في الوقت الذي تواجه فيه العلاقات الاسرائيلية الأمريكية مزيدًا من التوتر بسبب الانقلاب القضائي لحكومة اليمين، فإن استمرارها بالبناء الاستيطاني غير القانوني في الضفة الغربية المحتلة يصبّ هو الآخر مزيدًا من الزيت على نار التوتر القائم أصلًا.
صحيح أن إدارة بايدن لا تزال تعلن التزامها بأمن دولة الاحتلال صباح مساء، رغم ما عكّر صفو علاقتهما من كدر مؤقت، لكن ما تشهده الضفة الغربية مسألة مهمة هي الأخرى، ليس بالضرورة إشفاقًا على الفلسطينيين، وحفاظًا على أراضيهم، بقدر ما هي رغبة أمريكية بعدم قلب الطاولة على رؤوس الجميع، والحفاظ على الحدّ الأدنى من العملية السياسية الجارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقد واجه الرئيس الاسرائيلي يتسحاق هرتسوغ في زيارته إلى واشنطن جزءًا من انتقاداتها الموجهة لحكومة اليمين على المخططات الاستيطانية التي تروج لها في الضفة الغربية، مع العلم أن مثل هذا الموقف الأمريكي الناقد للاحتلال يأتي عشية التحضير للانتخابات الرئاسية لعام 2024.
مع العلم أن التقييم الإسرائيلي للرئيس بايدن يرى أنه مرشحًا ضعيفًا، بل يواجه ضغوطًا من التقدميين في حزبه الديمقراطي، الذين يرغبون برؤية موقف أكثر حزما تجاه دولة الاحتلال، بل إنهم غاضبون منه لأنه لم يفِ بالالتزامات التي قطعها للفلسطينيين في الفترة الماضية، بما فيها إعادة فتح قنصلية أمريكية في القدس المحتلة، ويريدون منه إدانة أكثر حزمًا لنتيجة أعمال البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، وعنف المستوطنين وإرهابهم ضد الفلسطينيين.
في الوقت ذاته، لم يكن سرًّا أن الاستدارة الاضطرارية التي قامت بها حكومة اليمين الفاشي في تل أبيب تجاه تعزيز السلطة الفلسطينية، ودعمها، والعمل على منع انهيارها وإعلان إفلاسها، جاءت تحت ضغوط الولايات المتحدة التي أعلن رئيسها إشادته بقرار الحكومة.
في الوقت ذاته، زعم رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي أن بايدن يراد مواصلة المحادثات مع الفلسطينيين من خلال الوساطة الأمريكية، استكمالا للقمتين الأمنيتين في العقبة وشرم الشيخ، حيث تعهد الاحتلال خلالهما بتعليق إصدار تصاريح البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، رغم خروج تسريبات اسرائيلية مفادها التحضير لعقد اجتماع آخر للمجلس الأعلى الاستيطاني للترويج لمزيد من تصاريح البناء في وقت لاحق من هذا العام، بعد شهرين أو ثلاثة أشهر من التعطيل.
ملف فلسطيني ثالث طغى على العلاقات الامريكية الاسرائيلية مؤخرا، ويتعلق بتوقيعهما اتفاقية المعاملة بالمثل بينهما حول دخول الإسرائيليين للولايات المتحدة دون الحاجة لتأشيرة دخول، مقابل سماح الاحتلال للفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الأمريكية من دخول فلسطين المحتلة بحرية، ودون معاملة عنصرية مؤذية، باعتبار ذلك خطوة أخرى نحو إمكانية إدراج دولة الاحتلال في قائمة الدول التي يُعفى مواطنوها من تأشيرات الدخول للولايات المتحدة.