26.64°القدس
26.2°رام الله
27.19°الخليل
26.67°غزة
26.64° القدس
رام الله26.2°
الخليل27.19°
غزة26.67°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: دية القلوب المقتولة

"تزوجت امرأة ثانية وثار علي أهلي وقامت القيامة والمشاكل والآن سأطلقها، وستصبح مطلقة للمرة الثالثة وسأدفع لها مؤخرها، فهل علي إثم؟". هكذا وبمنتهى برود الأعصاب طرح أحد الرجال فتواه على أحد الشيوخ الأفاضل في برنامج إذاعي ليسأل عن الحكم في تطليق زوجته الثانية التي لم يمض لها على ذمته، وأي ذمة أو ضمير عنده، الا ثلاثة أشهر! غلى الدم في رأسي وبعد المداخلة في البرنامج والحديث الى المفتي تمنيت فقط أن أكون قاضيا، وسيرين الله ما أصنع بهكذا ذكور محسوبين على الرجال قسمة ضيزى بجعلهم عبرة لمن يعتبر بتهمة نقصان المروءة والأهلية العقلية والعبث بالأعراض والحرمات! لا يمكن لأحد أن يقول إن الطلاق حرام ولكنه حلال بغيض، ويا لدقة الوصف في تجلية معاني الاستبعاد واللجوء إليه كآخر الحلول، ولكن الإسلام العظيم الذي يتمسح به مثل هؤلاء من أشباه الرجال، فيسألون عن الحرام والحلال وكأنهم حريصون عليها ويحفظون: "الرجال قوامون على النساء"، و"فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"، ليس دينا قائما على القوانين والحدود فقط بل إن روح الأعمال والنوايا من وراءها هو ما يجعلها قابلة للرد أو القبول، بل لقد جعل الله القلب السليم أساس النجاة وموقع الإيمان والباعث على العمل، وفتح المجال للرحمة والرفق وحسن الظن قبل اللجوء الى القطع والبتر، فحتى المرتد الذي يقدم على كبيرة من الكبائر يستتاب لكيلا لا توقع عليه العقوبة وهذا يدل أن الشريعة روح سمحاء تريد حفظ النفس والعقل والقلب والمشاعر لا توقيع الحكم ولا تنفيذ العقوبة أو تحصيل الجزاء. ولذا كان من أعظم الأخلاق في ديننا التغافل والتغافر والصفح والعفو والسماحة وكل هذه الأخلاق من أعمال القلوب. والقلوب آنية الله في أرضه، ومن أجمل الأوصاف الشعبية على السليقة ما يقوله العوام من أن "ربك رب قلوب" ولهذا ارتبط بأسماء الله الحسنى كالودود والرؤوف والرحيم. والرسول صلى الله عليه وسلم كان دقيق العبارة عندما قال إن كسر المرأة طلاقها، وهذا بالرغم من وجود وأداء الحقوق المادية لأن هناك أشياء لا يعوضها المال ولا تغني عنها المادة، أشياء جعلت خولة بنت ثعلبة تشعر بالانتهاك الكامل في قضية الظهار فتشكو الى الله سبحانه ويخلد قضيتها في قرآن يتلى الى قيام الساعة ويجبر كسرها بالتكريم ورد الاعتبار ثم بالتشريع والأحكام. ثم أي امرأة تلك التي تتزوج بإرادتها وعينها على تحصيل المؤخر او (المهر المؤجل)، إن الساذجة تدخل مشروع الزواج وهي تظن أن كله حب وورود والمؤمنة تدخله سعيا لتحصيل المودة والرحمة والسكن وقلة قليلة تأخذ الرجل على ماله فقط وفي بالها حساب النفقات والأرباح والخسائر! أي مال يمكن أن يعوض امرأة طُلقت لثلاث مرات المرة الواحدة في مجتمعنا كفيلة بإلصاق عار وتهمة لا فكاك منها؟! أين كان عقل وأمانة وخلق ذلك الرجل الذي تزوجها ثم لم يصمد لكلام ونق وكيد النساء؟! وهل الرجولة إلا موقف وعهد وكلمة؟! ثم ألا تخشى النساء اللواتي حرضن وتأمرن على ما أحله الله خصوصا بعد نفاذه بالزواج أن يقتص الله منهن بذات الأمرة بدعوة تلك المطلقة؟! «فالذنب لا يبلى والديان لا يموت افعل ما شئت فإنك ملاقيه». إن هذا السفه الذي يحصل في أمور الزواج والتعدد والطلاق هو سبب الأمراض الاجتماعية التي نزعت القدسية عن الزواج وحولته من آية من آيات الله الى ممارسة محكومة بالأهواء والشهوات لا يختلف فيها البشر عن الحيوانات. في ميدان القلوب ليس الأجر مادة وليس التعويض مالا، وليس المعوض بشرا، فجبر النفوس لا يكون الا بيد خالقها الذي يختص ويصطفي ثلة من البشر لإجراء قدره، فكونوا أيها الرجال جبارين للقلوب لا جبابرة عليها فصفات الجبروت لله وحده يقصم بها الظالمين وليس للعباد الا التحلي بصفات الرحمة. لم يرض الرسول أن يكسر خاطر سودة بنت زمعة ويطلقها عندما طلبت اليه ان يحفظها لتلقى الله وهي زوجته وأم المؤمنين فأكرمها وحافظ عليها، فما يكون جواب هذا الرجل صاحب القصة وأمثاله لرب العزة لماذا فرطوا بوصية رسول الله الذي أوصى بالنساء خيرا. أيها الرجال لا تستقوا فالله أقوى. من يُقتل يُدفع له دية ولكن ما دية من يُقتل قلبها وهي حية تُرزق؟!