يحتاج الطفل إلى من يتواصل معه بحرية، ويتقبله بتفهم، ويقدره بصدق، حتى يكون باستطاعته أن يتحمل قدراً من الصعوبات التي ستواجهه في المستقبل، وهذا التواصل لابد أن يتمتع بمواصفات خاصة؛ حتى يكون إيجابياً منفتحاً وفعالاً ويؤثر في نفسية الطفل؛ حيث يساعده على بناء الثقة وتقدير الذات.
إضافة إلى أن التواصل الجيد المحسوب خطواته مع الأطفال، يعمل على تحسين ارتباط الطفل بأهله، ويشجعهم على الاستماع إليه، أما غياب وافتقاد هذا التواصل الدافئ، فيترك لدى الطفل انطباعاً سلبياً عن نفسه، ويسبب له الكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية والدراسية مستقبلاً. اللقاء والدكتورة فاطمة الشناوي أستاذة طب النفس للشرح والتفصيل.
أسباب لعدم التواصل
الطفل يولد صفحة بيضاء..ولا يولد محمّلاً بالأخطاء والصفات السلبية، إنما -هو- يكتسبها وتلتصق به بسبب معايشته لها داخل المنزل...وتأثره بها بشكل كبير..خاصة في سنوات عمره الأولى، مثل الأخطاء التي يرتكبها الآباء- بدون قصد- ويشاهدها الأبناء ويقلدونها من بعد.
لتصبح بعد فترة وبتكرارها أمام أعينهم..جزءاً من شخصيتهم وسلوكياتهم التي يتعاملون بها في المستقبل، مثل: التصرفات العدوانية..كالصراخ وإغلاق الأبواب بشدة، والعقاب الشديد وترهيب الطفل على أبسط الأخطاء وغيرها، مما يخيف الطفل ويبعده عن والديه.
المبالغة في التعميم، وإطلاق الأحكام العامة على تصرف واحد خاطئ للطفل، مما يضرّ بتقديره لذاته وعلاقاته مع غيره..كما أن محاولة الأب أو الأم تغيير مجرى الحديث.. رغم شدة انفعال الطفل وهو يتحدث وحماسه للموضوع، ما يتسبب في الانتقاص من مشاعره وتشككه فيها.
الرفض السريع لرغبات الطفل
كأن ترفض الأم رغبات الطفل دون مبرر أو وعد بتحقيقها، ما يتسبب في إحباطه وشعوره بعدم الأهمية...أو محاولة مقاطعة الطفل حتى يتوقف عن الحديث، ومصادرة مشاعره.. مع أن لا أحد يعرف ما يدور في عقل الطفل، وهذا يترك تأثيراً سلبياً على تواصله معك.
كما أن كثرة توجيه الأسئلة، تقطع الحديث وتعيق التواصل مع الأطفال،خاصة أنهم يجدون صعوبة في شرح مشاعرهم، خاصة عندما يغضبون أو يؤذون...وهناك الاستخفاف بمشاعر الطفل؛ والتي تحدث عندما يرفض اللعب مع صديق؛ بدعوى أنه لا يحبه، فأنت تجادلينه محاولةً لتغيير رأيه.
وربما أقنعته بعدم التعبير عن مشاعره بهذه الصورة السلبية -من وجهة نظرك- سيدتي ..لابد أن هناك طرقاً أخرى..ولا تنسي أن الخرس الزوجي والانتقاد المتبادل بينكما كآباء الأطفال تصرف يلاحظه الأطفال ويتأثرون به، ما يؤثر على مستوى تعاملات الأطفال مع الغير.
التسلط والتهكم، حيث يصدر أحد الوالدين أوامره للطفل باستمرار، ويستعمل عبارات تهكمية لانتقاده، مع أن ذلك يضره..والمعروف أن الطفل بطبيعته لا يفهم التهكم، ولا يظن أن والديه يسخران منه، إنما يأخذ الكلمات على محمل الجد بمعناها الحرفي.
نصائح للتواصل مع طفلك
تعلّمي فن الإصغاء، فهو أكثر عناصر عملية التواصل أهمية، فالإنصات الجيد للطفل ينقل له رسالة تقول: إن أفكارك يا صغيري تستحق الاستماع إليها، لهذا عليك التخفيف من النصائح وأن تصغي إليه فقط.
تقبلي مشاعر الطفل، فرحاً كان أو حزيناً..غاضباً كان أو منشرحاً..متحمساً أو بارد الانفعال، ولا تسألينه: "لا أدري لماذا أنت حزين؟"
أو تخبريه بقدر النعم المتوافرة لديه..وغير متاحة للغير، فهذه الكلمات تقلل من شأن مشاعره وتجعلها تتراكم داخله مسببة مشكلات نفسية خطيرة.
اضبطي طريقة وأسلوب انفعالك، فنبرة الصوت وشدته وطريقة الوقوف وإشارات اليدين ، لغة جسد تنقل للطفل معلومات مهمة عنك.
ولا تتلفظي..بالكلمات الغاضبة الناقدة، فهي لها تأثيرها المرعب على شخصية الطفل وأسلوب تعاملاته ومستقبله.
افهمي أسباب الصمت.. من الأهمية أن تتفهمي سبب صمت الطفل، وأن تحترمي خصوصيته، فربما يعكس شعوراً مهماً ..كما يعتقد.
أو هي طريقة يستخدمها ليحمي بها نفسه؛ لأنه يخاف ألا يفهمه أحد إذا قال وأخبر أهله بالحقيقة.
خصصي وقتاً محدداً لمشاركة طفلك اهتماماته
نعم خصّصي وقتاً لطفلك..بل واعتذري أمامه وعلى مسمع منه..حالة استقبال مكالمة هاتفية، لأن هذا الوقت مخصص له هو فقط.
هنا سيدرك طفلك إلى أي مدى تحتل علاقتك به مكانة خاصة في سلم أولوياتك..وأن الحديث والتواصل بينكما جيد وممتع وغير ممل أو بلا أهمية.
هيا رتبي يوماً مميزاً.. أسبوعياً أو شهرياً تجتمع فيه الأسرة وتتشارك التخطيط لأحداثه، ما يوفر فرصة جيدة للتواصل، وتعرف الطفل على مشاعر أفراد أسرته واهتماماتهم.
استخدمي العبارات التي تبدأ بكلمة "أنا"..مثل "أنا أشعر ببعض الضيق عندما لا تسمع كلامي"، سيكون أبلغ وأشد تأثيراً من قول "لقد كنت سيئاً في هذا الموقف". فالعبارة الأخيرة تضعه في زاوية الدفاع عن نفسه، أما العبارة الأولى فتركز على تأثرنا بسلوكه دون توجيه اللوم له.
الفصل بين السلوك والطفل ذاته
التعليقات الإيجابية والسلبية تكون أكثر فاعليةً عندما توجه لسلوك الطفل، وليس لشخصيته، فبدلاً من قول "أنت لن تلتزم بالقواعد أبدا" لنقل "هذا السلوك غير مسموح به..ولن يتكرر".
تجنب الرسائل المتناقضة، بأن تشير الكلمات إلى شعور ما، وتبدو لغة الجسد ونبرة الصوت مخالفة له، كأن نقول للطفل بعدم اهتمام "ما أجمل اختيارك لملابسك"، دون أن يرى أثر ذلك على وجهك.
التواصل بكتابة الملاحظات ..ولصقها في البيت، تعد وسيلة مهمة لتنمية التواصل وتوصيل الرسائل التي تحمل مشاعر جميلة.
فكتابة كلمة "أحبك" مثلا بخط اليد، ووضعها في حقيبة الطفل،أو داخل درج مكتبه، تزوده بدافع قوي جداً في أثناء اليوم.