تتسارع الأحداث السياسة وتتشابك التطورات الميدانية، قبل عشرة أيام، تسبق تنظيم أعداد من المتدينين والمستوطنين المتطرفين ما تسمى بـ "مسيرة الأعلام" في مدينة القدس المحتلة، بتوجيهات من القيادة العليا لحكومة الاحتلال.
وترتفع نسب احتمال اندلاع مواجهة جديدة بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، في حال أقدم الاحتلال على تمرير المسيرة، خاصة في ظل التوترات الأمنية القائمة بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والاحتلال خلال الأيام القليلة الماضية.
وتتساوى نسب عدم اندلاع مواجهة مع نسب اندلاعها في حال عاد قادة الاحتلال إلى “رشدهم”، وغلبّوا حكمة مفقودة على منطق العدوان والعنصرية والفاشية.
هدف تمرير المسيرة
وقال الباحث في شئون القدس جمال عمرو، إن مسيرة الأعلام، أو ما تسمى "الخرق البالية" لا قيمة ولا رمزية ولا دين ولا أخلاق لها، خاصة وأنها تأتي كمحاولة لإظهار صورة نصر مهزوزة طيلة فترة الاحتلال لمدينة القدس بشقيها الغربي والشرقي، خاصة وأنه لم يستطع فرض سيادة على المدينة المقدسة.
وأوضح "عمرو" خلال حديثه لـ "فلسطين الآن" أن المسيرة جاءت لرفع شيء رمزي في ذكرى ما يسمى احتلال الشطر الشرقي من القدس، وأن يعطي دلالة من خلال تسيير الأعلام من الشطر الشرقي إلى الغربي بتوحيد المدينة المقدسة كحق خالص لليهود".
وأكد "عمرو"، بأنه لا يوجد شيء اسمه احتلالاً للشطر الشرقي ولا الغربي، بل هي مدينة فلسطينية واحدة موحدة تحت الاحتلال العسكري.
وأضاف: " جميع أحرار العالم لا يعترفون أصلا بوجود الاحتلال على كامل أرض فلسطين، فكيف بالشطر الغربي من القدس وهو الشطر العزيز من المدينة المقدسة".
الإصرار على باب العامود
وعن إصرار الاحتلال على إمرار "مسيرة الأعلام" من باب العامود أوضح الباحث في شئون القدس "عمرو"، أن الاحتلال يصر عليه كونه الأشهر إعلاميا والأوسع، ويؤدي مباشرة إلى حائط البراق الشريف وساحة المسجد الأقصى.
وأضاف: "يريد الاحتلال أيضاً من هذه الرمزية أن يعطي انطباعا بأنه يدخل من أوسع الأبواب وأعلاها وأكثرها أهمية.
أما الكاتب والمحلل السياسي علاء الريماوي، فتحدث قائلاً لـ "فلسطين الآن"، أن هذا الباب أصبح رمزية للوجود الفلسطيني في مدينة القدس، وهذه الرمزية لها أثران كبيران.
وبين أن الأثر الأول يتعلق بإيقاع المقاومة الذي تصدر خلال حرب 2021، والتي بذلت فيه المقاومة حضورا في معركة سيف القدس، وشكل دافع حقيقي في مواجهة الاحتلال.
وأضاف: "الجانب الآخر يتعلق بإرادة الاحتلال لكسر صورة هذا الإيقاع الذي أثبتت خلاله المقاومة الفلسطينية أنها صاحبة الكلمة العليا".
وأردف الريماوي" قائلاً: "ما بين هذا وذلك، فإن من يقطف الصورة في باب العامود يحقق المقاربة لمنهجه ولتصوراته ولحضوره".
سيناريوهات متوقعة
وفي إطار الحديث عن تداعيات مسيرة الأعلام بيّن "الريماوي"، "أننا اليوم أمام تدافع آخر بعد المواجهة الأخيرة من لبنان وقطاع غزة في شهر رمضان".
وأوضح، أن الاحتلال الإسرائيلي بنسخته اليمينية يحاول جاهداً لفرض معادلة الحضور في مدينة القدس، من خلال إطارين، الأول يتمثل هو استعراض اليمين وبقائه كقوة في داخل الكيان، إضافة إلى استعراض آخر في مواجهة محور المقاومة الفلسطينية الذي تشكل من خلال وحدة الساحات.
وأضاف: "الاحتلال اليوم أمام اختبارات مهمة تتعلق باستراتيجية الوجود، إذ أنه في حال تنازل الاحتلال لحركة حماس وقوى المقاومة، فإن ذلك يعني أنه يخضع لبرنامج المقاومة ولمطالبها مما يعني بدء انحسار وجود دولة الكيان كمؤثر في منطقة الشرق والأرض الفلسطينية".
وبيّن الريماوي لوكالتنا، أن الحكومة الحالية لا تملك خيارات لمنع امكانية التأجيل أو الذهاب الى عدم اعلان مسيرة الاعلام، وأن هذا موضوع منتهي والاحتلال جزم أمره في إمضاء مسيرة الأعلام.
وتابع: "سيحاول الاحتلال بتوصية من نتنياهو تقديم استعراضية معقولة خلال مسيرة الأعلام، بحيث تحفظ وترضي غرور اليمين، وفي نفس الوقت لا تغضب المقاومة الفلسطينية".
وعلى صعيد المقاومة الفلسطينية، فقد أكد "الريماوي" أنها لن تقبل بتغيير قواعد التواجد في البلدة القديمة وفي مدينة القدس، وأن ذلك سيقابل برد الشعب الفلسطيني، سواء كان ذلك في الضفة الغربية او من محور المقاومة وتطلعاتها لخلق معادلة في مواجهة الاحتلال.
وأردف: "المعيار الذي سيتحرك به الاحتلال هو الذي سيفرض ميزان النار والمواجهة خلال الـ 18 من الشهر القادم، خاصة وأن الفرصة مهيأة لأن تذهب المقاومة الفلسطينية إلى التصعيد والمواجهة".
تاريخ "مسيرة الأعلام"
ـ عام 1968: نظمت المسيرة لأول مرة على يد الحاخام يهودا حزاني من المدرسة الدينية المعروفة باسم ميركاز هراف-مركز الحاخام وتحولت إلى تقليد سنوي.
ـ تنظم المسيرة في ما يعرف بيوم القدس الذي تحيي فيه إسرائيل ذكرى احتلال الشطر الشرقي من القدس عام 1967، والذي تسميه يوم توحيد القدس وإحلال السيادة الإسرائيلية واليهودية على المدينة والأماكن الدينية اليهودية فيها.
ـ ازداد عدد المشاركين في المسيرة من عام إلى عام ويقدر عددهم حاليا بأكثر من 30 ألف مشترك معظمهم من الوطنيين المتدينين من القدس ومستوطنات الضفة الغربية المحتلة وكافة أنحاء إسرائيل.
ـ تجبر قوات الاحتلال الفلسطينيين على إغلاق محالهم التجارية بالتزامن مع مرور المسيرة من البلدة القديمة حيث يعتدي المشاركون فيها بشكل استفزازي على بيوت ومحال الفلسطينيين ويطلقون شعارات "الموت للعرب" ويرقصون حاملين الأعلام الإسرائيلية.
ـ يموّل المسيرة جمعية "عام كالبيا" الدينية الاستيطانية وبلدية القدس ووزارة التربية والتعليم الإسرائيلية وشركة تطوير وإعادة تأهيل الحي اليهودي، ووصل حجم التمويل عام 2018 إلى نحو 300 ألف دولار.