10.57°القدس
10.88°رام الله
9.97°الخليل
15.5°غزة
10.57° القدس
رام الله10.88°
الخليل9.97°
غزة15.5°
الإثنين 30 ديسمبر 2024
4.64جنيه إسترليني
5.2دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.85يورو
3.69دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.64
دينار أردني5.2
جنيه مصري0.07
يورو3.85
دولار أمريكي3.69

خبر: الغنوشي.. لا يضيرك السفهاء

خبر رشق الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية بالحجارة وتحطيم زجاج سيارته لدى زيارته مدينة تالة شمال غرب تونس مؤخرا جاء صادما بكل المقاييس. الشيخ الغنوشي ليس سياسيا عاديا كبقية الساسة، وليس زعيما تقليديا من جنس الزعماء الذين عرفتهم المنطقة العربية والإسلامية، بل هو مفكر كبير وسياسي حاذق عركته التجارب والأيام وصقلته المحن والخطوب، حتى جعلت منه نموذجا رفيعا وقامة سامقة في الفضاء العربي والإسلامي الفسيح. مَنْ يعرف الشيخ الغنوشي ويتابع فكره الوسطي المتنور وسلوكياته السياسية الرصينة وقدراته الشخصية العالية يدرك أن الرجل كنز ضخم بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأن من قام برشقه بالحجارة هو أسفه الخلق وأرذل الناس والأكثر وضاعة وانحطاطا في المجتمع التونسي. الشيخ الغنوشي كان متوجها لإلقاء خطاب في مركز مدينة تالة لمعاينة رفات مناضل تونسي أعدم عام 1963 في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة، أي أنه كان في مهمة وطنية صرفة، وأن من منعه من بلوغ مراده كان يستهدف منعه من الدفاع عن حقوق شعبه والالتصاق بهموم الناس والمجتمع. ما جرى بحق الشيخ الغنوشي يثير الاشمئزاز ويفتح الآفاق أمام عدد كبير من الأسئلة حول طبيعة النخب العلمانية، المحدودة، ذات السلوك السياسي والمجتمعي المتطرف التي لا تؤمن بالديمقراطية وتداول السلطة، وترفض الاحتكام إلى قيم التوافق والتعايش المشترك. الوضع التونسي يشكل جزءا من الواقع العربي الممتد، وما تواجهه حركة النهضة والقوى المؤمنة بالقيم الديمقراطية في تونس يشكل نموذجا ينسحب، بشكل أو بآخر، على بقية جبهات الربيع العربي الأخرى، مع بعض الفوارق الهامة والتمايزات الموضوعية. كُره الإسلاميين وكبح جماحهم والرغبة المسعورة في قطع الطريق عليهم بالوسائل الهدامة والأدوات غير الأخلاقية يشكل القاسم المشترك لدى طائفة من العلمانيين، وهؤلاء لا يرعوون ولا ينزلون عند حدود العقل والمنطق والمصالح الكبرى لأوطانهم، ولا يأبهون إلا لمصالحهم الشخصية العفنة وأجنداتهم الحزبية البائسة على حساب الأوطان والقيم والأخلاق والقوانين والدساتير. في عُرف هؤلاء ليس مهما إن احترقت الأوطان، وليس مهما إن تمزق النسيج المجتمعي، وليس مهما إن اشتعلت نار الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، وليس مهما إن بصقوا في وجه حضارتنا العربية والإسلامية الأصيلة التي قدمت أعظم النماذج القيمية والسلوكية على مدار التاريخ، ففي سبيل بلوغ كرسي السلطة كل شيء يهون! لا يضير الشيخ الغنوشي سلوك الرعاع وعمل السفهاء، ولن يضيره أو يفتّ في عضده انحطاط العديد من النخب والتيارات العلمانية أو حتى انحدار العديد من التيارات الإسلامية المتشددة، فهو يبقى الناظم الأساس لمسار الحكمة والرشد والوسطية الإسلامية، وصمام الأمان على الساحة التونسية ولو كره الكارهون أو حقد الحاقدون