14.67°القدس
15.11°رام الله
14.37°الخليل
18.62°غزة
14.67° القدس
رام الله15.11°
الخليل14.37°
غزة18.62°
الأربعاء 15 يناير 2025
4.42جنيه إسترليني
5.11دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.73يورو
3.62دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.42
دينار أردني5.11
جنيه مصري0.07
يورو3.73
دولار أمريكي3.62

ذوو الأسرى يعانون ..

خبر: "رحلة العذاب" تجعل الموت أمنية

"الموت وانتهاء حياتي بالشهادة كان أهون عليّ كثيراً من أن أراهما يعذّبان بهذه الصورة أثناء زيارتهما لي ، فهم لا يستحقان ذلك" أفكار لطالما غزت عقل الأسير المحرر عبد الرحمن شهاب الذي كان يرى في زيارة والديه له في السجون الإسرائيلية قطعة من العذاب كان هو سبباً في تكبدهما لها وتحملها لأجله . فمشهد أمه وهي تتوكأ على عكازها وبالكاد تستطيع السير بعد ثلاثة شهور على ذلك الحادث الأليم الذي تعرضت له على باب السجن قبيل زيارته لا يمكن له أن ينساه رغم أنه "أعاد له الحياة" كما يقول . فوالدة عبد الرحمن وخلال إحدى الزيارات وبينما تحاول عبور الطريق المؤدية إلى السجن الذي يتواجد فيه صدمتها سيارة مسرعة ما أدى إلى كسور في الحوض والقدمين لا زالت تعاني منها حتى الآن رغم مرور سنوات على هذا الحادث . وبعد أن علم عبد الرحمن بالحادث من رفاق الأسر حيث أن أخفا عنه والده الذي زاره في ذلك اليوم الخبر عاش أصعب أيام حياته يلوم نفسه ويفكّر في صحة أمه التي حاول بكل الطرق أن يزورها في المستشفى الذي لا يبعد عنه إلا قليلاً لكن الرفض الإسرائيلي كان حاضراً بقوة في كل مرة ، وحاول معرفة وضعها الصحي فقوبل على الدوام بالرفض أيضاً وعدم إعطائه أية معلومات . أكثر من سبعمائة أسير فلسطيني أغلبهم من قطاع غزة حرمهم الاحتلال حتى من نظرة حنان قد تنجح في اختراق ذلك الحاجز الزجاجي السميك الذي يفصلهم أثناء الزيارة وذلك على مدار ست سنوات خلت . فبعد أن نجحت المقاومة الفلسطينية في منتصف العام 2006 من أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط فرضت دولة الاحتلال على الأسرى الفلسطينيين سلسة من العقوبات الجماعية غير القانونية التي كان من أبرزها حرمان عدد كبير منهم وخاصة أسرى قطاع غزة من زيارة أهليهم . وبعد معركة "حجارة السجيل" التي سجلت فيها المقاومة الفلسطينية نجاحاً عسكرياً تبعه إنجاز سياسي كبير عبر فرض شروط المقاومة في اتفاق وقف إطلاق النار ومن أبرزها تحسين أحوال الأسرى اليومية والسماح لذويهم بزيارتهم وهو ما بدأ فيما بات يعرف بـ"برنامج الزيارات". " الزيارات متعبة جداً وأوضاعها مزرية للغاية والصليب الأحمر للأسف الشديد يقوم بدور سلبي للغاية في هذا الإطار فهو لم يساعد على الإطلاق في تخفيف الإجراءات القاسية وغير المبررة التي يتعرض لها ذوي الأسرى خلال رحلتهم للسجون والعودة منها " بهذه العبارات وصف الناطق باسم جمعية واعد للأسرى والمحررين عبد الله قنديل قضية الزيارات . فالزيارة تبدأ لدى أهالي الأسرى من الساعة الثانية فجراً حيث يخرج ذوو الأسرى وفي الغالب هم من النساء وكبار السن تلفهم العتمة ويلسعهم البرد في شهور الشتاء إلى معبر بيت حانون "إيرز" حيث ينتظروا تمام السادسة صباحاً لتبدأ الإجراءات . الإجراءات ليست إجراءات سفر أو رحلة أو ما شابه ، بل هي عذاب ومعاناة يعجز القلم عن توصيفها والنطق بكلمات تمثل حالتها ، فالتفتيش مرة في إثر أخرى ، وإذلال وتعمد لإرهاق أهالي الأسرى حتى يصعدوا الحافلات في طريقهم إلى السجون المختلفة التي يتوزع أبناؤهم الأسرى عليها . عند وصولهم لبوابات السجون تعاود الكرة مرة أخرى، تفتيش وإجراءات كثيرة وصعبة ومعقدة قد تصل إلى حد التفتيش العاري في أحايين متواترة . عند الدخول لمكان الزيارات تقابل أهل الأسرى حواجز زجاجية سميكة وحوائط عازلة للصوت وللأنفاس ولكل شيء ، وساعة تعد الوقت وتسرع الخطى كأنما تدفع دفعاً ، وحراس على الجانبين يعدون الأنفاس ، وسماعات مشوشة هي السبيل الوحيد لتبادل الأشواق والتعبير عن لوعة الفراق وتبادل الأخبار . هذا هو المشهد الذي يستمر لمدة لا تتجاوز الساعة إلا ربع في أحسن الأحوال للقاء قد يكلف أهل الأسرى أكثر من 17 ساعة أحياناً ليتمكنوا من الحصول على هذه اللحظات الغالية التي وصفها الأسير القائد حسن سلامة بكلمات تقطع نياط القلوب . يقول الأسير القائد حسن سلامة بعد زيارة أمه الأخيرة - والتي كانت بعد منع لسنوات طويلة وتعرضت خلالها الأم للتفتيش العاري والمعاناة القاسية- واصفاً مقابلته معها :"نصف ساعة مدّة الزيارة ضاع منها سبع دقائق أمضيتها جالساً أمامها لا أسمعها ولا تسمعني ،،لا صوت في سماعة هي صلة الوصل بيني وبينها ومع ذلك كانت تحدثني بعيونها، آه كم آلمني عكازك يا حجة وأنت تحاولين إخفاءه. دمعاتك التي تساقطت رغماً عنك هل ستسامحينني عليها وهل ستغفرين لي عجزي عن كفكفتها رجوتك بالإشارة ألا تبكي وكان كلي يبكي كان في داخلي طفلاً يصرخ ويبكي شوقاَ إليك" وأضاف :" ما أجملها من لحظات وهي تقبلني من خلال حاجز زجاجي كنت أمامها طفلاً يتمنى لو ارتمى بحضنها أو عانقها.. كنت مشتاقاً أن أنحني فأقبّل قدميها، أمي رغم كل الألم والوجع كانت سعادتي بك كبيرة وأنت أمامي تحدثينني وتسمعين مني كلمة أمي. تحدثنا كثيراً وسريعاً نتسابق مع الزمن ونتمنى لو يتوقف لكنه انتهى سريعاً وكأننا ما تحدثنا إلا دقيقة أو دقيقتان كانتا كل عمري، الذي عاد صباحاً حسن لك زيارة ،، لم أصدق !!" يتساءل حسن سلامة ورفاقه في أقبية السجون هل بعد هذه الزيارة من زيارة؟ هل سنعيش في الأسر سنوات طويلة تحت رحمة الاحتلال نتواصل مع الأهل من خلال الزيارة؟ .. أجيبوا يا أصحاب الضمائر التي ماتت فما عاد ينفع معها الكلام .