إسرائيل شركة استعمارية يديرها مجموعة من المغامرين وتجار البشر، لا يراعون حتى حياة أبناء جلدتهم، فقد خلعوا ثياب الإنسانية منذ زمن بعيد، فما بالك بطريقة تصرفهم مع من يعتقدون أنهم يسعون لمقاومتهم وإخراجهم، وربما "إبادتهم" كما يعتقدون؟ وسط المشهد الانتخابي الأخير، برز صوت لمرشح "خارج عن النص" لم يظفر حتى بمساحة إعلانية في أي وسيلة إعلام إسرائيلية، إذ رفض الجميع منحه هذه الفرصة، وضاع صوته وسط ضجيج الأيام والأحداث، إلا أنه لم يستسلم، مع أنه يعتبر "الصندوق الأسود" لحكام إسرائيل، كونه أمضى وقتا طويلا من عمله في دائرة صنع القرار الأولى في إسرائيل، وهو ديوان رئيس الوزراء. إنه الداد يانيف، المحامي الذي عمل مساعدا في مكتب رئاسة الحكومة الإسرائيلية لسنوات منذ أيهود باراك نهاية تسعينيات القرن الماضي حتى إلى ما قبل بضعة أشهر، عايش وعاصر كل رؤساء الحكومات آخرها حكومة نتنياهو، يانيف صعق من حجم الفساد" المهول" الذي حدث في عهد نتنياهو وكيف أغلقت ملفات فساد وقضايا شرطة وكيف تم تعيين كبار رجالات الدولة في صفقات فساد وكيف تم ابتزاز الكثير ومن يحكم إسرائيل فعلياً؟ والأصابع الخفية التي تحرك قيادتها وكيف تدار السياسة في إسرائيل.. كنز من المعلومات ينشرها يانيف دفعة واحدة، ويكشفها الكاتب أكرم عطا الله، في مقال بعنوان: ويكيليكس إسرائيل.. صندوقها الأسود يتحدث، ويحاول أن يُدخل العاصفة في فنجان، من خلال مروره السريع على ما باح به يانيف، ويكشف جوانب مذهلة من أسرار قادة إسرائيل، والمتحكمين بمصائر الملايين من البشر، عربا ويهودا! اكثر ما غاظني أن ذلك الكنز من المعلومات لم يحظ بما يستحق من اهتمام، فلم اجد ولو تعليقا واحدا عليه، بل لم يجد من يهتم به، أو يحاول نشره على أوسع نطاق، كي نفك رموز هذه "الدولة" العجيبة، التي ابتلي بها اليهود والعرب على حد سواء! يانيف قرر أن يشكل حزباً سياسياً قبيل الانتخابات الأخيرة في إسرائيل. أطلق عليه حزب "إسرائيل الجديدة" ، وعندما عرض دعايته الانتخابية على وسائل الإعلام رفضت جميعها مكتوبة ومسموعة أو مرئية قبول إعطائه حقه كما كل الأحزاب، فقرر بث دعايته على موقعه الإلكتروني الخاص الذي نشر خلال دعايته فضائح كان يجب أن تهز المؤسسة الحاكمة هناك، فقد كشف تواطؤ وسائل الإعلام وارتباطها بالمؤسسة الفاسدة في الدولة، الاتهامات التي يسوقها يانيف كفيلة باعتقاله ومحاكمته ولكن يبدو أن المؤسسة التي يتحدث عنها أكثر ذكاء بحيث لم تعتقله حتى لا تثير فضيحة أكبر وفضلت عدم إثارة الأمر، وهكذا لم يشاهد كثير من الإسرائيليين ما قاله الرجل وبالتأكيد ليس كثيرا من العرب ومراكز الدراسات التي تتابع الشأن الإسرائيلي! لقد وزع الداد يانيف اعترافاته على ثلاث عشرة حلقة يتحدث بها عن حقيقة المؤسسة الحاكمة في إسرائيل والعلاقات "القذرة"وكل حلقة حوالي ست دقائق، اعترافات مذهلة تعتبر كنزا للمتابعين للشأن الإسرائيلي وتعطي صورة أخرى عن طبيعة النظام واتخاذ القرارات إنها بمجموعها تمثل الوجه الأسود للقيادة الإسرائيلية وبالطبع لم يكذب الرجل فلو تحدث مدعيا ذلك لتمت محاكمته وسجنه، يبدأ اعترافاته بالقول "السياسيون يحتاجون المال، من يعتقد أنه قادر على ضرب إيران يشعر أنه امتلك العالم ولا تعود تكفيه الـ 40 ألف شيكل فيبحث عن المال بالطرق القذرة".. ويستطرد في حلقته الأولى قائلا" بيبي نتنياهو يتصرف كزعماء العصابات يخرج المال من جواربه.. رأيته يفعل ذلك في بيت والده عندما كان حيا في القدس! ويقول: أتذكرون تظاهرة ضباط وجنود الاحتياط بعد حرب لبنان عام 2006، يقول يانيف، كنت مع بيبي وكان حينها رئيس المعارضة رأيت نتنياهو يتحرك ذهابا وإيابا مع نتان ايشل مثل الفراشة هنا في فندق عزرائيلي، وفجأة طلب من ايشل الهاتف فأعطاه إياه، قال بيبي ليس هذا بل الأبيض، وهو الهاتف الذي ليس باسمه وغير مراقب وللعمليات الخاصة كما يفعل الخارجون عن القانون، هاتف غير معرف فقط للعمليات الخاصة، كان نتنياهو يقف في الوسط يوزع المال على يوأف هورفيتس وعوزي ديان الذي وصفه بالرجل الذي تصدر الأمر، كان يوزع المال عليهما، وهما كانا من رتبا بالمال تلك التظاهرة، وبعد فوزه ماذا حصل قال يانيف؟ عوزي ديان تولى مفعال هبايس "شركة اليانصيب "وهورفيتس تولى سلطة البث، إنه المشهد الأول من أسرار إسرائيل المذهلة، التي تسوق نفسها أنها واحة للديمقراطية والشفافية وسيادة القانون، وثمة المزيد مما لم يعرف بعد، ندخره لمقال يوم غد، إن شاء الله تعالى
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.