اهتمام متزايد باتت تظهره النساء بكرة القدم؛ خاصة في ظل استمرار ومشاهدة مباريات كأس العالم 2022 والمقام في دولة قطر العربية، فالمتابعة النسائية فاقت التوقعات لمباريات المونديال، حيث استثمرت العديد من النساء في قطاع غزة الأجواء الحماسية لمتابعة مباريات كأس العالم في ظل ضغوط الحياة الصعبة التي تعشيها المرأة الفلسطينية في قطاع غزة.
وتختلف الآراء حول متابعة مباريات كرة القدم وكأس العالم بالنسبة للمرأة الفلسطينية، فمنهن تمنت أن تكون وسط الملاعب بين الجماهير لتشجيع فريقها المفضل، وأخريات لا يعرفن شيئا عن كأس العالم، بل ولا يرغبن أن يأتي هذه البطولة لأنها تسبب لهن بعض المشاكل مع أزواجهن والأصدقاء، وبعضهن اعتبر البطولة وسيلة من وسائل التسلية.
وفي إطار هذه المقدمة، ترصد "فلسطين الآن" رأي المرأة الفلسطينية حول متابعة ومشاهدة مباريات كأس العالم.
أجواء حماسية
وقالت الطالبة فاطمة شعت والتي تدرس في جامعة الأقصى تخصص تربية رياضية، إن متابعة مباريات كأس العالم يختلف كلياً عن متابعة المباريات الأخرى، مبينة أنها تشعر بأجواء حماسية وهي تشاهدها، خاصة أنها في دولة عربية.
وأوضحت شعت في حديثها لـ"فلسطين الآن"، أنها لا تهتم كثيراً بكرة القدم، رغم أنها تدرس الرياضة في جامعتها، إلا أنها تحب مشاهدة مباريات كأس العالم، مشيرة إلى أن الأجواء تكون مختلفة والتجهيزات لها تكون بشكل آخر، والأجواء تكون أجمل وأكثر حماسية.
وأضافت: "أتابع المباريات بمفردي، خاصة لأن أهلي ليسوا من عشاق الرياضة، وأحب أن أرى كيف تتحدى المختلفة بعضها على أرض الملعب (..) وجود فرق عربية داخل المنافسة يشجعني أكثر على المشاهدة".
وتابعت: "إقامة كأس العالم هذا العام في قطر أعطاني حافزا مضاعفا للمشاهدة (..) لقد أثبتت قطر للعالم أن العرب يستطيعون تنظيم حدث على هذا المستوى. أنا فخورة أن بلدا عربيا استطاع أن يقوم بذلك".
وأكملت: "لا أتابع مباريات كرة القدم بانتظام ولكني أتابع مباريات كأس العالم خصوصا بسبب المشاركة العربية، مؤكدة أن الشعوب العربية ستظل واحدة وتؤازر بعضها وأي فريق عربي يمثلنا جميعا".
وأشارت شعت في حديثها لـ"فلسطين الآن"، أنها لا تشجع الفرق العربية فقط، ولكنها تتابع جميع المباريات وتشجع المنتخب الأرجنتيني، مبينة أن متابعة كرة القدم قد يكون لها أثر نفسي جيد في ظل ضغوط الحياة في قطاع غزة المحاصر.
وأكدت أن متابعة الناس في قطاع غزة للمباريات وخاصة النساء، يساعد على الانفصال عن مشاكل وضغوط الحياة اليومية.
أكسب الرهان
بدورها قالت الطالبة فداء شراب (22 عاماً)، والتي تدرس تخصص التمريض في جامعة فلسطين، إنها من المهتمين بشدة لمتابعة مباريات كأس العالم في هذا العام، خاصة وأنها تقام في دولة قطر، مشيرة إلى أنها من الأشخاص الغير مهتمين بالرياضة في الأصل.
وأشارت شراب في حديثها لـ"فلسطين الآن"، إلى أنها تحضر جميع المباريات في كأس العالم، مبينة انها تعيش حالة من الأجواء الحماسية في مشاهدة المباريات، خاصو العربية، إلى جانب أهلها في البيت، والذين يتابعون مباريات كرة القدم طوال العام، حتى الكرة المحلية".
وأضافت: "أمنيتي أن أتابع المباريات في ملاعب المونديال في قطر، ولكن في الواقع أنا أتابع المباريات في المنزل واهم شيء عندي مباريات المنتخبات العربية، متمنية أن يشارك المنتخب الفلسطيني في هذه البطولة في المشاركات القادمة".
وتابعت: "منذ بداية المونديال احتفظت عبر هاتفي برزمانة ومواعيد المونديال من موقع الفيفا لمتابعة المباريات في المنزل بصحبة الأهل وانا متشوقة لها خاصة أنني لأول مرة أتابع المباريات بهذا الحماس الكبير".
واختتمت شراب حديثها: "الجميل في الأمر أن صديقاتي دائماً يراهن ضدي وفي النهاية يخسرن وأنا أربح الرهان".
خلافات زوجية
وعلى عكس الشغف والحماس بمتابعة مباريات كرة القدم، ثمة نساء أخريات يعشن حالة من الخلافات الزوجية، فقد اعتبرت ربة أحد المنازل في قطاع غزة والتي رفضت الإفصاح عن اسمها في هذا التقرير، أن كأس العالم يسبب لها المشاكل، معربة بشدة عن كرهها للمونديال وكرة القدم، لأنها كادت أن تتطلق من زوجها بسبب خلاف بينهما فهو يهملها وأولادها طوال شهر المباريات.
وأضافت في حديثها لـ"فلسطين الآن": المونديال له ذكريات سيئة، فهو يجلب لنا المشاكل البيتية، وأحاول أن أعتزل الجميع في البيت خلال مشاهدتهم للمباريات حتى لا نقع في المشكل، خاصة أن زوجي يعشق كرة القدم".
وتابعت: "كرهي للمباريات يزداد في كل عام، رغم أن بعض صديقاتي مهتمات بشدة في كرة القدم، مؤكدة أنها حزينة جداً لأن كرة القدم تعزلها عن أهلها وصديقاتها ونشاطها".
ليست حكراً على الرجال
بدورها أكدت الصحفية الرياضية نيلي المصري، أن هذه النسخة من كأس العالم شهت متابعة النساء والفتيات بشكل لافت، بغض النظر عن بعض النساء اللواتي لا يعرفن شيئا في كرة القدم وتفاصيلها، معتبرةً أن كاس العالم مناسبة جميلة يحتفى بها الجميع ومن نقطة عيش الأجواء الجميلة تشجع؛ ناهيك عن النساء الملمات بتفاصيل كرة القدم ومعرفة المزيد فهن لا يفوتن أي مباراة ويتابعن بشغف وهذا ما يجعل الأجواء أجمل.
وقالت المصري في حديثها لـ"فلسطين الآن"، أنها في بداية البطولة كانت تذهب لصالة الشهيد سعد صايل لالتقاط الصور للمتابعين والمشجعين وخاصة الاطفال الحضور في الصالة والذين يتابعون مباريات كأس العالم عبر شاة عملاقة وضعتها اللجنة القطرية لإعمار غزة، مبينة أن المشهد كان جميل جدا.
وأضافت: "أحيانا أتابع بعض المباريات برفقة صديقاتي أما المباريات التي في توقيت متأخر أتابعها من البيت برفقة أخي وشقيقاتي".
وتابعت: "كنت مسرورة جداً بتواجد العرب في كأس العالم، خاصة أن المونديال يقام في دولة عربية، وتمنيت من كل قلبي استمرار منتخبات تونس والسعودية، متمنية ان يستمر المنتخب المغربي في البطولة، ويحمل لنا الأخبار السارة، لأننا بحاجة لفرحة تسود كافة أرجاء الوطن العربي".
وعن طقوسها في متابعة مباريات المونديال، أشارت المصري إلى أن الأجواء تكون حماسية، فعين لي على المباراة وعين أخرى على الموبايل، أتباع فيها مع صديقاتي ردات الفعل الحماسية، خاصة عندما نشجع فريق مختلف، ناهيك عن جلب الأطعمة والمشروبات والمسليات، قائلة بابتسامة كبيرة (ممنوع حد في البيت يطلب مني شي خلال المباراة).
واختتمت المصري حديثها برسالة موجهة للمنتقدين للمرأة بحضور كرة القدم، قائلة: "كرة القدم ليست حكراً على الرجال لماذا تستهينون بقدرات المرأة في المعرفة والمتابعة؛ يبدو ان هذا امتداد لثقافة بالية وصورة نمطية للمرأة رسمها المجتمع العربي والآن آن الأوان لان تتغير، دعوها وشأنها ان لم تعرف تفاصيل كرة القدم فهي سعيدة بمتابعتها أكبر بطولة في العالم مع عائلتها".
كما طالبت المصري، السيدات المتابعات لكرة القدم، بعدم الانجرار لما يقال من نقد غير سليم، (..) تابعن وعشن الاجواء مع عائلتكن، وارسمن الفرح على ملامحكن فليس شرطا ان تكوني ملمة بقانون كرة القدم لتشجعي".
ظاهرة قديمة
أما الصحفية الفلسطينية شيرين خليفة، فاعتبرت أن متابعة النساء للرياضة وخاصة كرة القدم هي ظاهرة قديمة، ولكن ربما تكون زادت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ابتداء من ظهور الفضائيات العربية التي تنقل المباريات أولًا بأول ولاحقًا مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي سهّلت من ناحية نقل المباريات خاصة في الدوريات الكبرى بشكل مباشر، ومن ناحية ثانية ساهمت في تشجيع النساء على عرض آرائهن حول المباريات، لذا نستطيع القول إن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في إظهار الصوت النسوي في المتابعة وأيضًا النقل المباشر ساهم في زيادة المتابِعات النساء، المعروف أن الرجال يحضرون المباريات عادة في الكافيهات وهي ليست متاحة للنساء بالتالي فإن وسائل التواصل الاجتماعي هي الخيار لهن.
وقالت خليفة في حديثها لـ"فلسطين الآن"، إن متابعتها لمباريات مونديال قطر 2022، يكون في البيت مع العائلة رفقة إخوتها، مبينة أن كأس العالم يحضره غالبية أفراد الأسرة".
وأضافت: "ليس هناك طقوس محددة فقط نعدّ الشاي أو القهوة، وأثناء المباريات نضع طبقًا من البرتقال أو البسكويت خاصة مع وجود أبناء إخوتي معنا".
وفي سياق تواجد المونديال في بلد عربي إضافة لتواجد المنتخبات العربية، أكدت خليفة أن هذه المرة أجواء المونديال مختلفة باعتباره أقيم في بلد عربي ومع هذا التنظيم الذي يدعونا للفخر بما تقدمه قطر، أما عن مشاركة المنتخبات العربية فأيضًا كان من دواعي فخرنا وجود أربع منتخبات، (..) صحيح توقعنا ما هو أكثر من المنتخب القطري، وتمنينا لو صعدت السعودية لدور الـ 16 برفقة المغرب، ولكن بكل الأحوال نأمل التوفيق للمنتخب المغربي في هذا اليوم في مباراته أمام أسبانيا، فعليًا هو مؤهل بقوة وقدم مباريات رائعة بأداء عظيم وخطوط متماسكة.
وقالت: "بالنسبة لي أشجع كل المنتخبات العربية وحاليًا العيون نحو المغرب، وأرجح أن تصعد البرازيل للنهائي ويعانق نجومها الكأس السادسة في تاريخ السيليساو، وشخصيًا أحب المنتخب البرازيلي".
واستغربت خليفة وجود فكرة منتقدين لحضور ومتابعة المرأة لكأس العالم، مؤكدة انها لم تستغرب خاصة أنها شاهدت على السوشيال ميديا الكثير من التعليقات الساخرة، ومع ذلك قارنت بين آراء هؤلاء المنتقدين وآراء من أعرفهن من النساء متابعات كرة القدم فوجدت النساء لديهن وعي أعلى، وبالمناسبة أنا لم أسمع أي انتقاد لمتابعة النساء من قبل ممن يفهمون كرة القدم جيدًا، كل الانتقادات تأتي من سواهم.
وحثت خليفة في ختام حديثها النساء، إلى مواصلة متابعة ما يحببن وليس لأحد فرض تابوهاته على النساء، "من لديه تابوه فليمارسه على نفسه وليترك النساء وشأنهن".
مشاهدة مميزة
وفي إطار الحماس والتفاعل مع أجواء المونديال، اعتبرت الشابة والمتابعة للمونديال ملك أبو عودة، أن هذا المونديال شهد مشاهدة مميزة وخاصة من العرب كونه لأول مرة يقام في دولة عربية.
وأكدت أبو عودة في حديثها لـ"فلسطين الآن"، أن متابعة المرأة لكرة القدم حق من حقوقها الترفيهية، مؤكدة أن لها كامل الحرية في مشاهدتها كونها جزء مهم ومؤثر في المجتمع ولها كيانها الخاص بها في التعبير عن حرياتها ورغباتها.
وأضافت: "أنا كشابة أتابع كرة القدم بشكل عام ولكني أتابع المونديال هذا العام بشكل خاص جدا بدوافع قومية وعروبية كونة أقيم في دولة عربية وهذا يضيف نوع من الفخر والاعتزاز لنا كعرب في شتى المجالات".
وتابعت: "أشجع بالدرجة الأولى المنتخبات العربية وأخص منتخب المغرب كونه الأجدر والأقوى من بين المنتخبات ومن ثم أشجع منتخب الأرجنتين وأرى أنه يستحق كأس العالم طالما فيه النجم المحترف ليونيل ميسي والذي اعتبره من وجهة نظري نموذج وموسوعة ومثال يحتذى به لكل لاعب عربي وأجنبي ولكل من لديه الرغبة في ممارسة كرة القدم".
ووجهت أبو عودة في سياق حديثها لـ"فلسطين الآن"، رسالة لكل منتقد لمشاهدة المرأة لمباريات كأس العالم، مبينة أن المرأة جزء لا يتجزأ من المجتمع بل تمثل الجزء الأكبر في كافة المجتمعات، وترى أن وراء نجاح كل لاعب مميز في المونديال وغيره هو تشجيع امه له لاسيما لا أرى أن أي نوع من الرياضيات مختصة لجنس دون الآخر على العكس تماما هناك الكثير من الفتيات يبدعن في كرة القدم بكل الاحترافية.
واختتمت حديثها قائلة: "رسالتي لكل سيدة تتابع حديثا رياضة كرة القدم، شاهدي ومارسي كل ما تحبين واستمتعي بوقتك وبحياتك وتمتعي جيدا بكرة القدم لأنها ليست مجرد كرة، بل هي عالم من المتعة والإصرار والحب والعزيمة ولا يفهمه الا القليل.
أجواء استثنائية
أما الصحفية الرياضية الفلسطينية أحرار الجبريني، فاعتبرت أن كأس العالم يختلف عن غيره من المسابقات الرياضية بغض النظر عن اللعبة كون لها أجواء استثنائية، باعتبار أن كرة القدم هي اللعبة الأكثر متابعة من قبل الجماهير.
وقالت الجبريني في حديثها لـ"فلسطين الآن": "كرياضية بلا شك انني متابعة لأغلب مباريات كأس العالم أتابعها باستمتاع خصوصًا أن هنالك منتخبات عربية كانت مشاركة ولغاية اللحظة مازالت المغرب موجودة، وفي طبيعة الحال أركز على معرفة مواعيد المباريات لأنني اتابع ما قبل بداية المباراة الاستوديو التحليلي وما بعد انتهاءها كذلك الامر".
وأضافت: "لا يوجد فرق بين امرأة ورجل في متابعة المباريات فطبيعة الانسان وتركيبته مختلفة بدرجة اهتماماته ولكن كسؤال أن نسبة النساء تزداد من مونديال لآخر وذلك لعدة أسباب منها طبيعة الأجواء تحتم عليهن المتابعة، أو يمكن لأن دولة عربية مستضيفة لهذا الحدث، أو ربما بدافع العروبة كون منتخبات عربية مشاركة، إضافة لتطور الثقافة الرياضية ومفهوم كرة القدم".
وتابعت:"انا سعيدة جدا بأن النساء والفتيات أصبحت يتابعن بشغف والبعض منهن أصبح يعرف أسماء اللاعبين وعلى دراية شبه كاملة بمراكز لعبهم داخل الملعب".
وأكملت: "كاس العالم هذه المرة في قطر من خلال الملاعب المبهرة والترتيب والتنظيم المميز والنتائج التي كانت مفاجئة يختلف عن غيره من المباريات".
وبشأن متابعة المباريات في أوقات العمل الخاص والبيتي، أكدت الجبريني أن مواعد المباريات تأتي في الأوقات المناسبة.
وأوضحت: "أنا أصل المنزل من عملي وأجهز الطعام لأفراد أسرتي وأقوم بتدريس أبنائي ثم يكون موعد الغداء مع موعد اول مباراة، مبينة أن تنظيم المونديال جعلها برفقة العائلة متابعين لكل التفاصيل، وأصبحنا نحن والعائلة مجتمعين نتابع ونشجع المنتخب الذي نحبه، إضافة لتحضير الأطعمة والمشروبات أثناء مشاهدة المباريات".
وبخصوص متابعتها للفريق العربية في المونديال، أكدت الجبريني أن كرة القدم تتطور في كل سنة وأصبحت الفروقات بين منتخبات الصف الأول والمنتخبات الاخرى قريبة جدا، مشيرة إلى أن مشاركة العرب في هذا المونديال كانت جدا رائعة، خاصة مع الانتصارات على الفرق العالمية والمرشحة للبطولة.
وأشارت إلى أن المنتقدين لحضور المرأة لمباريات كأس العالم، هم أنفسهم منتقدين لتنظيم قطر للمونديال وتحدثوا عن الأموال التي دفعت من أجل كأس العالم، فتغافلوا بأن حصول قطر على تنظيم المونديال كان ايجابيا لكل العرب فاختلفت نظرة الغرب عن العرب وعن ديننا الاسلامي، مشيرة إلى أن الناس المنتقدين لحضور المرأة أصبحت فئة قليلة وهم من محاربي النجاح.