سلط قرار جهاز الشاباك الإسرائيلي برفض توصيات لجنة "تيركل" القاضية بتوثيق التحقيق مع الأسرى الفلسطينيين من خلال تصوير" فيديو"، الضوء على أساليب التحقيق القاسية الممارسة بحق الفلسطينيين التي تصل في بعض الأحيان إلى حد "جرائم حرب". وكانت صحيفة "هآرتس" ذكرت أن جهاز الشباك يرفض بشكل قاطع توثيق التحقيق مع الأسرى الفلسطينيين من خلال تصوير" فيديو" بسبب أن تلك التسجيلات تعيق دقة التحقيق ويعرض فحوى المعلومات الأمنية للتسريب. منظمة "بيت سليم" الإسرائيلية كان لها رأي آخر حيث وثقت في تقارير مختلفة حجم التنكيل الذي يتعرض له الأسرى في أقبية التحقيق، والذي يصل حد التحرش الجنسي خاصة مع الأطفال والشباب. ولأهمية الموضوع فرضت هذه التوصية نفسها على كافة وسائل الإعلام الإسرائيلية بين مؤيد ومعارض، لكنها اتفقت جميعها على أن من يحدد المصلحة العليا لأمن "إسرائيل" جهاز "الشاباك" نفسه. وعزا عدد من الأسرى المحررين سبب الرفض إلى حجم العنف والأذية التي يتعرضون لها والتي تتجاوز قدرة التحمل البشري. وقال الأسير المحرر موسى العواودة (40 عاما): "إن التحقيق الإسرائيلي محرقة قاسية، أنا أسجل اليوم شهادة قاسية، تعرضت للتحقيق ثلاث مرات متفاوتة، مضيت في كل واحدة منها أكثر من خمسين يوماً في الشبح المتواصل على مقعد صغير لا يتسع لي، وفي رأسي كيس من القماش منتن، وكانت هذه العملية تتم مع أجهزة صوت تبث على مدار الساعة ضجيجا يمزقك من الداخل". وأضاف: "جولات التحقيق تبدأ من خلال مجموعة من ضباط الشاباك الإسرائيلي، يوسعونك ضرباً حتى تصل إلى مرحلة الإغماء، ثم يتناوب الضباط على هزك العنيف حتى المقاربة على الموت". بدوره، قال الأسير المحرر محمد الأسمر: "تجربتي لم تكن عادية فقد اعتقلت وأنا أبلغ من العمر (16 عاماً) أمضيت في التحقيق حينها 120 يوماً، منها 90 يوماً في الشبح والتعذيب المتواصل .. في كل جولة بين المحققين كنت أصل إلى حد الجنون ، والهذيان ، المؤلم لي كان الأذية التي كنت أتعرض لها من خلال الشتم القاسي الذي ينال عرضي ، وأخواتي". أما الأسير المحرر سعيد محمد فكانت روايته مختلفة حيث قال : "التحقيق معي كان عبر عملاء يتبعون للشاباك وضعوني معهم في زنزانة، وأباحوا لهم فعل كل شيء من ضرب وتنكيل وتهديد بالاغتصاب". ورغم أن "الاغتصاب" ظل في عالم الأسرى مسكوتاً عنه إلا أن مؤسسات حقوقية ومنها مؤسسة "بيت سيلم" الإسرائيلية قالت : "كثير من الأسرى يتعرضون للتحرش الجنسي" وهذا ما يتفق معها فيه كثير من الأسرى". ويقول أسير محرر من مدينة الخليل -رفض الكشف اسمه- عن تجربة قاسية: "دخلت المعتقل في العام 2007 في سجن عوفر وكان عمري حينها 16 عاماً، أخذني ضابط الاستخبارات إلى غرفة صغيرة، أجلسني على كرسي، وبعدها دخلت مجندة تدعى ياسمينة، تعرت أمامي، ثم أخذت تقترب مني طالبة تقبيلها، هالني الموقف، وبدأت الصراخ والبكاء، وحاولت ضربها ، وبعدها أعادوني إلى الزنزانة". أسير محرر آخر عرف نفسه بـ"ع ح" شاهد آخر كانت روايته محرجة تلعثم وهو يتحدث: "لقد قام ضابط التحقيق، بإخراج عضوه الذكري مقرباً إياه إلى منطقة وجهي، مهددا باغتصابي وأنا مقيد اليدين". أما النساء في أقبية التحقيق فتظل الشهادة من جانبهن أكثر حرجاً ويصعب معها إيجاد من تتحدث في ذلك، لكن سجلت الأسيرة السابقة بعد التأكيد لها عن ترميز الاسم "م،ع " قولها: "ما ينطبق على واقع الأسرى الرجال يتكرر في عالم النساء، "إسرائيل" لا تراعي حدوداً في إجرامها، ولا يتسع حيائي كمناضلة لوصف ما لاقته أسيرات فلسطينيات على مدار عمر الحركة الأسيرة". ويقول مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى فؤاد الخفش: "يكفي الاطلاع على شريط التصوير الذي بثته القناة الثانية للتحقيق مع القائد اللبناني مصطفى الديراني والذي تجاوز فيه الشاباك كل محرم من تعرية للرجل، ثم التندر على تفاصيل عورته، هذا الحديث أضيف إلى اتهام الديراني نفسه الشباك باغتصابه خلال التحقيق معه". أما عميد الأسرى نائل البرغوثي فقال: "لقد وثقنا عشرات القصص في المعتقل، لحوادث لا يمكن الحديث عنها في وسائل الإعلام، لأن الحالة النضالية لا يمكن لها احتمال هذه التجارب القاسية على أصحابها، والتي تتجاوز كل مسوغات الفهم لدى البشر الطبيعيين. وبحسب شعوان جبارين مدير مؤسسة الحق والذي ذهب إلى أبعد من ذلك قائلاً "لقد سجلنا في مسيرة عملنا شهادات، لأساليب تحقيق تتجاوز حدود الأخلاق، بل إن بعض الشهادات تحدثت عن تصرفات يحاسب عليها القانون الدولي". وأضاف: "يكفي الرجوع إلى تقرير اللجنة الشعبية لمناهضة التعذيب الإسرائيلية والتي وثقت 800 حالة تعذيب مختلفة ، قدمتها للمدعي العام الإسرائيلي الذي لم يفتح أياً منها. يشار إلى أن لجنة تيركل تعتبر توصيتها غير ملزمة "للشاباك" بتصوير جلسات التحقيق ، لكن المسوغ لهذا الطلب بحسب اللجنة هو الآلية المتبعة في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وغيرها من دول العالم التي تتبع منظومة دولية تتسق مع إجراءات التحقيق في شبهة أعمال توضع تحت مسمى "جرائم الحرب".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.