الآن