21.11°القدس
20.82°رام الله
19.97°الخليل
24.69°غزة
21.11° القدس
رام الله20.82°
الخليل19.97°
غزة24.69°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: هل تسهم "إسرائيل" في دعم الأمن القومي الأمريكي؟

لقد بات في حكم المؤكد أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، مثله مثل من سبقه من الرؤساء الأمريكيين يرفض اعتبار العلاقة مع "إسرائيل" عبئاً استراتيجيا، بل ذخراً من الطراز الأول، وهذا الذي يفسر خروج أوباما عن طوره وهو يحاول التعبير عن تأييده غير المتحفظ "إسرائيل". وعلى الرغم من أن كل ما جاء في الخطابات التي ألقاها الرئيس أوباما خلال زيارته "إسرائيل" تؤكد أن الإدارة الأمريكية ترى في "إسرائيل" ذخراً استراتيجيا للولايات المتحدة، إلا أن القلق الإسرائيلي من الجدل الأمريكي الداخلي، دفع الكثير من المستويات الرسمية الإسرائيلية إلى تسريب معلومات، تعكس حجم إسهام "إسرائيل" في خدمة الأمن القومي للولايات المتحدة. ففي مقال نشره في صحيفة "إسرائيل اليوم"، أوضح دوري غولد مدير مركز القدس لدراسات المجتمع والدولة، وسفير "إسرائيل" السابق في الأمم المتحدة الذي عمل مستشاراً سياسياً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية وسعت من دائرة اهتماماتها وانشغالاتها من أجل جمع معلومات استخبارية، تخدم بشكل أساسي الأمن القومي الأمريكي، علاوة على طرح الكثير من الأمثلة التي تعكس مدى الدور الإسرائيلي في درء المخاطر عن الولايات المتحدة. المفارقة أن زيارة أوباما جاءت في ذروة تعبير الكثير من النخب في "إسرائيل" عن مخاوفها من الانطباع المتعاظم داخل الولايات المتحدة، بأن واشنطن باتت تدفع أثماناً استراتيجية نيابة عن "إسرائيل"، دون أن تقدم "تل أبيب" أي مقابل يذكر. فكثير من النخب الأمريكية باتت ترى بعد تفجر ثورات "الربيع العربي"، أن دوائر صنع القرار في "إسرائيل" باتت تطالب الولايات المتحدة بأن توفر الشروط التي تضمن عدم تدهور بيئتها الاستراتيجية، بعد زوال أو تصدع بعض أنظمة الاستبداد العربية التي كانت حافظت على استقرار البيئة الاستراتيجية للكيان الصهيوني، بما يخدم مصالحه. فعلى سبيل المثال، تطالب "إسرائيل" بأن تضمن الولايات المتحدة ألا يؤثر سقوط نظام مبارك وفوز مرشح الإخوان المسلمين بمنصب الرئاسة سلباً في التزام القاهرة باتفاقية "كامب ديفيد"، بل وصل الأمر إلى حد أن صناع القرار في "تل أبيب" يراهنون على أن توظف الإدارة الأمريكية المساعدات لمصر في إجبار النخبة الحاكمة في القاهرة حالياً، على مواصلة خط الشراكة الاستراتيجية مع "تل أبيب". وقد هدفت الزيارات العديدة التي قام بها وزير الحرب الإسرائيلي السابق إيهود براك للولايات المتحدة مؤخراً، إلى الضغط على واشنطن لكي تضمن ألا يؤدي أي حل للأزمة السورية إلى تمكين الجماعات الجهادية السنية من الحصول على موطئ قدم في سورياً، في حال تم التخلص من نظام بشار الأسد، وهو ما تعتبره "تل أبيب" تطوراً يغير بيئتها الاستراتيجية بشكل كارثي. ولم يعد سراً أن "إسرائيل" تطالب عبر القنوات السرية واشنطن بالتأثير في مجريات الأمور في الأردن؛ بحيث لا ينجح الحراك السياسي في الأردن في تغيير طابع الحكم هناك، بشكل يؤثر في الشراكة الاستراتيجية القائمة والمتجذرة بين الكيان الإسرائيلي والاردن. ولقد تجندت واشنطن لصالح "إسرائيل" ومنعت قبول فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وتوظف حالياً كل أدوات الضغط السياسي والمالي على السلطة الفلسطينية لثنيها عن التوجه لمحكمة الجنايات الدولية لعرض ملف الاستيطان اليهودي هناك، بعد أن تم قبول فلسطين، كدولة مراقب في الجمعية العامة. ولم تتردد "إسرائيل" في توظف كل آليات الابتزاز؛ من أجل دفع الولايات المتحدة لتصعيد العقوبات الاقتصادية ضد إيران، من أجل إجبارها على وقف برنامجها النووي. تدرك "إسرائيل" أن وفاء الولايات المتحدة بهذه المطالب أو بعضها يتطلب من الأمريكيين دفع أثمان اقتصادية واستراتيجية كبيرة، ومع ذلك فإنها ترفض القيام بالخطوات التي ترى الإدارة الأمريكية أنها تساعدها على الوفاء بهذه المطالب؛ وعلى رأس هذه الخطوات دفع التسوية السياسية للصراع مع الشعب الفلسطيني قدماً. ليس هذا فحسب، بل إن "إسرائيل" تحرص على جعل قدرة واشنطن على مساعدتها أمراً بالغ الصعوبة؛ عبر إصرارها على مواصلة الاستيطان ومشاريع التهويد الهاذية في القدس وأرجاء الضفة الغربية، بشكل يحرج الولايات المتحدة في العالمين العربي والإسلامي. ومن الأهمية بمكان التنويه هنا إلى حقيقة أن المطالب الإسرائيلية الآنفة الذكر تأتي في ظل تراجع مكانة الولايات المتحدة في المنطقة، كنتاج للثورات العربية، وغياب أو تضعضع أنظمة الحكم التي كانت أدوات الضغط الأمريكية ذات قدرة كبيرة على التأثير فيها. إن أحد القضايا التي باتت تستحوذ على الجدل الإسرائيلي الداخلي، وتغذي القلق الصهيوني بشأن مستقبل العلاقات مع الولايات المتحدة هو التحول الاقتصادي الهائل، الذي يحدث في الولايات المتحدة، والمتمثل في ثورة "الغاز الصخري"، والتي من المتوقع أن تضمن للولايات المتحدة اكتفاءها الذاتي من النفط والغاز بحلول عام 2016؛ أي إن هذا التطور يعني استغناء الولايات المتحدة عن مصادر الطاقة في الشرق العربي. ولا خلاف في "إسرائيل" على أنه في حال تحققت هذه التنبؤات، فإنها تعتبر تطوراً استراتيجياً سلبياً على "إسرائيل". وحسب المنطق الإسرائيلي، فإنه في حال استغنت الولايات المتحدة عن مصادر الطاقة في العالم العربي، فإن هذا يعني المس بمكانة "إسرائيل" الاستراتيجية لدى الولايات المتحدة، ولن يكون هناك ثمة حاجة إلى دورها كشرطي يعمل لصالح الأمريكيين. وهنا علينا أن نذكر ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون في مقابلة مع قناة التلفزة الأمريكية "سي.أن.أن"، عندما سئل عن حجم الثمن الاقتصادي الذي تدفعه الولايات المتحدة إلى "إسرائيل"، فجاء رد شارون بسيطاً ومباشراً، حيث قال: "إسرائيل هي كحاملة طائرات ثابتة تعمل لصالح الولايات المتحدة في المنطقة". على الرغم من أن هناك شكوكاً كبيرة إن كان شارون صدق نفسه عندما قال هذه العبارة، لكن كل المؤشرات تدلل على أن أوباما على الأقل يتبنى وجهة نظر شارون، ويتعامل مع "إسرائيل" على النحو الذي صوره، فهو يرى أنه بالإمكان منع حدوث مزيد من التراجع في مكانة الولايات المتحدة؛ عبر تعزيز قوة "إسرائيل" بصفتها أحد أهم عوامل الاستقرار في المنطقة.