خبر: ماذا حصل في سيارة الأمم المتحدة ؟
24 سبتمبر 2011 . الساعة 11:58 ص بتوقيت القدس
الساعة سعيدة, نظر إلى ساعته قائلا: الساعة العاشرة والنصف مساءً, يا الله الشوارع فارغة, بدأ يطول الليل, أشرت لسيارة "سكودا صفراء" عائداً لخانيونس بعد نهار شاق من العمل, من أمام مبنى السرايا المهدم وسط غزة. في الطريق وأنا في الكرسي الخلفي للسيارة أشعل أحد الركاب "سيجارته اللعينة", لم أنتبه له حين أشعلها, فاجئتني بعد أن اجتاحت أنفي بقوة "10 ريختر", فقلت له: أستاذ ممكن تطفئ السيجارة السيارة مغلقة؟ نظر إلي وقال: "اصبر 4 دقايق وبتخلِّص السيجارة"؟ قلت له: لماذا لا تصبر أنت 20 دقيقة وتدخن براحتك؟ نظر إلي مكشراً عن أنيابه- شعرت حينها أني المتهم بمسؤوليتي عن قانون منع الدخان داخل السيارات في العالم- وقال لي: أنتم بدكم دولة, مش قادرين تصبروا على نفسين دخان, كيف بدكم دولة؟ قلت له: ولكن ما علاقة الدولة في إطفاء السيجارة, لو سمحت أطفئ السيجارة ! نظر إليه من بجانبي في السيارة وقال له: الدولة "برفان سياسي", إنت بتصدق أنه الأمم المتحدة بدها تعطينا دولة؟ يا ريت توفر لنا الحماية بالأول, إلنا 15 سنة وبنقول مفاوضات عالفاضي؟! التزمت الصمت في جدال كهذا لأن رأسي يؤلمني ولا أستطيع أن أخوض بموضوع جدلي آخر النهار. نظر السائق إلي الشاب المدخن وقال: أهلاً بيك في سيارة الأمم المتحدة, وهذا صاحبي أبو عدي سفير دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة –مشيرا للشاب الذي يجلس في الكرسي الأمامي-. ضحكت, لأن سفير دولة فلسطين, شاب في العشرينيات من العمر, وقاطع ضحكتي السائق من جديد موجها سؤالاً للشاب المدخن قائلاً: أنا مش قانوني, ولا بعرف أين تقع الأمم المتحدة, ولا أنا حماس ولا فتح ولا جبهة ولا جهاد, أنا سوَّاق, بس ممكن أعرف لما يصير إلنا دولة وين بدنا نضع اللاجئين في سوريا ولبنان والأردن ومصر فيها, إحنا ما في وسع إلنا في غزة, وين نجيب اللاجئين, نبني لهم أبراج مثلاً ؟ فهِّمني, أين سنضع دولتنا؟! في رام الله, في "خربة العدس", في "قاع القرين", وبعدين, لنفرض أن صار لنا دولة, كيف لنا أن نتحرك في أرجاء دولتنا, "يعني بأقدر أروح على الضفة وقت ما بدِّي؟" قاطعه من بجانبي قائلاً له: "تعال لجاي", مين بده يجيب المصاري لهذه الدولة, بينفع دولة مش قادرة تصرف على حالها, مين بده يحمي الدولة, بينفع دولة مش قادرة تحمي ولادها؟!, وبعدين مين قال لك أن مجلس الأمن يوزِّع دول على العالم؟! وإذا كان الدولة قبل ما تبدأ تتعرض لضغوط, طيب بعد ما تبدأ كيف ستتعامل مع الضغوط؟ قاطعه المدخن قائلاً: أنتم دايماً هيك شاطرين في "تكسير المجاديف". همس صديق السائق أبو عدي سفير دولة فلسطين, في سيارة الأمم المتحدة المتجهة إلى خانيونس, وأوقف السائق السيارة, نظرت من الشباك, فرأيت أبو عدي "يتبول" على جانب الرصيف, ضحكت مرة أخرى, وقلت في نفسي: أهلاً بي في سيارة الأمم المتحدة, مع سفير فلسطين "المنزحم" . دخل السيارة وقال: "بدكم تحرجونا يعني, خلينا نصل الأمم المتحدة بدون أي معيقات!!". مررنا بطريقنا على أكثر من 9 "حواجز" بدأ أولها في دوار "عسقولة" وانتهى آخرها أول مدينة خانيونس, فقال السفير: استرنا يا رب, الشرطة تبحث عن أي دولة ناقصة الأوصاف, ونظر إلى السائق قائلا: "إنت متأكد إنك خبَّئت الدولة كويس. قال له السائق: يا أبو عدي عامل إلنا قصة في هالدولة إللي كلها شارعين وحارسين, ومقسومة بدل المرة مرتين, وفيها بدل الوزير اثنين, وبدل المريض مليونين, بدون كهرب ولا ماء ولا طحين دولة مين هذه؟ دولة مين؟, لا تقلق ضبيتها في كيس, ووضعتها أسفل الكرسي الذي أجلس عليه, لن يجدوها؟! وصلنا خانيونس, نزل الركاب, نادي السائق بصوت عالي على محل "أبو شاويش" للفلافل, وقال له": أعطي سفير دولة فلسطين ب2 شيكل فلافل خلينا نتعشى بعدين نام؟! نزلت من السيارة, وللأسف لم يتوصل المجتمعون لحل بخصوص الدولة ؟ ودخَّنَ المُدَخِّن السيجارة كاملة "ضحك علينا بالسيجارة".