12.23°القدس
11.99°رام الله
11.08°الخليل
17.46°غزة
12.23° القدس
رام الله11.99°
الخليل11.08°
غزة17.46°
السبت 21 ديسمبر 2024
4.6جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.82يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.6
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.82
دولار أمريكي3.65

خبر: آخر ثوابت منظمة التحرير

منذ وقت ليس بالقصير لم أشاهد حرقة في التعاطي مع بعض القضايا الداخلية كما شاهدتها في موضوع قرار فرض الزي المحتشم على طالبات جامعة الأقصى بغزة... فمنظمة التحرير كانت محنطة كما وصفها البعض ولا تأثير لها على الرغم من كثرة همومنا الفلسطينية التي تحتاج إلى وقفات جادة.. فصوت المنظمة كان ولا يزال في قضية (الأسرى واللاجئين والقدس وحرب غزة وغيرها) خافتًا، وكنا نلتمس لمنظمتنا العذر بأن النوم بلغ منها لحد الشخير. وفجأة – والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه- تقفز منظمة التحرير وتبدو وكأنها في كامل صحتها وعافيتها ويقظتها، فتتكلم بصراحة لم تستخدمها مع دولة الكيان، ولكن ما هذا الحدث الجلل الذي أيقظ الدائرة الثقافية في المنظمة؟ إنه قرار أصدرته إدارة جامعة الأقصى تمنع الطالبة بموجبه من أن تكون عارضة أزياء داخل حرم الجامعة، فثارت المنظمة النائمة وتحرك عواجيزها، وكأن اللباس الفاضح من الثوابت الوطنية، أو بالأحرى هو آخر القلاع التي تتحصن بداخلها منظمتنا المبجلة. أؤكد أنني ضد أن يتدخل أحد في خصوصيات الناس، فالناس في الشريعة الإسلامية يولدون أحرارًا، والإيمان أصلًا لا يقبله الله ما لم يطمئن قلب صاحبه ويقتنع عقله. لكن في الوقت نفسه – وككل الثقافات والأديان والدول في العالم- يجوز للجهة المختصة أن تأخذ قرارات ترى أنها تفيد في تعزيز شيء مفيد أو تمنع شيئًا ضارًا، ومن هنا انطلقت فكرة الزي المدرسي مثلًا، وفكرة منع التدخين في الأماكن العامة، ومنع إدخال بعض البضائع، وغيرها من القرارات التي لم يقل أحد من العقلاء: إنها تقيد الحرية. منظمة التحرير لم تستطع أن تكظم غيظها أو أن تتصنع الحكمة في معالجة الأمر، بل كشرت عن أنيابها ودافعت عن آخر ثوابتها (اللباس الفاضح) ووصفت القرار بالطالباني والتعسفي وبالتأكيد سيغضبون لو وصف بيانهم بالعلماني!! وطالبت دائرة الثقافة والإعلام في منظمة التحرير في بيانها بمساءلة المسؤولين عن القرار وضمان عدم تكراره، لصالح دولة فلسطينية ديمقراطية حضارية تؤمن بحقوق الإنسان وتنصف المرأة على حد زعمهم!! ووصفت القرار بأن فيه خروجًا مُهينًا عن الأعراف الفلسطينية، وعن أخلاق وموروث شعبنا النضالي والاجتماعي التاريخي، واعتبرته ضمن الحملة التي تشنها حماس لترسيخ القيم الفاضلة!!! إِذا مَحَاسِنِيَ اللاتي أُدِلُ بِها كانت عُيُوبي، فَقُلْ لي: كيفَ أَعْتَذرُ؟ وبهمة عالية وسرعة منقطعة النظير في النظام البيروقراطي العربي استخدم وزير التعليم في حكومة رام الله صلاحياته واعتبر أن قرار إلزام الطالبات بالزي المحتشم لاغٍ ولا يجوز العمل به.. ولن أتطرق للأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الكلام وأصحابه، وأتمنى أن يصدر علماء الشريعة المستقلون في بلادنا بيانًا واضحًا في هذا الأمر. وكان القرار فرصة للبعض كي يغرد على لحنه القديم الممجوج الذي ينص على أن الإسلاميين قد ظلموا المرأة، وهذا يدفعنا لذكر بعض الأمور التي تحاول الأحزاب العلمانية واليسارية أن تنكرها وهي تتظاهر بأنها تنصر المرأة وأن الأحزاب الإسلامية تتعامل برجعية مع المرأة، لكن ليقرأوا هذه الحقائق الناصعة في قطاع غزة: من اليوم الأول لافتتاح الجامعة الإسلامية بغزة – التابعة لحماس- كانت الطالبات يدرسن كالطلاب ويقمن بكافة الأنشطة والفعاليات سواء بسواء، وبإمكان أي شخص زيارة الجامعة الإسلامية ليرى قسم الطالبات.. وهل يقل شيئًا عن قسم الطلاب إن لم يزد؟! كما أنه من المرة الأولى التي تقدمت فيها حماس للبرلمان أدخلت معها عددًا من النسوة عجز عن إدخال مثله المتشدقون بحقوق المرأة... إضافة إلى أن مؤسسات حماس النسائية كثيرة ومعروفة، وقيادات حماس من النساء يتقدمن الصفوف في الجهاد والإعلام والتعليم والسياسة. وسأختم مقالي بشيء يغيظ تلك الفئة المستشيطة غضبًا من الزي المحتشم، فأقول: كلكم يعلم بأن أحد أسباب فوز حماس في الانتخابات هو انتخاب فئة النساء لها بقوة وأغلبية، فيا ترى هل تنتخب النساء من يظلمهن؟! شيئًا من الرشد يا منظمة التحرير.. كفى مراهقة بالله عليكم!!