25.55°القدس
24.96°رام الله
24.42°الخليل
26.72°غزة
25.55° القدس
رام الله24.96°
الخليل24.42°
غزة26.72°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: الرئيس و"الدستورية"

وقف الرئيس يلقي خطبته في حفل توليه منصبه، في حين ظهر خلفه أعضاء المحكمة الدستورية بكامل عددهم. وفي الخطبة قال إنه لن يسمح لمجموعة من الأشخاص يخضعون في قضائهم لمجموعات الضغط السياسي بأن يسهموا في إفشال برنامجه الإصلاحي. وحين أطلق هذه العبارة اتجهت كاميرات التليفزيون صوب القضاة الذين ظهرت على وجوههم علامات الامتعاض والضيق. الرئيس المذكور هو باراك أوباما، واللقطة حدثت حين ألقى الرئيس الأمريكي يوم 21 يناير الماضي خطاب تنصيبه لولاية ثانية. وقد علق عليها الدكتور خالد أبو الفضل أستاذ القانون العام بجامعة لوس أنجلوس بقوله: «إن الخلاف بين رئيس الدولة والمحكمة الدستورية في النظم الديمقراطية أمر عادي ومفهوم»، مشيرا إلى أنه خلاف قانوني أكثر منه سياسي، موضوعه أي السلطتين لها الحق في أن تقرر ما هو الأصلح للمجتمع، السلطة المنتخبة مباشرة من الشعب. (تشريعية كانت أم تنفيذية) أم السلطة المفوضة (المحكمة الدستورية) التي يختارها أشخاص منتخبون من الشعب، وفي الدراسة التي تلقيتها من الدكتور أبو الفضل، ذكر أن إلغاء القوانين والقرارات الصادرة عن المؤسسات المنتخبة مباشرة من الشعب لا يقابل بالترحيب في النظم الديمقراطية. وأشار إلى أن أغلب فقهاء القانون الدستوري في الولايات المتحدة، يتفقون على شروط ثلاثة يتعين على المحكمة الدستورية أن تتقيد بها في الدعاوى المعروضة عليها هي: إذا كان الموضوع المعروض عليها (قرارا كان أم قانونا) يحتمل وجهتى نظر، إحداهما تراه دستوريا والآخر لا تعتبره كذلك، تعين الأخذ بالأولى دون الثانية، وإذا كان يتضمن في جانب منه نصوصا دستورية وأخرى غير دستورية، فإن الحكم بعدم الدستورية ينبغي أن يكون مقصورا على الشق الأخير فقط، وفي كل الأحوال ينبغي الاقتصار في الحكم بعدم الدستورية على الحالات التي تمثل انتهاكا واضحا لحقوق الأفراد وحرياتهم. تتبع الدكتور أبو الفضل تاريخ الخلاف بين الرئيس الأمريكي والمحكمة الدستورية، ووجد أن من أبرزها ما كان بين الرئيس إبراهام لنكولن (1861- 1865) وبين المحكمة، إذ قضت بعدم دستورية القوانين التي كان الكونجرس قد أصدرها بحظر تجارة العبيد، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية؛ بدعوى أنها تمثل تعديا على حق الملكية الذي يقرره الدستور. وقتذاك، أعلن الرئيس «لينكولن» أنه لن يحترم هذه الأحكام ولن يلتزم بها، لكن تلك الأحكام شجعت الجنوبيين على التمادى في موقفهم المناوئ الحكومة الفيدرالية في الشمال. ويرى بعض المؤرخين أنها كانت واحدة من الأسباب التي أدت إلى اشتعال الحرب الأهلية بين الجنوب والشمال. كذلك شهدت بداية القرن الـ19، وتحديدا في الفترة من 1801 - 1809 خلافا دستوريا كبيرا بين الرئيس "توماس جيفرسون" وبين المحكمة الدستورية الأمريكية عندما قضت بعدم دستورية عدد من القوانين المنظمة علاقة السلطة الفيدرالية بحكومات الولايات، وتحت ضغط الرأي العام تراجعت المحكمة عن توجهاتها السابقة بشأن تلك القوانين واعتبرتها من أعمال السيادة. مرة أخرى نشب نفس الخلاف بين المحكمة الدستورية والرئيس "روبرت تايلور"، وكان منطق الرئيس أنه لا يصح لسلطة غير منتخبة أن تفرض رأيها على سلطة منتخبة حول كيفية تنظيم شؤونها وعلاقتها بحكومات الولايات المختلفة. واستحكم الخلاف إلى الحد الذي قدم فيه رئيس المحكمة الدستورية إلى الكونجرس لائحة اتهام طالبا عزل الرئيس، ولكن قرار العزل لم يمر؛ لأنه لم يحظ بأغلبية الثلثين، ومع ذلك فإن الأزمة دفعت المحكمة إلى إعادة النظر في موقفها، واعتبرت التشريعات مرة أخرى من أعمال السيادة. من ذلك أيضا الخلاف الشهير في تاريخ المحكمة الدستورية مع الرئيس "تيدور روزفلت"، فيما يعرف بالـ(Big Deal) إذ كانت المحكمة قد ألغت حزمة من التشريعات التي أصدرها الكونجرس في عام 1934 لرعاية حقوق العمال والفقراء من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 1929، ولوقف التمدد الشيوعي، فما كان من الرئيس إلا أن هاجم المحكمة علنا في إحدى خطبه، متهماً قضاتها بأنهم رجال "ينظرون إلى المستقبل وفي الوقت ذاته يتجاهلون الحاضر"، فتراجعت المحكمة عن رأيها واعتبرتها تشريعات دستورية. إذا كان ذلك يحدث في "أحسن العائلات"، فلماذا نعتبرها كارثة سياسية عندنا؟!