تمثل مهمة إرسال مركبة هبوط إلى كوكب الزهرة عدة مشاكل هندسية ضخمة. ومن المؤكد أن أي مركبة ستضطر للحصول على استراحة أثناء الدخول، والنزول، والهبوط إلى كوكب الزهرة نظرًا لأن الغلاف الجوي للكوكب كثيف جدًا، حيث يستقر المسبار بلطف على السطح مثل الحجر الذي يستقر في الماء.
ويبلغ متوسط درجة الحرارة على سطح الزهرة 455 درجة مئوية، وهي درجة حرارة كافية لإذابة الرصاص.
مزيج المواد الكيميائية التي تشكل الغلاف الجوي، مثل حامض الكبريتيك، هو مادة أكالة لمعظم المعادن. ويعادل الضغط الجوي الساحق تقريبًا 1500 متر تحت الماء.
هذه الظروف البيئية القاسية هي المكان الذي تموت فيه المعادن؛ لذلك، فإن بعثات هبوط الزهرة القليلة التي وصلت إلى السطح - مثل بعثات فينيرا السوفييتية - استمرت ساعتين فقط أو أقل. ستحتاج أي مركبات هبوط أو مركبات جوالة مستقبلية إلى خصائص تشبه خصائص البطل الخارق لتحملها على سطح توأم الأرض الشرير.
ولكن هناك تحد إضافي واحد قد يكون على وشك الحل ألا وهو: إنشاء بطاريات يمكنها العمل لفترة كافية في ظروف كوكب الزهرة الجهنمية لجعل مهمة الهبوط تستحق الجهد المبذول.
تعمل وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" مع شركة تسمى (Advanced Thermal Binders Inc، (ATB، وقد قاموا معًا بإنشاء أول بطارية أثبتت القدرة على العمل في درجات حرارة كوكب الزهرة ليوم كامل بتوقيت الزهرة، وهو ما يقرب من 120 يومًا من أيام الأرض.
تعتمد البطارية على أنظمة بطاريات حرارية قصيرة العمر تستخدم لتشغيل الصواريخ الذكية. وتحتوي البطارية على 17 خلية فردية وتستخدم مواد كيميائية وتركيبية مصممة خصيصًا. وبينما لا تزال البطارية قيد التطوير، فإنه يتم تشجيع المهندسين على أن الاختبارات التي أجريت تثبت أن هذه الأنواع من البطاريات قادرة على العمل في البيئات القاسية مثل كوكب الزهرة.
بالإضافة إلى ذلك، فإنه قد يوفر هذا النوع المتقدم من تقنية البطاريات جهاز تخزين طاقة جديدًا للاستكشاف المستقبلي في البيئات القاسية عبر النظام الشمسي.
وقال الدكتور كيفين ويباسنيك، مهندس مشروع ATB، في بيان صحفي لوكالة ناسا: "هذا العرض الأخير لتكنولوجيا البطاريات، مع بنية محسنة وكيمياء كهربائية منخفضة التفريغ الذاتي، يعد إنجازًا ضخمًا ربما لم يعتقد الكثيرون أنه ممكن".
ويبدو أن البطاريات هي الحل الوحيد لتشغيل مركبة هبوط الزهرة. إذ إن الألواح الشمسية ليست قابلة للحياة نظرًا لأن مستويات الإضاءة السطحية يمكن مقارنتها بيوم ملبد بالغيوم على الأرض، ولن تتحمل تصاميم الألواح الشمسية الحالية ضغوط السطح المرتفعة. ويتطلب المولد الكهروحراري للنظائر المشعة (RTG) إحضار مصدر حرارة إلى سطح كوكب الزهرة، وبما أن إدارة الحرارة تمثل بالفعل تحديًا رئيسيًا للمهمة، فإن هذه الطريقة ليست خيارًا جيدًا.
ولكن في كوكب الزهرة، يمكن للبطاريات الحرارية الاستفادة من الظروف الجوية المحيطة لتسخين إلكتروليت خاص عالي الحرارة يكون صلبًا وخاملًا عند درجة حرارة الغرفة القياسية. بالإضافة إلى ذلك، فإنها يمكن أن تظل تعمل دون الحاجة إلى عزل حراري.
وتقول "ناسا" إن هذا النهج الجديد للبطارية قد أظهر تحملا عاليا للحرارة لفترات زمنية غير مسبوقة، ويضع حجر الأساس لنموذج جديد في تكنولوجيا البطاريات ومركبات هبوط كوكب الزهرة.
ويعد العمل على النوع الجديد من البطاريات الحرارية جزءًا من العمل الجاري في مركز أبحاث "ناسا غلين" لتطوير مركبة هبوط صغيرة على كوكب الزهرة تسمى "مستكشف النظام الشمسي طويل العمر في الموقع" (LLISSE).
يستخدم البرنامج أحدث التطورات في أنظمة درجات الحرارة العالية ومفهوما جديد للعمليات، للسماح بالعمليات على سطح كوكب الزهرة لمدة 60 يومًا أو أكثر بينما يقوم المسبار بجمع البيانات العلمية ونقلها إلى مركبة كوكب الزهرة.
"LLISSE" سيزن حوالي 10 كيلوغرامات وسيحمل مجموعة من أجهزة الاستشعار الصغيرة لقياس الرياح والإشعاع ودرجة الحرارة والضغط ووفرة المكونات الكيميائية الرئيسية في الغلاف الجوي. وسيكون LLISSE نظامًا كاملاً مزودًا بالإلكترونيات والاتصالات والأجهزة - وكلها تتطلب بطارية للعمل.
تقول ATB إنها تتوقع أن يتم عرض نموذج أولي لنظام بطارية Venus قريبا جدا.