18.33°القدس
17.95°رام الله
17.75°الخليل
23.28°غزة
18.33° القدس
رام الله17.95°
الخليل17.75°
غزة23.28°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: المائلون من الرجال

وتقترب الشمس من الناس حتى ما يكون بينها وبينهم ذراع وتبلغ القلوب الحناجر وتُسقط الحوامل أجنتها وترى الناس ذاهلين حيارى يتمتمون "يا رب سلم" ويغرق العصاة في العرق بقدر ذنوبهم ويستبد الكرب بالبشر حتى يقولون: "يا رب حاسبنا ولو إلى النار"! مشهد تقشعر له الأبدان ويذوب منه الفؤاد وجلا وإشفاقا، ويحاول بعض البشر في الدنيا أن يعدوا له عدة تنجيهم من شيء من أهواله فيحفظون الزهراوين (البقرة وآل عمران) لتكونا غمامتين تظللهم يوم الحشر ويأخذون أنفسهم بالتربية والعزيمة لعلهم يكونوا أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله. يحتاج المرء إلى كل ذرة رحمة وثبات في ذلك الموقف، وهو ينتظر سجود المصطفى صلى الله عليه وسلم عند العرش ليسأل ربه الشفاعة التي اختباها لقومه، فتمر عليه أمته ويسقيهم من حوضه الشريف بيده الكريمة شربة ماء لا يظمؤون بعدها، ولكل سمة وصفة وباب عبادة وقربى يدخل إلى الجنة منه فيتألق وجه الحبيب باستقبال الغر المحجلين، ويفسح للمرأة الأرملة التي ربت اليتامى لتسابقه إلى استفتاح أبواب الجنة وليدخل الصائمون والمتصدقون وغيرهم كل من باب طاعته. وقبلهم يرى رجالا شقهم مائل لا تستقيم لهم قامة ولا ترتفع لهم هامة فيحزن لأجلهم ويستغيث بالله ويقول "رب أمتي أمتي" ثم يعرف خبرهم، فهؤلاء رجال تذرعوا بالدين والسنة في التعدد واستقوا به واستخدموا العنوان وظلموا وشطوا في المضمون والتطبيق فأساءوا للدين وللرسول وغيروا المحجة البيضاء التي تركها وسودوها بصنائعهم فكرهوا العباد في شريعة ربهم فيقول لهم "سحقا سحقا". قالوا يبررون في الدنيا لمن يسأل عن أهدافهم سنة الرسول نحييها والمجتمع نحفظه ونجبر الكسيرات وما في نفوسهم من ذلك النبل شيء سوى أعراض شخصية وأهواء ومطامع فردية لا تجاوز ذواتهم المنتفخة وعقولهم المحدودة وشهواتهم الصبيانية، ويا ليتهم كانوا صريحين بشأنها لاحترمهم الناس على الصراحة ولكن تلبسوا بالفضيلة فأساءوا إلى أنفسهم والى المبادئ. نعم سيأتي المعددون ممن لم يعدلوا ولو بشق تمرة مما أمر به الله العدل سبحانه بشق مائل يوم القيامة ليكون علامة على ميلهم عن شرع الله في الدنيا ودمغة سوء وتقصير واتهام وفضيحة على رؤوس الأشهاد يوم يحتاج المرء للستر والغفران والتجاوز ويذوب وجهه حياء من عتاب رب الخلق. سيأتي المعددون ممن لم يعدلوا مع خصومهم من الزوجات فيقاد للضعيف من القوي وينتصر رب العزة لكل آهة ولكل دمعة ولكل كسرة وتوضع الموازين فلا ظلم بمقدار حبة من خردل. ويأتي بالمقابل بالإمام العادل وكل من ولي شيئا إماما وراعية بدءا من أصغر حلقات المجتمع إلى أعلى هرم الحكم ليكون في ظل عرش الرحمن فقد تعب في دنياه حتى استنفذ جهده في الوفاء بعقد رباني لأكثر من امرأة، وقد جاء الحديث فيه "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" وأعطى من نفسه وقلبه وعقله وصبره ووقته وماله فلا جزاء لعمله الطيب وحسن صنيعه سوى ما بشر به حديث آخر من أن أقرب الناس مجلسا من عرش الرحمن هو الحاكم والقاضي العادل وهذا بإطلاق مفهوم الحكم والقضاء العادل في الولاية على أسرة أو دولة. نشفق على أمثال هؤلاء من الرجال من أصحاب الحال "المايل" والميل عن الحق والميلان إلى الباطل في الدنيا والشق المائل يوم القيامة ولو علموا ما ينتظرهم من قسط وعدل لأشفقوا على أنفسهم ولم يقدموا على التعدد إلا أن يكونوا أهلا وقدوة مع صعوبة الموقف أو يحجموا حفظا لأنفسهم ونجاة بها في الدنيا والآخرة وحفظا لحقوق وحرمات العباد وحفظا لصورة الدين. قد ننظر إلى ما لا نهاية عن الحاجة إلى التعدد كما يفعل المؤيدون مسلحين بكل النصوص الدينية وقد نحذر ونخوف بكل القصص والحجج والأرقام التي يسوقها المثبطون ولكن الفيصل هو تطبيق المعددين على أرض الواقع، ولذا قيل "فعل رجل في الف رجل خير من قول ألف رجل لرجل". إنها المواقف والتطبيق دائما أبلغ من الكلمات مهما كانت سامية والقدوات المعاصرة أكثر واقعية من القدوات السابقة على فضلهم، فالناس تقول ذلك زمن مضى وانقضى ولا طاقة لنا بعمل أصحابه فأعطونا أمثلة بشرية لبشر مثلنا يخطئون ويصيبون وقد أحسنوا في التعدد. لقد فتح الاسلام بلادا بحسن الخلق ونزاهة العمل لم يفتحها بالسيف والقوة وكذلك قلوب البشر لن تنفتح لقبول التعدد الا أن ترى أمام عينها الأمثلة الناجحة التي تجعلها تقبل شيئا من العلقم لأجل مزيد من العسل والمنفعة العامة مع الأيام. مساكين أيها المائلون من الرجال لو كنتم تدرون فحتى لو كنتم في دنياكم بقوة شمشون فهذه أيام ستمضي ولو طالت ثم تصغرون وتتضاءلون في يوم تتعالى فيه قامات المحسنين وترتفع منازلهم نحو العرش وتتطلع عيونهم لرؤية وجه المولى فاحذروا ثم احذروا ثم احذروا الا أن تكونوا أصحاب عزيمة وعدل فهنيئا لكم.