نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا، أشارت فيه إلى أن عمليات هدم منازل الفلسطينيين في القدس زادت بشكل حاد في ظل حكومة الاحتلال الجديدة المتشددة، مما يهدد بإشعال التوترات التي تصاعدت أصلا في الضفة الغربية المحتلة.
وذكرت الصحيفة، أنه تم هدم 77 مبنى في القدس منذ تولي إدارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو السلطة في أواخر كانون الأول/ ديسمبر، أي ما يقرب من ضعف المباني الأربعين التي دمرت خلال ذات الفترة من العام الماضي، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.
وأيد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير عمليات هدم المنازل التي بنيت بدون تصاريح، وهو مستوطن متطرف أدين سابقا بالتحريض على العنصرية.
ويقدر النشطاء أن أكثر من 20 ألف منزل فلسطيني في القدس، تم بناؤها دون ترخيص. ويسمح القانون الإسرائيلي بتدمير هذه المباني.
لكن الفلسطينيين يقولون إن عملية الحصول على تصريح شبه مستحيلة. ويرون أن عمليات الهدم جزء من محاولة الاحتلال، لترسيخ سيطرت على شرق المدينة.
وقال راتب مطر، الذي دُمر منزله في حي جبل المكبر، حيث كان يعيش مع زوجته أزهار وتسعة من أقاربه هذا العام: "لا يريدوننا هنا. إنهم يحاولون خنقنا. إنهم يحاولون جعل الأمر صعبا للغاية، ويكاد يكون من المستحيل [الحصول على تصريح]".
وأوضح مطر أنه تقدم بطلب للحصول على رخصة بناء في عام 2005، ولكن بعد عقد من دون نجاح - ومع نمو الأسرة - قرر المضي قدما. وصل أمر الهدم بعد فترة وجيزة. ذات يوم من شهر كانون الثاني/ يناير، أيقظته قوات الاحتلال عند وصولها لتدمير المبنى. ويتعين على مطر أيضا دفع تكاليف التنفيذ، والتي يقول النشطاء إنها قد تصل تكلفتها إلى 20 ألف دولار.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن 145 شخصا في القدس - نصفهم من الأطفال- نزحوا بسبب عمليات الهدم هذا العام.
وفي عام 2019، حذرت الأمم المتحدة من أن أكثر من 100 ألف فلسطيني في القدس معرضون لخطر التهجير، مضيفة أن نظام التخطيط "التقييدي" يجعل من "المستحيل فعليا" على الفلسطينيين الحصول على تصاريح.
وتم تخصيص 13بالمئة فقط من الأراضي في شرق القدس للبناء الفلسطيني، وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، مقابل 35 بالمئة للمستوطنات اليهودية - على الرغم من أن 360 ألف فلسطيني يشكلون أكثر من 60 بالمئة من سكان المنطقة.
وقال دانيال سيدمان، مؤسس منظمة غير حكومية تركز على القدس، إن "إسرائيل" بنت حوالي 58 ألف منزل للمستوطنين اليهود في شرق المدينة منذ عام 1967 وأقل من 600 للفلسطينيين، مضيفا أن ذلك أحد أعمدة السياسية الإسرائيلية.
ويعيش الفلسطينيون في شرق القدس تحت تهديد الهدم منذ سنوات. لكن التسارع في ظل الحكومة الجديدة - التي تضم مستوطنين في مواقع أمنية مهمة يريدون ضم الضفة الغربية - جعل الناس في حالة توتر.
وقال رائد بشير، المحامي الذي يمثل السكان في جبل المكبر، "المزاج صعب للغاية.. الناس قلقون باستمرار".
وامتنعت قوات الاحتلال في السابق عن تنفيذ عمليات هدم خلال شهر رمضان، لكن وسائل إعلام إسرائيلية أفادت بأن بن غفير طالبها بمواصلة عمليات الهدم خلال الشهر، الذي يبدأ الأسبوع المقبل.
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية الأسبوع الماضي، أن 25 من قادة الشرطة السابقين قد كتبوا إلى بن غفير لتحذيره من أن سياساته، بما في ذلك استمرار عمليات الهدم في رمضان، قد تؤدي إلى اندلاع انتفاضة ثالثة.
ونفى بن غفير التقرير واصفا منتقديه بالأشخاص الذين "دمروا قوة الشرطة". لكن الدبلوماسيين يحذرون من أن الأعمال العدوانية خلال شهر رمضان قد تكون لها عواقب بعيدة المدى.
دعت البعثات من 17 دولة، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا وإسبانيا، تل أبيب هذا الأسبوع إلى التراجع عن قرارات إجلاء العديد من العائلات من المباني في شرق القدس ووصفت خطط مواصلة الهدم بأنها "مثيرة للقلق بشكل خاص".
نشطاء فلسطينيون يعبرون عن مخاوف مماثلة. وقال منير مرجيه، ناشط من مركز العمل المجتمعي، الذي يدعم الفلسطينيين في شرق القدس، إنه بسبب المعنى الذي تحمله القدس في أذهان الناس وقلوبهم، فإن [عمليات الهدم المتسارعة] يمكن أن تؤدي بالتأكيد إلى انتفاضة جديدة.
وأضاف أن المدينة تحمل إمكانات تفجير مع تداعيات لا تصل فقط إلى فلسطين بالكامل بل إلى أبعد من ذلك.