تراجعت شعبية رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ذلك الذي كان يعرف يوما "بالساحر من تل أبيب" في الخليج العربي بعدما بلغت أوجها قبل سنوات وتحديدا في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، إن الأحداث الأخيرة عصفت بشعبية نتنياهو وأثرت على سمعته كزعيم كاريزمي بين العديد من الدول العربية، بما في ذلك تلك التي أبرمت اتفاقيات سلام مع "إسرائيل"، لاسيما الإمارات والبحرين.
وخلال ولاية ترامب، حظي نتنياهو بعلاقات وطيدة مع الإدارة الأمريكية وحكام دول الخليج، ما أهّله للحصول على دعم سياسي وعسكري، بما في ذلك الحصول على مقاتلات "إف- 35" الشبحية، إذ كان ينظر إليه وقتها على أنه شخصية مؤثرة للغاية على المسرح الدولي.
لكن الآن، وبحسب الصحيفة، بات الوضع مختلفا، إذ يُمنع مبعوثوه من الحصول على تأشيرات دخول ويواجهون صعوبات عند وصولهم، ويعودون أدراجهم خالي الوفاض مع عدم عقد اجتماعات، وظلت الرسائل التي حملوها غير معترف بها.
وباتت هذه الدول التي تحمست يوما لإقامة علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل"، غير معلنة الآن بمواصلة العلاقات.
أسباب ذلك عديدة، بما في ذلك، علاقة نتنياهو نفسه بإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والتي تقف حجر عثرة أمام التقدم نحو المزيد من العلاقات مع دول عربية أخرى.
وقالت الصحيفة إن جهود مبعوثي نتنياهو لإقامة علاقات مع السعودية غير مجدية؛ بما في ذلك لأنهم يتحدثون مع أفراد لم يعودوا يتمتعون بنفوذ أو سيطرة كبيرة داخل المملكة.
كذلك تتضائل فرص استمرار "إسرائيل" في علاقات قوية مع دول "اتفاقيات إبراهيم"، أو توسيع الاتفاقيات إلى دول أخرى بينها السعودية، في ظل انعدام رغبة الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو والمشكل من أحزاب من أقصى اليمين الديني والقومي في التوصل إلى حل سياسي مع الفلسطينيين.
كذلك، تحاول "إسرائيل" الضغط على دول الخليج للمشاركة ودعم أي جهد عسكري ضد إيران، فيما تعارض هذه الدول تلك الخطوة وتفضل حلا سياسيا للصراع، وهو الرأي السائد أيضا في البيت الأبيض.
في 18 يناير/كانون الثاني الماضي، قالت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية في مقالها الافتتاحي الذي أعادت نشره صحيفة "هآرتس" العبرية: "في ولايته السادسة كرئيس للوزراء، أوضح بنيامين نتنياهو تصميمه على مواجهة التهديد الذي تشكله إيران، من بين أمور أخرى من خلال تعميق علاقات إسرائيل مع الدول العربية المجاورة لها. تحالف إقليمي موحد ضد إيران سيساعد أمن إسرائيل"، وتابعت: "لسوء الحظ، فإن تصرفات حكومة نتنياهو تجعل تحقيق هذا الهدف أكثر صعوبة".
يعتمد تحالف نتنياهو على دعم عدة عناصر عدوانية من اليمين المتطرف. ووفقا للتقارير، فقد وعد نتنياهو الحكومة الأمريكية بأنه سيكبح جماح المتطرفين، ولكن في الوقت الحالي لا توجد مؤشرات على نجاحه في ذلك.
بعد فترة وجيزة من تنصيب الحكومة، قام وزير "الأمن القومي" إيتمار بن غفير باقتحام، حظي بتغطية إعلامية واسعة إلى الحرم القدسي المقدس للمسلمين. وأثار غضب حكومات الدول العربية، التي اتهمت "إسرائيل" بمحاولة تغيير الوضع الراهن في موقع لا يُسمح فيه إلا للمسلمين بالصلاة.
شركاء نتنياهو لا يرتدعون من الخلاف بل يعمقونه، رداً على توجه السلطة الفلسطينية لمحكمة العدل الدولية، حرمت حكومة الاحتلال المسؤولين الفلسطينيين من حق السفر، وحظرت البناء الفلسطيني في الضفة الغربية، وحولت 40 مليون دولار من أموال ضرائب السلطة الفلسطينية إلى عائلات "ضحايا الإرهاب" اليهود. أمر بن غفير الشرطة بنزع الأعلام الفلسطينية من الأماكن العامة.
بحسب "بلومبرغ"، فإن مثل هذه التحركات هي استفزاز، في وقت قادت الأحداث العالمية الولايات المتحدة و"إسرائيل" إلى تحالف أوثق من أي وقت مضى - ركز بايدن على إنشاء تحالف يضم "إسرائيل" ودول الخليج العربي، وخاصة المملكة العربية السعودية، من أجل كبح أنشطة إيران في المنطقة.
لحكومة نتنياهو مصلحة في الحد من "الصراع" مع الفلسطينيين حتى تتمكن من التركيز على التهديدات والفرص الخارجية. لكن الشركاء في الائتلاف الحاكم يمكن أن يتسببوا في اندلاع انتفاضة ثالثة، بما في ذلك من خلال قتل الفرص الضئيلة بالفعل لحل الدولتين، وتقويض السياسة الأمريكية وتهديد الدعم المقدم لـ"إسرائيل" في صفوف الائتلاف الديمقراطي لبايدن.
كما يضر تحريض المتطرفين في حكومة نتنياهو بفرص التعاون المكثف مع السعوديين المهتمين بدفع للقضية الفلسطينية قبل اعترافهم بـ"إسرائيل".
اعترفت دول الخليج رسمياً بـ"إسرائيل" في "اتفاقيات إبراهيم"، لكن يمكنها الانسحاب منها، حيث تعرف دول الخليج أن شعوبها قد أدارت ظهرها للاتفاق، وفقا للوكالة.
وبحسب الوكالة، "اضطر نتنياهو إلى تأجيل زيارة إلى الإمارات العربية المتحدة بعد اقتحام بن غفير للحرم القدسي".