"كلما ازدادت الإمكانيات ازداد الطمع..وكلما ازدادت السرعة ازدادت العجلة.. وكلما ازداد الترف ازدادت الشكوى.." هكذا لخصها المفكر مصطفى محمود. لنفترض أن دولة أو مدينة لم تعرف الإنترنت ولم يصل لها بعد.. هل ستصل شكاوى من الناس بشأن النت؟ طبعًا لا.. لأن الناس لم تعرف الإنترنت ولا قيمته ولا ضرورته، ولن يطالب بإيصال خدمة النت إلى البيوت إلا عدد قليل من الذين سمعوا أو قرأوا أو تعاملوا مع الشبكة العنكبوتية في دولة أخرى. لكن لو وصل الإنترنت إلى تلك الدولة وتعرّف الناس على أهميته وكثرة خدماته، من يومها سيبدأ سيل من الشكاوى ينزل على الحكومة في تلك الدولة، فتارة ستكون الشكوى من بطء السرعة، وتارة من ارتفاع سعره، وتارة من سرعته في بعض المناطق دون الأخرى، إضافة إلى التخوفات التي سيبديها البعض من المخاطر التربوية التي سيتعرض لها النشء من وراء النت، إلخ.. ومثل هذا الكلام يقال في خدمة الاتصالات أو الكهرباء أو أي خدمة أخرى. إن التطور التكنولوجي المستمر والمتسارع، والتواصل بين العالم حتى أصبح قرية صغيرة، والتفنن في فنون الدعاية تجعل متطلبات الناس كثيرة جدًا ولا تنتهي، وهذا يلقي بالعبء على الحكومات والمؤسسات المسئولة عن ذلك، ويساهم في فشل الكثير من المشروعات والإنجازات التي تقوم بها تلك المؤسسات الرسمية لأنها لن تسمع من الجمهور إلا الشكوى والضجر والتأفف. ستبقى كثرة الشكوى ظاهرة من ظواهر عصر الترف الحديث، وهذا يوجب البحث عن الحلول، وأذكر هنا بضرورة البدء بالحل من داخل الإنسان، ولنتذكر أن كثرة الأشياء التي يمتلكها الإنسان لن تجعله يستغني عن غيرها، بل الشيء يطلب غيره، وهكذا... لقد لخص عليه السلام حل هذه المشلكة فقال: "ليس الغنى عن كثرة العرض-أي متاع الدنيا- ولكن الغنى غنى النفس" فنحن مطالبون بتهذيب أنفسنا وتربية شعوبنا على القناعة، وعلى التفكير بالموجود لا بالمفقود، وإلا فإن كل ما في الدنيا لن يحقق لنا الغنى.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.