تشير تقديرات أجهزة الاحتلال التي أوردتها وسائل إعلام إسرائيلية، مساء اليوم، الإثنين، إلى أن منفذ عملية إطلاق النار في شعفاط، مساء يوم السبت الماضي، لا يزال يختبئ داخل المخيم ويتلقى مساعدات من الأهالي في شعفاط، ويخطط للوصول إلى الضفة الغربية المحتلة، رغم الحملة العسكرية الواسعة التي يشنها الاحتلال في محاولة لإلقاء القبض عليه.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ولليوم الثاني على التوالي، حصارها العسكري المشدد لمخيم شعفاط وبلدة عناتا شمال شرقي القدس المحتلة، وذلك منذ تنفيذ عملية إطلاق النار على الحاجز العسكري المقام على مدخل المخيم، التي قُتلت فيها مجندة وأصيب جنديان إسرائيليان آخران.
وتقول شرطة الاحتلال في القدس إنها تواصل "البحث عن فلسطيني تشتبه بأنه أطلق النار، مساء السبت، على عناصر من الجيش والشرطة الإسرائيليين عند حاجز عسكري على مدخل مخيم شعفاط، شمالي القدس". وأغلقت شرطة الاحتلال الطرق المؤدّية إلى مخيم شعفاط والأحياء الفلسطينية المجاورة، وهي عناتا وضاحية السلام ورأس خميس ورأس شحادة.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلي ("كان 11") أن تقديرات أجهزة الاحتلال الإسرائيلية تؤكد أن منفذ العملية يختبئ في شعفاط، وهو ينتظر اللحظة المناسبة التي يستطيع فيها الهروب إلى الضفة الغربية المحتلة، الأمر الذي كررته صحيفة "هآرتس"، مشددة على أن التحقيقات الإسرائيلية بيّنت إخفاق القوة العسكرية عند الحاجز أثناء عملية إطلاق النار وأن الجنود لم يعملوا وفق ما هو متوقع منهم.
وتنسب التقارير الإسرائيلية إلى الشاب عدي التميمي (22 عاما) من مخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين، تنفيذ عملية إطلاق النار الليلة الماضية، وأوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن "ليس لدى التميمي خلفية أمنية إذ لم يكن معروفا من قبل لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية".
في المقابل، ادعت صحيفة "هآرتس"، نقلا عن مصدر في أجهزة الاحتلال الإسرائيلية، أن لدى التميمي "سجل إجرامي يتضمن جرائم حيازة أسلحة واقتحام منازل، لكنه حتى الآن لم يُتهم بجرائم على خلفية قومية". وشدد المصدر على أن التميمي "لا ينتمي إلى أي من التنظيمات الفلسطينية".
ووفقا لصحيفة "هآرتس"، فإن تحقيق الشرطة بيّن أن القوة العسكرية عند الحاجز هربت من التميمي في بداية العملية، وبعد ثوانٍ بدأ اثنان من عناصر شرطة الاحتلال بإطلاق النار على التميمي الذي ركض هاربا باتجاه مخيم شعفاط القريب، في حين تردد عناصر الاحتلال وتأخروا بالشروع في عملية المطاردة.
وأظهر فيديو يوثق العملية أنها لم تستغرق سوى خمس ثوانٍ، تخللها إطلاق ثماني رصاصات، أصيبت المجندة باثنتين منها في الرأس، كما أصيب مجند آخر برصاصة في رأسه وعنقه، في حين اتخذ بقية الجنود وضعية الاستحكام.
وأشارت "هآرتس" إلى أن التوثيق يبين أن خللا في سلاح التميمي عطل إطلاق النار خلال العملية، إلا أنه تمكن من إصلاحه وأطلق النار بواسطته مرة أخرى، دون أن تحاول قوة الاحتلال التي تواجدت في المكان، إطلاق النار عليه.
واعتقلت أجهزة أمن الاحتلال والدي التميمي ويتم التحقيق معهما بينما سلم شقيقه قاسم نفسه طواعية، وكذلك فعل سائق السيارة التي أقلته إلى موقع العملية. كما اعتقل الاحتلال ثلاثة شبان في العشرينات من العمر، قال إنه يشتبه بضلوعهم في العملية وهم من سكان بيت حنينا ومخيم شعفاط وعناتا.
وبحسب مزاعم الاحتلال، فإن التميمي "استقل المركبة مع الشبان الثلاثة الذين وفروا له توصيلة إلى منطقة ‘موديعين‘، وعندما وصلوا إلى الحاجز ترجل هو من السيارة وأطلق ثماني رصاصات" على القوات التي تواجدت في المكان. ووفقا للتقارير الإسرائيلية، فر ركاب السيارة باتجاه عناتا بعد ثوان من بدء إطلاق النار، فيما فر التميمي سيرا على الأقدام باتجاه مخيم شعفاط.
وبين الحين والآخر، تندلع مواجهات بين المقدسيين في شعفاط وعناتا وضاحية السلام، وبين قوات الاحتلال التي تواصل مطاردة منفذ عملية شعفاط، وتنفذ اقتحامات لأحياء وبلدات مقدسية وتداهم منازل المواطنين وتقوم بعمليات تفتيش في المخيم الذي أغلقت جميع الطرق المؤدية إليه في عقاب جماعي تفرضه على الأهالي الذين تقيّد حركتهم.
وشهدت بلدة عناتا ومخيم شعفاط المتجاورين طيلة الليل وخلال ساعات نهار اليوم، الإثنين، مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، أصيب خلالها العشرات من المواطنين اختناقًا بالغاز المسيل للدموع، الذي أطلق بكثافة وطاول المواطنين داخل منازلهم.
يأتي ذلك في وقت امتدت المواجهات فيه إلى بلدتي العيسوية وسلوان وسط القدس المحتلة، حيث اندلعت هناك مواجهات عنيفة أصيب خلالها شاب من العيسوية برصاصة معدنية، وصفت إصابته بالمتوسطة. وصباح اليوم، أغلقت قوات الاحتلال حاجز قلنديا العسكري المقام شمال القدس، بذريعة الاشتباه بجسم مجهول، كما تشدد من إجراءاتها على حاجز حزما العسكري المقام شمال شرقي القدس المحتلة، وتقيد التنقل عبره.
الاحتلال يواصل حصار مناطق شمال شرقي القدس
وقال شهود عيان إن "الشرطة الإسرائيلية تمنع الدخول أو الخروج من هذه الأحياء، فيما تقوم بعمليات بحث واسعة عن فلسطينيّ تشتبه بأنه أطلق النار على عناصر الشرطة والأمن الإسرائيليين". كما تستخدم شرطة الاحتلال طائرات مروحية تحوم في أجواء الأحياء الفلسطينية، بحثًا عن منفذ عملية إطلاق النار.
وأضاف شهود العيان أن "الشرطة الإسرائيلية اعتقلت عددا من الفلسطينيين من هذه الأحياء خلال اليومين الماضيين". وأشاروا إلى أن "المدارس في هذه الأحياء أغلقت أبوابها الإثنين والأحد". وشوهدت في مداخل الأحياء المغلقة عشرات السيارات لفلسطينيين لم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم.
وخلال اليومين الماضيين، قام متطوعون بتوزيع الطعام والمياه على العالقين. وأفاد شهود عيان باندلاع "مواجهات متقطعة داخل الأحياء بين فلسطينيين يرشقون الحجارة، وقوات الشرطة الإسرائيلية التي تطلق قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية".
ومساء الأحد، أعلنت شرطة الاحتلال الإسرائيلي "اعتقال 4 مشتبه بهم بالضلوع في عملية إطلاق النار وتم تمديد اعتقالهم على ذمة التحقيق لمدة 8 أيام". وقالت "تتواصل المطاردة المكثفة لمنفذ عملية إطلاق النار بمشاركة قوات كبيرة من الشرطة وحرس الحدود، وجهاز الأمن العام (الشاباك) والجيش الإسرائيلي، تساندهم مروحية شرطية وبمشاركة وحدات خاصة".