من اللباقة الاجتماعية استخدام تعبير "مِن ذوي الاحتياجات الخاصة" بدلاً من كلمة "مُعاق". فالكثير من الكلمات تستخدم في المجتمع وقد تحمل مدلولات تمييزية أو عنصرية دون أن يتم استبدالها أو مناقشتها إعلامياً أمام الرأي العام. في أول يوم لعمل الصحفي الصيني شيتاو لي في ألمانيا، وبالتحديد في قسم اللغة الصينية لمؤسسة دويتشه فيله الإعلامية DW، خاطب هذا الصحفي رئيسه الجديد بكلمة (القائد)، وأحاطته نظرات الموجودين باستغراب وحيرة. الصحفي شيتاولي قال بهذا الشأن: "مصطلح (قائد) هو مصطلح طبيعي جداً بالنسبة لي في اللغة الصينية، لم أكن أعرف أن الناس لم يعودوا يستخدمون كلمة (قائد) في ألمانيا". والسبب في ذلك هو أن هذا اللقب كان يُطلَق على الدكتاتور النازي أدولف هتلر، في الرايخ الألماني الثالث. ولكن ليس فقط حين يتعلق الأمر بأوقات النازية تكون هناك كلمات محرمة في ألمانيا. ففي شهر يناير المنصرم 2013 كان هناك نقاش في أوساط الرأي العام الألماني حول مسألة ما إذا كان المصطلح العنصري "زنجي"، بالإنكليزية "Neger"، يمكن استخدامه حتى الآن في كتب الأطفال. ففيما يخص سلسلة قصص الأطفال الكلاسيكية: "الساحرة الصغيرة"، بالألمانية "Die kleine Hexe"، لم يكن معظم الألمان عام 1957 يعتبرون هذا المصطلح عنصرياً، لكن وجهة نظر الألمان أصبحت مختلفة حالياً. بعض النقاد يخشون من تشويه الأعمال الأدبية بتغيير الكلمات فيها بحجة "اللباقة الاجتماعية وصواب الخطاب السياسي العامّ". الصحفية الأمريكية كيت موزار محررة مواضيع الثقافة في القسم الإنكليزي في مؤسسة DW الإعلامية تعتبر أن هناك مشكلة في استخدام بعض العبارات في ألمانيا، وتقول: "اليوم نحن نستخدم في الولايات المتحدة مصطلح (الأمريكيين من أصل أفريقي) ولا نستخدم كلمات مثل (السُّود) أو (الملوّنين) التي ما زالت تستخدَم في ألمانيا" وتضيف: "إنهما كلمتان مثيرتان للامتعاض...". [title]تهمة المسّ بِـ "اللباقة الاجتماعية"[/title] الولايات المتحدة الأمريكية هي منشأ النقاش الدائر حول مبدأ اللباقة الاجتماعية وصواب الخطاب السياسي العامّ. وقد بدأت هذه الحركة الداعية إلى هذا المبدأ في ثمانينيات القرن الماضي. أنصار هذه الحركة يدعون إلى تفحُّص الألفاظ المثيرة للتحسُّس فحصاً دقيقاً، ويقولون إن: لغة التخاطب يجب أن ألاّ تميّز بين الناس على أساس لون البشرة أو العِرْق أو الدين. فإذا كانت الألفاظ المستخدمة جارحة أو تحمل معنى الاحتقار فيجب تغييرها ومراعاة مبدأ "اللباقة الاجتماعية وصواب الخطاب السياسي العامّ". ومثال على ذلك مصطلح: "الغجر" في ألمانيا، باللغة الألمانية "Zigeuner". فهذا التعبير كان مرتبطاً منذ أيام النازية بالـ "سرقة" وبصُوَر سيئة أخرى. ولكن الآن وبمراعاة مبدأ "اللباقة الاجتماعية وصواب الخطاب السياسي العامّ" فإن الألمان باتوا يستخدمون مصطلحاً آخر ليس فيه تجريح لهذه الفئة من الناس، وهو تعبير: "السسينتي والروما"، وباللغة الألمانية: "Sinti und Roma". ومن أمثلة ذلك في اللغة العربية استخدام تعبير: "ذوي الاحتياجات الخاصة" بدلاً من كلمة "المعاقين"، واستخدام مصطلح: "المثليين" بدلاً من تعبير: "الشواذ جنسياً". المعارضون لمبدأ "اللباقة الاجتماعية وصواب الخطاب السياسي العامّ" يرون أن استبدال الكلمات العنصرية، بكلمات أخرى غير جاحة، هو تغيير للواقع وللحقائق الاجتماعية. لكن الخبير باللغويات مارتِن فينغلَر، من جامعة ترير الألمانية، يقول إن هذا غير صحيح، وذلك "لأن اللغة لا تغيِّر الحقيقة والواقع فحسب بل إنها أيضاً تصنع الحقيقة وتخلق الواقع". فباستخدام تعبيرات لائقة اجتماعياً تقلّ نوايا الناس في احتقار بعض الفئات البشرية. [color=red][title][title]الأحداث التاريخية العنصرية ومبدأ اللباقة الاجتماعية[/title] يقول العديد من الصحفيين والمحررين في أقسام مؤسسة DW الإعلامية، كما في القسم الروسي والقسم الفارسي، إن هناك كلمات غير لائقة اجتماعياً تُستخدَم في بلدانهم ولكن لا يتم مناقشتها في الإعلام في بلدانهم، كما في إيران أو روسيا، ويرون أن عدم مناقشتها في الإعلام لا يعني أنها كلمات غير عنصرية. ولكن لماذا تنشأ مناقشات في إعلام بعض البلدان حول تعبيرات عنصرية معينة، ولا تتم مثل هذه النقاشات في إعلام بلدان أخرى؟ بهذا الشأن يقول أولريش أمون، أستاذ علوم اللغويات الاجتماعية من جامعة دويسبورغ-إيسِن الألمانية، إن ذلك يعود إلى مرور بعض الشعوب بأعمال اضطهاد وقتل وحشيّ. ففي الولايات المتحدة قامَت جماعة "كو كلوكس كلان" بأعمال قتل عنصري ضد الأمريكيين من أصل أفريقي، وفي ألمانيا قام النازيون بعمليات قتل عنصري للكثيرين. ومؤخراً، دارت في الهند نقاشات حادّة حول الشتائم والألفاظ العنصرية تجاه النساء، وذلك في أعقاب مقتل إحدى الشابات الهنديات بعد اغتصابها أمام خطيبها من قِبَل عدد من الرجال. فبعد مثل هذه الأحداث تنشأ نقاشات في الرأي العام وفي الإعلام تدعو إلى مراعاة "مبدأ اللباقة الاجتماعية وصواب الخطاب السياسي العامّ".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.