حضور الرئيس الأوكراني فولودمير زيلنسكي فعاليات القمة العربية في جدة السعودية اعتبره مراقبون “مفاجأة غير سارة” للكرملين الذي يُعول على تحييد الموقف العربي فيما يتعلق بحربه الضارية في أوكرانيا
ووجَه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة إلى القمة العربية في جدة السعودية، عبّر خلالها عما وصفه بـ “اهتمام روسيا بتطوير العلاقات الودية مع الدول العربية، من أجل مواجهة التهديدات والتحديات الحديثة بشكل فعال”، وذلك بعد ساعات فقط من كلمة ألقاها غريمه، الرئيس الأوكراني فولودمير زيلنسكي، على مرأى ومسمع القادة العرب.
وقال بوتين في برقية تحية بعثها للمشاركين في القمة العربية المنعقدة اليوم الجمعة في جدة، ونشر نصها على موقع الكرملين الإلكتورني: ” تولى روسيا تقليديا، أهمية كبيرة لتطوير العلاقات الودية وتعاون الشراكة البناءة مع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك في إطار الحوار مع جامعة الدول العربية، من أجل الاستجابة للتهديدات والتحديات التي تواجه الإنسانية الحديثة، بشكل فعال”.
وتابع الرئيس الروسي: “نحن عازمون على مواصلة دعم الجهود الجماعية من أجل الحل السلمي للقضايا الإقليمية الحادة، بما في ذلك الأزمات في السودان واليمن وليبيا وسوريا، مع الاحترام الثابت لسيادة الدولة وأحكام القانون الدولي القائمة”.
وشدد ساكن الكرملين على أن روسيا ستستمر في تقديم “كل مساعدة ممكنة لتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس المقاربات المنصوص عليها في قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وكذلك مبادرة السلام العربية التي تستضيف صاحبتها المملكة العربية السعودية، القمة الحالية لجامعة الدول العربية “.
وأضاف في سياق رسالته “نعتقد أن مواصلة توسيع التعاون متعدد الأوجه بين روسيا والدول العربية يلبي مصالحنا المشتركة بشكل كامل، ويتماشى مع بناء نظام أكثر عدلا وديمقراطية للعلاقات الدولية يقوم على مبادئ تعدد الأقطاب والمساواة الحقيقية واحترام المصالح المشروعة للجميع”.
الحضور المفاجيء لـ زيلنسكي يُربك الكرملين
وحضر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي القمة العربية في جدة اليوم الجمعة 19 مايو 2023، بدعوة من العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، في زيارة أثارت تفاعلا واسعا في العالم العربي.
وألقى زيلنسكي كلمة في الجلسة الافتتاحية للقمة، أكد فيها على حرص بلاده على تعزيز التعاون مع الدول العربية في مختلف المجالات، وخاصة في مكافحة الإرهاب والتطرف والتدخلات الخارجية.
وأشار إلى أن أوكرانيا تواجه تحديات كبيرة في مواجهة العدوان الروسي على سيادتها وأراضيها، مطالبا بتضامن الدول العربية مع بلاده في هذه المرحلة الحاسمة.
وأعرب عن تقديره للجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية في دفع عجلة التنمية والإصلاح في المنطقة، وفي تسوية النزاعات والأزمات بالطرق السلمية.
وقال زيلنسكي “أنا متأكد من أن كل دولكم تفهم ما هي المشاعر التي تختلجنا وواثق مما هو النداء التي سأطلقه هنا من جدة، فهو نداء وواجب لحماية الشعب الأوكراني، بمن فيهم المجتمع الأوكراني المسلم”.
وأشاد بجهود السعودية لإطلاق سراح أوكرانيين اعتقلتهم روسيا، معتبرا أن الأمر تجربة إيجابية، معربا عن أمله في تطوير هذه التجربة.
وتابع قائلا “نحن لا نملك الصواريخ التي يملكها العدو ولا نملك قدرات جوية توازي قدرات العدو (…)، لكننا نبقى أقوياء لأننا نعرف أن الحق إلى جانبنا”.
غضب عربي واسع من استدعاء زيلنسكي
عبّر ناشطون وحقوقيون في المنطقة العربية عن استيائهم العميق من استدعاء الرئيس الأوكراني فولودمير زيلنسكي لفعاليات القمة العربية.
هذه القمة التي وصفها الإعلامي السوري “أحمد موفق زيدان” بـ “قمة العار”، أثارت جدلا واسعا. فكتب زيدان “مهزلة قمة العار .. يُدعى زيلنسكي الذي قاوم الاحتلال الروسي دفاعاً عن أرضه، ويحرم ممثلو الشعب السوري الذين يقاومون المحتل المزدوج الروسي والإيراني من المشاركة، بل ويدعى من جلب الاحتلالين و 70 مليشيا طائفية، وأيد من احتل أرض زيلنسكي.. كوميدي سوداء.. ومفارقات، ولعب أطفال مضحكة”.
وتحدى الناشط “سالم ربيح” الحضور في القمة العربية بأن يطلبوا من زيلنسكي الإفصاح عن موقفه من القضية الفلسطينية، وكتب عبر تويتر “هل يتجرا قادة العرب ان يطالبوه بتحديد موقفه من الاحتلال الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل!”.
أما الإعلامي “سامي كمال الدين” فقارن بين حضور زيلنسكي وبشار الأسد لفعاليات القمة العربية في جدة قائلا :”في قمة جدة رئيس دافع عن وطنه وحماية بلاده.. ورئيس قتل شعبه.. فرق بين كبير الرئيس الأوكراني و الرئيس السوري”.
وتابع حديثه في ذات السياق قائلا أنه “لم يتوقع أحد صمود زيلنسكي في مواجهة روسيا، لكن توقع الجميع ما فعله بشار الأسد في الشعب السوري”.
وعلى صعيد متصل، اعتبر الناشط “عمار آغا القلعة” أن حضور زيلنسكي القمة العربية في جدة، ليس إلا دليلا على تدخل أمريكي واضح في تنظيمها وقال عبر حسابه على تويتر “وجود زيلنسكي في القمة العربية له مؤشر مهم للغاية”.
وشدد على أن “القمة وتحضيراتها وقراراتها وما سينتج عنها ، بما فيها طبعاً عودة المجرم .. إنما يتم برعاية امريكية ، هي رسالة بأن المنطقة العربية ما زالت تحت تأثير وزخم نفوذها التقليدي القوي .. وأن نفوذ الروس يتقلص .. وأن النفوذ الصيني محدود وتحت السيطرة”.