20.8°القدس
20.54°رام الله
19.42°الخليل
25.68°غزة
20.8° القدس
رام الله20.54°
الخليل19.42°
غزة25.68°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

خبر: الترهل الزوجي

كما تصاب المؤسسات بالترهل الإداري الناتج عن غياب الوعي التطوير والمتابعة واللامسؤولية، يصاب الزواج ومؤسسة الأسرة بالترهل وقد عبر أحد الظرفاء عما يصيب الأسرة من تغيرات بعد سنوات قليلة فقال: نظرة فابتسامة فزواج فبيت فحبيبي فعمري فحياتي فأطفال فجيب معك حفاضات فجيب معك حليب فجيب معك ربطة خبز! وقد يتعدى الأمر الطرافة ويتطور الى مصيبة تهدد كيان الأسرة واستقرارها عندما يصاب الزوجان بالملل، وتتحول الحياة الى مجموعة من الأعمال الروتينية الرتيبة التي لا حياة فيها ولا روح ولا نية! إن وجود الروح أساسي في تحقيق الآية من الزواج فالمودة والرحمة والسكن هي مشاعر وأعمال تنتظم الزواج من مبتدئه الى منتهاه، وليست مقصورة على أيام أو أعياد أو شهر أو سنين معدودة ثم تنطفئ جذوة الحب المشتعل، ويختفي الكلام الجميل والهدايا والرسائل، وقد ينظر الرجل الى زوجته وتنظر اليه ثم يفكران في صمت: «ماذا يمكن ان يكون أعجبني فيك يوما؟!» إن المشكلة الأساسية أن المقبلين على الزواج لا يعرفون لماذا يتزوجون، فمنهم من يتزوج كعادة اجتماعية لبلوغ سن الزواج، والقيام بما قام به الآباء حتى تستمر السلالة، وبعضهم يتزوج حتى يقضي حاجاته بالحلال؛ لأن ذلك أفضل من الحرام على كل الأحوال، وهذه كلها أسباب مقبولة، ولكن ما يبث الروح المتوقدة في الزواج ويكفل استمرار الحالة الشعورية الرومانسية كأيام الخطبة التي يتحسر عليها المتزوجون، هو أن يفقه الزوجان أن الزواج وكل ما يتخلله من سعادة وهموم عبادة يؤجر عليها المرء بجمالها وعنتها، فقد جاء في بعض الآثار أن «من الذنوب ما لا يكفره الا الهم بالعيال»؛ بمعنى السعي على قوتهم ويقاس عليه أن من الحسنات ما لا يستجلبها الا الاهتمام بهم ورعاية الأسرة، والعطاء المعنوي والمادي يجب ان يعتمد على المبادرة دون الانتظار، ولذلك قال سبحانه: (وقدموا لأنفسكم) حتى يؤكد الالتحام بين الزوجين والذات الواحدة، ويطيب خاطر الطرف الذي يقدم حتى وان لم يلق ردا أن ما يقدمه هو خير لنفسه، وأن النفس المعطاءة هي الأصل في الزواج، وأن الأصيل لا يحتاج ثمنا لأصالته ولا شكرا، فمجرد العطاء يشعره بالسرور، ويكفيه عن الثناء وُجد ام لم يوجد. إن التغيير سنة في كل شيء، وفي الزواج أيضا فلا يمكن أن تكون السنة الأولى من الزواج كغيرها مما يليها، فخال البال ليس كالمشغول، والمسؤول عن اثنين ليس كالمسؤول عن ضعفهم او أكثر، ولذا كانت مشاعر المودة والرحمة والسكن الموصوفة في القرآن أكثر عمقا من مشاعر الحب والهيام والعشق في أول الزواج، وعلى الزوجة أن تدرك أن الرجل يختلف في تعبيره عن الحب، فتفهم لغته ويفهم لغتها حتى يلتقيا في منتصف الطريق، فربطة الخبز التي يسخر منها المتندرون قد تكون وسيلة الزوج والأب في التعبير عن حبه والتزامه بالأسرة، ويكون معناها: «أنا جملكم، أنا راعيكم، أنا أسهر على راحتكم وطلباتكم»، وهنا نعود الى ذات الأمر في فهم المقاصد، وأن الزواج عبادة، وبذا يكون البذل المادي في زمن صعب جزءاً من المحبة؛ ولذا قيل: «إذا رأيت الرجل يقتر على عياله، فاعلم أن عمله مع الله أخبث»، وبالمقابل جعل اللقمة يضعها الزوج في فم زوجته له بها أجر، والوصف بحد ذاته مغرق في الرومانسية وحسن التعامل قبل أن يُدون في الكتب تحت اسم «الاتيكيت»، «لقمة يضعها الرجل في فم زوجته» يطعمها بيده، يشرب من حيث شربت من الكأس، يزيد حنانا عليها في أوقات معينة من الشهر، وصلى الله عليك يا حبيبنا كم نحن بدون سنتك، وبدون رجال يقومون بها مقطوعات من شجرة، ومقطوعات من حب! إن السبب في الترهل الزوجي أن الأزواج يعاملون بعضهم كشيء مسلم بهfor granted فلا بأس إن أصبحنا أشعثين أغبرين مهلهلين لا يصدر من أفواهنا سوى التذمر والتأفف، فهذا زوجي وهذه زوجتي، ملكي ولي، ونعرف بعضنا وتعودنا ونسامح وبيننا عِشرة وأولاد، وليس من هذا المراح رواح! كان حب عائشة وأمهاتنا لسيدنا رسول الله عقدة لا تنفك، ولكن ذلك لم يمنعه وكان فوق الأربعين، وقد بلغ أشده صلى الله عليه وسلم من أن يُعنى بحاجاتهن القلبية والنفسية، فيدلل ويغازل ويخرج معهن للتنزه والسباق والترفيه، ويستأذن أن يُمرَّض عند عائشة في موته؛ حتى لا يتسبب لأي واحدة منهن بحزن ولو في هذه اللحظة العصيبة، ليؤكد صلى الله عليه وسلم أن ما بُني على مودة ورحمة وسكن يجب أن ينتهي على ذلك حتى خروج الروح الى بارئها. لقد كان عند واحد من أرجل الرجال ذرية وأولاد، ولكن ذلك لم يمنع علي بن أبي طالب من التغزل بفاطمة الزهراء، وهي تستاك بسواك فقال على مسمعها: حظيت يا عود الآراك بثغرها أما خفت يا عــــــــــــــــــود أراكا لو كنت من أهل القتال قتلتك ما فاز مني يا سواك سواكا كم من الوقت احتاج سيدنا علي لهذا الموقف؟ ليس طويلا ولكنه كان كفيلا بإرسال كل رسائل الحب والمودة التي تحتاجها أي امرأة لتتحمل كل ضنك الحياة المبادرة، الاستمرارية، النفس الطويل، التجديد، الإبداع والشعور بالفرح والأجر من الله كفيل أن يعيد الروح والحب والبركة بإذن الله الى البيوت التي انطفأت فيها. قال زوج لزوجته: بدنا اليوم شوية رومانسية، فاتصلت في جارتها تسألها، فقالت لها: لا أعرف، ولكن احتياطا فلفلي رز! الرومانسية ليست اختراعا عجيبا، ولا فلسفة ولا كلام أطفال أو قلة عقل، إنها وفاء محمد لخديجة، وحبه ودلاله لعائشة، وذمته لحفصة، وتقديره لأم سلمة، واحترامه لزينب، وتعهده لصفية، ومراعاته لماريا. أما من النساء فهي إيثار هذا النوع من الأزواج على الدنيا بما فيها، وهذا كان خيار أمهات المؤمنين عندما خيرن بين متاع الدنيا والبقاء مع رسول الله. هي الروح إذا انطفأت مات كل شيء! فأعيدوا الروح الى بيوتكم حتى يعود الحب وتعود السعادة.