كشف تحقيق لجيش الاحتلال الإسرائيلي التفاصيل الدقيقة لعملية الجندي المصري الشهيد محمد صلاح، الذي نفذ منذ حوالي أسبوعين عملية إطلاق نار عند الحدود المصرية مع الاحتلال، وأدت لمقتل ثلاثة جنود إسرائيليين.
ونشرت ما تسمى "قيادة المنطقة الجنوبية" تحقيقها مساء أمس، واتخذت بناءً على تفاصيله العديد من القرارات منها عزل ضابط كبير ونقله لموقع آخر، وتوبيخ عدد من الضباط، واتخاذ خطوات أمنية جديدة.
وفي التفاصيل التي ذكرها التحقيق لحظة بلحظة، عند الساعة 4:20 فجرًا، قامت ضابطة القوة المناوبة في تلك الليلة بتفقد الجنود عبر الاتصال اللاسلكي، وفي النقطة التي وقعت فيها العملية، رد على التواصل اللاسلكي الجندي "أوري يتسحاق إيلوز"، وأجاب على أن كل شيء كان على ما يرام.
وعند الساعة 6:09 صباحًا، أظهر الفحص الاعتيادي عبر وسائل المراقبة، وتبين أن كل شيء كان في حالة طبيعية.
وكشف رادار حركةً غير معتادة في المنطقة عند الساعة 6:50 صباحًا، وخلال ذلك اتصل الجنود في موقع المراقبة على النقطة العسكرية ولكن الجنود لم يلاحظوا شيئًا، واستمرت عملية المسح بالمناطق المجاورة، وفي تلك اللحظة، وصل المنفذ إلى نقطة تسمى "فتحة أمنية"، وتبين أنه علم بشكل مسبق بمكانها، وتسلل منها. وخلال 11 دقيقة تسلل بهدوء تام نحو النقطة العسكرية، كما رصد ذلك عند الساعة 7:02 صباحًا.
وعند الساعة 7:14 صباحًا، وصل إلى النقطة العسكرية التي كان بها الجندي إيلوز، وبرفقته المجندة ليا بن نون، وكان حينها الجندي يتجول عند السياج المجاور لمركز الحراسة ويتفقد المنطقة وفي حالة تأهب وبرفقته سلاحه وكان يرتدي سترة، وبرصاصة واحدة قضى المنفذ عليه وقتله، ثم ذهب إلى النقطة نفسها وأطلق النار على المجندة، ثم استمر في التسلل داخل المنطقة.
وسمعت مجندات في النقطة الأخرى القريبة طلقات نارية، وتعرفن على شخص قريب من المكان، ولكن اعتقدن أنه مجند قرب الموقع، ولذلك لا يتم الإبلاغ عن الحدث في مثل هذه الظروف، بحسب التحقيق.
وعند الساعة 9:03 صباحًا، وصل مجندان من قوة المناوبة لتسلم مهامهما بدل الجنديين، قبل أن يعثرا عليهما عبارة عن جثث هامدة، وأطلقا فورًا نداء استغاثة.
وأعلن عن حالة الطوارئ والإبلاغ عن وجود عملية تسلل مع الساعة 9:22 صباحًا، وبعدها بخمس دقائق بدأت ما تسمى كتيبة "الفهد" التي تخدم بالمنطقة بعملية مسح شاملة للمنطقة والعمل على عزلها عن محيطها.
واكتشفت وحدة "قصاصي الأثر" العسكرية، آثار أقدام بشرية عند الساعة 9:34 صباحًا، وقدروا بشكل خاطئ أنها لشخص عاد باتجاه مصر، وعلى الرغم من ذلك اتخذ الضابط المناوب قرارًا بمواصلة عمليات البحث والتمشيط في المنطقة.
وبعد ساعة تقريبا من قرار البحث والتمشيط، تمكن "قائد فصيل" بالجيش من كشف المنفذ بمنظار ذات مدى 2كم.
وبعد التسلسل القيادي، تقرر عند الساعة 11:08 صباحًا، تسيير طائرة مسيرة وتعرفت على المنفذ بأنه مسلح، وعند الساعة 11:18، قام المنفذ بإطلاق النار، وعند الساعة 11:35، قام بتبادل لإطلاق النار مع قوة عسكرية وصلت المكان، في نطاق مداه 200 متر، ونتيجة لذلك أصيب جنديان، أحدهما أعلن عن مقتله لاحقًا متأثرًا بجروحه وهو "أوهاد دهان"، ليكون القتيل الثالث في العملية.
وعند الساعة 12:22 تواصل تبادل إطلاق النار مع قوة وصلت للتعزيز بالمكان، وبعد اشتباكات استمرت دقيقتين، تم "تصفية" المنفذ. وفق التحقيق.
وعزا التحقيق الأسباب الرئيسية لوقوع الهجوم، هي الممر الأمني (الفتحة) في السياج والذي كان مخفيًا ولكنه غير مقفل بأصفاد حديدية كما يتوجب، ولوجود سوء في تطبيق مبدأ الأمن والحماية في المنطقة الحدودية.
ويزعم التحقيق "أنه كان من الضروري ترتيب وتحديد الأولويات بشأن جاهزية الجيش الإسرائيلي والاستعداد للتعامل مع التهديد المشترك للتهريب، وكذلك الأحداث الأمنية، والجنود الذين قتلوا لم يرتكبوا أي أخطاء، وكانوا في حالة يقظة تامة وتعاملوا بشكل ميداني صحيح، كجنود إسرائيليين".
وبحسب التحقيق، تبين أن انتشار قوات الاحتلال في المنطقة كان جيدا، ولكن تقسيم الجنود بشكل زوجي في كل نقطة، ومدة المهمة، وطريقة التحكم، كانت خاطئة، كما يتبين أن القوات عند تحديد مكان المنفذ تم التصرف بحزم معه وتحييده.
ويؤكد التحقيق أن الفتحات الأمنية لم يكن يعلم بها الجنود مسبقًا وهي مخصصة لأي نشاط عند الضرورة للقوات "الإسرائيلية"، كما تبين أن الجنود الذين كانوا في النقاط القريبة، وبسبب كثرة الحوادث الجنائية لم يبلغوا عن سماع إطلاق النار.
وقرر الاحتلال وفق التحقيق، إغلاق النقاط الأمنية في السياج، وتقليص مدة مهمة المناوبة إلى أقل من 12 ساعة، كما تم إجراء تحقيق مشترك مع الجيش المصري على خلفية التعاون الأمني بين الجانبين.
كما تقرر عزل قائد ما يسمى لواء "فاران" في جيش الاحتلال "عيدو ساعاد"، وهو اللواء المسؤول عن المنطقة، ونقله إلى موقع آخر بسبب مسؤوليته العامة عن الحادثة، وتوبيخ قائد فرقة 80، "إيتسيك كوهين" بسبب عدم سيطرته على تنفيذ الإجراءات، وقائد كتيبة "كاراكال"، "ايفو كون" وتجميد ترقيته لمدة 5 سنوات، بسبب مسؤوليته في عدم التعامل بشكل عملياتي دقيق مع الحدث.
وتعقيبًا على ذلك، وصف قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال "إليعاز تواليدانو"، ما جرى بأنه "حادث خطير له عواقب تشغيلية خطيرة كان من الممكن منعها".
فيما قال رئيس أركان جيش الاحتلال هيرتسي هاليفي: "هذا حادث عملياتي نتج عنه نتيجة خطيرة لمقتل 3 جنود على يد مسلح واحد"، مؤكدًا أن هناك ثغرات وأخطاء كانت في المفهوم التشغيلي، كانت يمكن أن تمنع مثل هذا الهجوم.