بالتزامن مع التوتر المتصاعد بين واشنطن و"تل أبيب" حول قضايا سياسية، ومع صدور المزيد من التقارير حول تراجع شعبية دولة الاحتلال بين يهود أمريكا، كشفت أوساط إسرائيلية عن واقعة تحدث لأول مرة منذ سنوات طويلة، وتمثلت في عدم ذكر اسم "إسرائيل" خلال إحياء عيد الأنوار للجالية اليهودية داخل البيت الأبيض، وبحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن.
ويعد هذا الحدث التقليدي الذي يستضيف فيه الرئيس الأمريكي حفل إضاءة شمعة "حانوكا" الأهم في العلاقة المباشرة بين يهود أمريكا والبيت الأبيض، ورغم أن تنظيمه وتخطيطه يتم بعناية من قبل موظفي مكتب الرئيس، فإنه عادة ما يقام في جو غير رسمي، ويتضمن خطابات قصيرة، واستضافة شخصيات بارزة من الجالية اليهودية. وتشكل هذه الاحتفالات الدينية مناسبة لزيادة العلاقة بين مختلف الرؤساء الأمريكيين والجالية اليهودية.
باراك سيلع، نائب مدير معهد رئوت، ورئيس برنامج مؤسسة رودرمان لدراسات الماجستير بتاريخ يهود أمريكا في جامعة حيفا، قال: "إننا لسنا أمام مجرد احتفال حانوكا عادي، لكن ممارسته العملية نافذة على عقلية قادة يهود أمريكا وطبيعة العلاقة بينهم وبين أهم حليف لإسرائيل، وما حدث في هذا الاحتفال دليل على أنهم ينظرون لإسرائيل، ويرونها دولة منقسمة، وتصبح بمرور الوقت أقل صلة بمشاكلهم الوجودية، وقد بدأت الإدارة الأمريكية باستيعاب ذلك".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، ": "إننا لسنا أمام احتفال حانوكا آخر، لكنه علامة تحذير أخرى للحكومة الإسرائيلية التي قد تجد نفسها خارج ترتيب الأولويات الأمريكي، بعد أن استخدم الرئيس السابق باراك أوباما اسم إسرائيل خلال حفل مشابه في حينه بأنها "رمز" في قصة اليهودية العالمية، أما خلفه دونالد ترامب فاستعاد سيرة المكابيين اليهود وهم يقاتلون طاغية قاسيًا، والعنف الذي عانى منه اليهود عبر التاريخ، معبرا عن التزام الإدارة الأمريكية الراسخ بالوقوف بجانب اسرائيل، ونرى هنا أن القاسم المشترك بين مراسم الرئيسين السابقين أنه كان هناك دائمًا ذكر لإسرائيل".
وأشار إلى أن "الاحتفال الأخير في واشنطن، ولأول مرة منذ أكثر من عقد، لم تُذكر فيه كلمة "إسرائيل"، ولو مرة واحدة، رغم أن بايدن الذي تزوج أبناؤه الثلاثة من يهوديات أعلن خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل أنه صهيوني، ولا يظن أحد أنه يكره إسرائيل، لكن ما حدث أن إضاءة الشموع تعكس ترتيب أولويات الجالية اليهودية من وجهة نظر البيت الأبيض، وما يثير اهتمام اليهود اليوم صعود معاداة السامية، عقب تصريحات الموسيقي كاني ويست، والممثل الكوميدي ديف تشابيل، ولاعب كرة السلة كيري إيرفينغ".
وأكد أن "القوة الداخلية للمجتمع الأمريكي هي الرد على معاداة السامية، وليس تعزيز العلاقات مع إسرائيل، والالتزام بأمن وازدهار الجالية اليهودية، بوصفها جزءا لا يتجزأ من نسيج أمريكا، دون ذكر كلمة إسرائيل، وهكذا تم حذفها من الاحتفال. والمعنى أنها تتحول من عامل موحد بين يهود أمريكا إلى عامل انقسام، صحيح أنهم منزعجون من تصاعد معاداة السامية. لكن إسرائيل لا تظهر أن حماية ملايين اليهود أولويتها القصوى، على العكس من ذلك، فإن الرسائل الرئيسية التي خرجت من تل أبيب منذ الانتخابات هي مزيد من المسافة والاغتراب عنهم".
يتقاطع هذا الحدث اللافت مع نتائج آخر استطلاع أمريكي كشف أن غالبية يهود أمريكا لا يريدون استخدام المساعدة الأمريكية المقدمة لدولة الاحتلال لتقوية المستوطنات غير الشرعية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما تؤيد غالبية مماثلة حل الدولتين لحل الصراع مع الفلسطينيين، ما شكل مفاجأة لليمين الإسرائيلي في دولة الاحتلال ذاتها، وطالب 76% بوقف التوسع الاستيطاني، فيما احتلت إسرائيل المرتبة العاشرة من بين 14 موضوعًا تم عرضها على المستطلعين من حيث أهميتها بالنسبة لليهود.