ما زال الانقلاب القضائي الذي شرعت حكومة الاحتلال اليمينية بتنفيذه يترك تبعاته على تدهور العلاقات مع يهود العالم، وآخرها ما شهدته عدد من الولايات الأمريكية من انتقال الاحتجاجات الإسرائيلية إلى شوارعها في رفض واضح لزيارات عدد من وزراء الحكومة الحالية، فضلا عن التلاسن الأخير بين وزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين ونائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس.
توفا هرتسل أول سفيرة إسرائيلية إلى دول البلطيق بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، والمسؤولة عن العلاقات مع الكونغرس في السفارة الإسرائيلية بواشنطن، ذكرت أنه "قبل سنوات عديدة، وكجزء من عملي في السفارة تلقيت الكثير من الرسائل والمقالات من يهودية أمريكية عارضت بعض سياسات الحكومة الإسرائيلية، لكن ما شهدته الأسابيع الأخيرة من تطورات إسرائيلية داخلية انتقلت إلى الولايات المتحدة، خاصة مع وصول رئيس اللجنة الدستورية سيمحا روثمان الذي يقود الانقلاب القانوني، إلى نيويورك، وما رافقه من مظاهرات".
وأضافت في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، أن "الخشية من معارضة يهود الخارج للانقلاب القانوني في دولة الاحتلال تصل إلى حد التخوف من تراجع التبرعات المالية القادمة من الشتات، وهم يواجهون رفضا حكوميا علنيا لإبداء مواقفهم مما تشهده، وهو ما تبين من ملاسنة بين كوهين وهاريس حين زعم أن الانقلاب القانوني شأن إسرائيلي داخلي".
باراك رافيد المراسل السياسي لموقع واللا كشف "تفاصيل اللقاء الصعب بين زعماء الجالية اليهودية في بوسطن ووزير الاقتصاد نير بركات، وحذروه من أن تعامل حكومة الاحتلال مع الانقلاب القانوني سيضر بمكانة إسرائيل في الولايات المتحدة، بل وسيؤدي لزيادة معاداة السامية، متهمينه بوجود متطرفين في الحكومة الإسرائيلية، ما يكشف عن الشعور السائد لدى غالبية الجالية اليهودية المنظمة في الولايات المتحدة منذ تشكيل الحكومة اليمينية، خاصة منذ إطلاق برنامج إضعاف النظام القضائي".
وأضاف أن "رؤساء الاتحاد اليهودي في بوسطن وممثلي اللوبي المؤيد لإسرائيل IPAK ورابطة مكافحة التشهير، واللجنة اليهودية الأمريكية، شاركوا في الاجتماع مع بركات، وكان النقاش مفتوحًا ومؤثرًا، وأثيرت العديد من القضايا، بما في ذلك قلقهم مما يرونه من تصدّع متزايد بين الجالية اليهودية وإسرائيل، ورغم أنهم يعملون كل يوم لحماية إسرائيل، لكنهم يشعرون أنها لا تريدهم بعد الآن، ولم تعد تريدنا كجزء من العائلة اليهودية".
وأضافوا أن "سياسة الحكومة وسلوكها يلحقان أضرارًا جسيمة باليهودية الصهيونية الليبرالية في الولايات المتحدة، مع أنها مطالبة بأن تمكّنهم، وألا تعارضهم، وهذا ضرر لسنوات قادمة، لأن التطرف السائد في الحكومة الإسرائيلية يجعل عمل المنظمات الموالية لليهود أكثر صعوبة من الإسرائيليين في الولايات المتحدة، ويؤدي لمعاداة السامية".
تتزامن هذه التقارير مع انتشار النقد الموجه لدولة الاحتلال على المستوى المحلي في الولايات المتحدة، ويتهمونها بأنها تطلق النار على نفسها، وتقوّض موقعها في الولايات المتحدة، وكفيل بأن تصل الأضرار إلى المؤسسات الأمريكية الرسمية، بما في ذلك أن تضر بالدعم في الكونغرس، رغم أنه بالغ الأهمية لإسرائيل، لكن الانقلاب القانوني لحكومتها الحالية أسفر عن نشوء تصدع في هذا الدرع، ما يشكل تهديدا حقيقيا لها.