في السنوات القليلة الماضية قام المسؤولون حول العالم بإطلاق أسماء مختلفة على موجات الحر التي كانت تجتاح البلدان المختلفة. وتعد تسمية موجة الحر جزءًا من جهد حديث للفت الانتباه إلى مخاطر الصحة الجسدية والعقلية للحرارة الشديدة.
وكل عام، تقتل درجات الحرارة القاسية عددًا أكبر من الأشخاص أكثر من أي ظروف جوية أخرى على مستوى العالم.
وأصبح التعرف على الآثار الضارة للحرارة أكثر إلحاحًا مع تغير المناخ، الذي يؤدي إلى موجات حرارة أكثر تواترًا وأطول في جميع أنحاء العالم. وهذا الوعي مهم بشكل خاص الآن حيث إنه من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة إلى أرقام أعلى من المعتاد في معظم أنحاء العالم هذا الصيف.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، تشير التقديرات الرسمية إلى أن ما معدله 700 أمريكي يموتون سنويًا بسبب الحرارة الشديدة، لكن الخبراء يصفون الرقم بأنه أقل من العدد الإجمالي. ويستسلم العديد من الأشخاص للأزمات القلبية أو الربو أو أمراض الكلى التي تتفاقم بسبب الحرارة والتي لا تشير إليها شهادات الوفاة بأنها بسبب تأثير الطقس.
ماذا يحدث لأجسادنا؟
جفاف، وتقلصات العضلات، وإرهاق حراري، والتهابات المسالك البولية وحصوات الكلى، والأخطر من ذلك ضربة الشمس، وجميعها عواقب مباشرة لارتفاع الحرارة.
وبحسب مراجعة أجريت العام الماضي فإن كل ارتفاع بواقع درجة مئوية واحدة في درجة حرارة الهواء يزيد من الأمراض المرتبطة بالحرارة بنسبة 18%.
ويقول كريغ أندرسون، عالم النفس في جامعة ولاية أيوا الأمريكية، إن مشاكل الصحة العقلية، بما في ذلك الضائقة النفسية والانتحار، مرتبطة أيضًا بارتفاع درجات الحرارة. تم توثيق ذلك مؤخرًا عندما وجد العلماء الذين يفحصون بيانات المستشفيات في جميع أنحاء البلاد أن المزيد من الأشخاص يتوجهون إلى المستشفى وهم يعانون من القلق والفصام عندما يرتفع مقياس الحرارة.
ووجد أندرسون أن حالات الاعتداء والعنف تتصاعد أيضًا. وعلى ما يبدو فإن السبب بيولوجي حيث إنه يزداد الأدرينالين والمواد الكيميائية الأخرى في الجسم الحار، ما "يمكن أن يؤدي إلى مزيد من السلوك المتهور"، كما أن الحرارة تجعل الناس أكثر تذمرًا، ومع ذلك، فإن معظم الناس يتجاهلون هذه المخاطر.
ويمكن لأي شخص يقضي وقتًا في الشمس أن يتأثر عندما تشتد الحرارة، لكن بعض الأشخاص معرضون للخطر بشكل خاص أكثر من غيرهم. يشمل هذا في المقام الأول الأطفال وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من الفقر، وفقًا لبرنامج أبحاث التغيير العالمي الأمريكي، وهو الوكالة الفيدرالية المكلفة بفهم آثار تغير المناخ.
ويتأثر الأشخاص ذوو الدخل المنخفض بعدة طرق؛ قد لا يكون لديهم مكيفات هواء، ولديهم معدلات أعلى من الحالات الطبية التي تتفاقم بسبب الحرارة مثل أمراض الكلى والجهاز التنفسي، والعيش في أحياء بها عدد أقل من الأشجار والغطاء والنباتي.
وآخرون معرضون لخطر أكبر؛ العاملون في الهواء الطلق، والرياضيون الذين يتمرنون في الهواء الطلق، والأشخاص الذين يتناولون الأدوية لا سيما مضادات الهيستامين - التي تقلل من قدرتهم على تنظيم الحرارة، والنساء الحوامل.
كيف نقلل المخاطر الصحية للحرارة الشديدة؟
لتقليل المشكلات الصحية عند التعرض للحرارة الشديدة، من المهم الحد من الأنشطة الخارجية، خاصة خلال الوقت الأكثر سخونة من اليوم. وارتدِاء ملابس رقيقة فاتحة اللون، وشرب الماء على مدار اليوم بدلاً من تناول كميات كبيرة دفعة واحدة، لأن الجسم لا يستطيع امتصاص ما يكفي بهذه الطريقة.
وتشمل أعراض الإنهاك الحراري الدوخة، وتشنجات العضلات، والجلد الرطب، والضعف العام. وإذا لم يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة فإنه يمكن أن يتحول الإرهاق الحراري بسرعة إلى ضربة شمس، حيث يتحول الجلد إلى اللون الأحمر، ويتسارع معدل ضربات القلب، وتبدأ الأعضاء في الفشل، ويفقد الإنسان الوعي. هذه حالة طارئة يمكن أن تؤدي إلى الوفاة إذا لم يتم تقديم العلاج الطبي.