19.99°القدس
19.74°رام الله
18.86°الخليل
25.14°غزة
19.99° القدس
رام الله19.74°
الخليل18.86°
غزة25.14°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

خبر: "إسرائيل" ونهب الثروات الطبيعية للعرب.. الغاز مثالاً

بعد أسابيع فقط تشرع "إسرائيل" في استخراج الغاز من حقلي "تمار" و"ليفتيان" اللذين تم اكتشافهما على مسافة عشرات الكيلومترات في عمق البحر شمال غرب حيفا. احتياطات الغاز في هذين الحقلين كبيرة جداً، فهما يعدان أكبر احتياطي لغاز يكتشف في عمق البحر منذ عقد من الزمن. القيمة المالية لهذه الاكتشافات تقدر بـ200 مليار دولار؛ حيث إنه يقدر أن يبلغ الاحتياطي في هذين الحقلين 1480 مليار متر مكعب من الغاز. ويتوقع على نطاق واسع أن تسهم هذه الاكتشافات في تحسين قدرات "إسرائيل" في مجال توليد الكهرباء؛ إذ يتوقع على نطاق واسع أن يتم توليد 60% من الكهرباء عبر استخدام الغاز في غضون عامين فقط، وفي غضون أقل من عشر سنوات يفترض أن يتم انتاج 90% من الكهرباء باستخدام الغاز. وستؤدي اكتشافات الغاز هذه إلى إحداث دفعة قوية لقطاع الصناعة في الكيان الصهيوني؛ إذ إنه سيؤدي إلى تحسين قدرات "إسرائيل" في هذا المجال بشكل كبير، حيث سيسهم في التخلص من احتكار شركة الكهرباء القطرية هذا القطاع. إن الإسهام الأبرز لاكتشافات الغاز الجديدة يتمثل -كما يراها صناع القرار في "تل أبيب"- في التعويض عن قرار مصر إلغاء صفقة بيع الغاز المصري "إسرائيل"، مع العلم أن "إسرائيل" كانت توفر مليارات الدولارت سنوياً بفضل شروط هذه الصفقة المريحة جداً؛ حيث إن مصر كانت تبيع "إسرائيل" الغاز بثلث قيمته في الأسواق العالمية! من ناحية ثانية، تفترض "إسرائيل" أن الممرات المائية التي يتم نقل مصادر الطاقة عبرها إليها لن تكون آمنة، في ظل التحولات التي شهدها العالم العربي مؤخراً، علاوة على أن صناع القرار في "تل أبيب" ينطلقون من قناعة مفادها أن إغلاق المعابر المائية المهمة بالنسبة لـ"إسرائيل"، سيكون أحد الإجراءات العقابية التي سيلجأ إليها العرب كرد على ما يعتبرونه سلوكاً إسرائيلياً عَدائياً ضدهم. ويرون في "تل أبيب" أن هذا التوقع معقول؛ على اعتبار أنه قد ينجم كأحد مظاهر التحول في السلوك العربي تجاه "إسرائيل" في أعقاب ثورات "الربيع العربي". من هنا، فقد كانت "إسرائيل" معنية بشكل ملح بالاعتماد على مصادر طاقة ذاتية تقلص الحاجة إلى استخدام الممرات المائية في مرحلة ما بعد الثورات العربية. وقد عبرت ما تعرف بـ"هيئة مكافحة الإرهاب" في ديوان نتنياهو عن مخاوفها من قيام حركات الجهاد العالمي، باستهداف السفن التي تنقل مصادر الطاقة إلى "إسرائيل"، مع العلم أن حجم وإمكانيات سلاح البحرية الإسرائيلي لا تسمح بتوفير الحماية للسفن الإسرائيلية التي تنتقل عبر الممرات المائية المختلفة. لكن مما لا شك فيه أن أحد أهم مظاهر التوظيف الاستراتيجي لاكتشافات الغاز، يتمثل في سعي "إسرائيل" لاستخدامها في تقليص مظاهر العزلة الإقليمية التي علقت بها "إسرائيل" في أعقاب الثورات العربية، وكنتيجة لضعف وتراجع دور الولايات المتحدة في المنطقة. وترى دوائر التقدير الاستراتيجي في "تل أبيب" أن دخول "إسرائيل" نادي الدول المصدرة للغاز، سيجعلها قادرة على إقامة شراكات استراتيجية مع قوى عالمية مؤثرة. فعلى سبيل المثال، هناك في "إسرائيل" من يقول إنه بالإمكان تحسن البيئة الدولية لـ"إسرائيل" عبر استمالة روسيا، اعتماداً على صادرات الغاز. وحسب هذه المنطق، فإنه بالإمكان عقد شراكة بين "إسرائيل" وروسيا عبر التعاون للعثور على أسواق مشتركة للغاز. ويرون في "تل أبيب" أن تعلق الرئيس الروسي بوتين باقتصاديات الطاقة بشكل خاص، سيجعله يوافق بدون تحفظ على إقامة شراكة استراتيجية مع "إسرائيل" . وحسب هذا المنطق، فإن إرساء دعائم هذه الشراكة سيجعل "إسرائيل" قوة إقليمية مؤثرة، وسيجعل الكثير من الدول تقبل على إقامة علاقات معها؛ مما يقلص من مظاهر عزلتها الإقليمية. وقد أقدمت "إسرائيل" على خطوة عملية على هذا الصعيد؛ إذ إن حكومة نتنياهو استغلت قيام إيران بفسخ عقود توريد الغاز للهند، وأرسلت وزير ماليتها يوفال شطاينتس الذي عرض على المسؤولين الهنود، أن تقوم "إسرائيل" بسد العجز الناجم عن توقف إمدادات الغاز الإيرانية إلى الهند، على الرغم من أنه لم يتم حتى الآن الشروع في استخراج الغاز من الحقول المكتشفة، ومع ذلك فقد تم بالفعل التوافق على تشكيل لجنة مشتركة هندية إسرائيلية؛ لبحث شروط وظروف تزود الهند بالغاز الإسرائيلي. ومن الواضح أن إقدام "إسرائيل" على هذه الخطوة لا يهدف فقط إلى تحقيق مكاسب مادية، بل بشكل أساسي يرمي إلى تحقيق مكاسب استراتيجية، فاعتماد قوة عالمية صاعدة مثل الهند على الغاز الإسرائيلي سيعزز مكانة الكيان الصهيوني الدولية. وفي ذات الوقت، فإن اكتشافات الغاز تنسجم مع مبادئ العقيدة الأمنية الإسرائيلية، التي تقول إحدى قواعدها إنه يتوجب تقليص حاجة "إسرائيل" إلى استيراد المواد الخام الاستراتيجية من الخارج، وضمنها مصادر الطاقة؛ على اعتبار أن الأوضاع الجيوسياسية لا تسمح لـ"إسرائيل" أن يتأثر حصولها على المواد الخامة الاستراتيجية بالظروف الأمنية والسياسية السائدة في الإقليم؛ بسبب حالة العَداء بينها وبين العالم العربي. ومن نافلة القول أن العوائد المالية الناجمة عن اكتشافات الغاز ستسمح لـ"إسرائيل" بزيادة نفقاتها الأمنية في أعقاب ثورات "الربيع العربي"، مع العلم أن التقديرات الأولية تشير إلى أن "إسرائيل" ستحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات لإعادة بناء قوتها العسكرية؛ من أجل مواجهة التحديات الناجمة عن هذه الثورات.