خلال المدة القصيرة التي أمضاها الشيخ رأفت ناصيف خارج قضبان السجون بين الاعتقال ما قبل الأخير والأخير الذي تعرض له فجر أمس الثلاثاء 12/2/2013، استطاع أن يترك أثرا بالغا خلفه، بتصريحاته النارية النابعة من قلب صادق وقناعة راسخة بالمنهج الرباني والدعوي والمقاوم الذي يؤمن به، وبدماثة أخلاقه وتواضعه، ومع هذا وذاك بابتسامته الساحرة التي أدخلته للقلوب دون استئذان. وأيضا هذه المدة القصيرة التي لم تزد عن ثلاثة أشهر فقط، أعاد ناصيف لحماس في الضفة الغربية وهجها، ورفع صوتها عاليا، وأعاد بعض المغروين الظانّين أن الحركة الإسلامية ذهبت إلى غير رجعة إلى صوابهم. لم يترك شيئا إلا وتحدث عنه، وأوضح موقف حماس منه دون خوف أو خشية من أحد. لم يسكت على ضيم وانتفض في وجه القمع وتحدث إلى الإعلام في كل مكان. تفتح المذياع صباحا فيصلك أثير صوته، تنظر إلى شاشة التلفزيون فتراه كالأسد الشامخ يدافع وينافح، كما أنه نشيط مميز على صفحات موقع التواصل الاجتماعية، نال إعجاب ومتابعة عشرات الآلاف، فباتت كل كلمة يدونها تصريحا صحفيا يتلقفه الصحفيون والإعلاميون العطشى لموقف حماس مما يجري في الضفة. [title]التدوينة الأخيرة[/title] وبصفتي أحد المشتركين على صفحته الفيسبوكية، فقد تلقفت ما خطه بيده قبيل ساعات من اعتقاله. حين كتب عدة فقرات شدد فيها على ضرورة إنهاء مأساة الاعتقال السياسي قبل الحديث عن أية انتخابات قد تجري هنا أو هناك، موضحا أن اعتقالات الاحتلال لم ولن ترهب الحركة من موصلة مشوارها المقاوم. لم تكد تمضي ساعات قليلة حتى أصبح الشيخ هو الخبر بعينه. فأمثاله يرهبون عدو الله وأعداء الوطن، ولا حل لديهم إلا بتغييبه عن الساحة، والزج به خلف القضبان، وهو للأسف ما كان. [title]تسعون يوماً من الحرية[/title] ويعد الشيخ ناصيف "47 عاماً" من قيادات حركة حماس في الضفة الغربية وأكثرها جرأة في الحديث باسم الحركة مؤخرا بعد محاولات الاحتلال ومساندة أجهزة السلطة لتغييب حركة "حماس" عن الساحة. تسعون يوماً فقط، هي مجموع ما أمضاه القيادي ناصيف في الحرية، فقد أعاد الاحتلال اعتقاله بعد أن أفرج عنه من سجن "رامون" في 11/11/2012، بعد 44 شهراً في الاعتقال الإداري. كان اعتقاله الماضي في آذار 2009 خلال حملة شنت ضد قيادات وكوادر حركة حماس بعد فشل المفاوضات بشأن صفقة الجندي الأسير "جلعاد شاليط" ليحول للاعتقال الإداري. وبعد الإفراج عنه برز الشيخ ناصيف في تصريحاته وتضامنه مع معاناة أبناء "حماس" في الضفة من خلال ممارسات أجهزة السلطة، فمثل الموقف المشرف للقادة الذين يتضامنون مع أبناء شعبهم أينما حلوا. [title]تاريخ مشرف[/title] وولد رأفت جميل عبد الرحمن ناصيف عام 1966 في مدينة طولكرم وهو متزوج وحاصل على شهادة بكالوريوس في التربية الإسلامية من جامعة القدس وانخرط في صفوف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" منذ بداية تأسيسها عام 1987م وهو أبرز قيادييها السياسيين في مدينة طولكرم وشغل منصب النَّاطق الرسمي باسم حركة حماس هناك. اعتقل ناصيف مرات عديدة ما بين عام 90-93 وخضع خلالها للتحقيق ومن ثم الإفراج عنه ليعتقل في عام 1994 لمدة عام ونصف وأفرج عنه في كانون ثاني عام 1996. وللأسف الشديد وكغيره من قادة حماس والمقاومة، اعتقل الشيخ لنحو عامين ونصف في سجون السلطة نهاية تسعينات القرن الماضي، وأطلق سراحه من سجن "جنيد" مطلع انتفاضة الأقصى ليمارس دوراً قيادياً في إدارة نشاطات وفعاليات الانتفاضة المجيدة. وخلال تلك الفترة لمع اسم ناصيف كناشط سياسي، وطورد لمدة طويلة، ووضع اسمه على قائمة التصفيات ليعتقل منتصف عام 2004 ويمضي في السجون أربعة أعوام ونصف أفرج عنه في نهاية عام 2008 ، ليعاد اعتقاله مرة أخرى بعد اقل من عام من الإفراج عنه وبالتحديد في 19/3/2009 بعد زواجه بأربعين يوما وليفرج عنه لثلاثة شهور وتعيد قوات الاحتلال اعتقاله الليلة الفائتة. وتعمل مصلحة السجون من وقت اعتقال ناصيف على عدم السماح له بالاستقرار في سجن أكثر من أربعة شهور وتعمد إلى تنقيله من سجن لآخر، لما له من حضور داخل أوساط الحركة الأسيرة ولتصديه المستمر لقرارات مصلحة السجون الإسرائيلية.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.