الخصوصية التي تتمتع بها عملية الخليل عن باقي العمليات، لاعتبارات تكتيكية تم اتباعها في العملية، وإضافة إستراتيجية على العمل المقاوم في الضفة الغربية خلال المرحلة القادمة، وهذا يأخذ أشكالًا عدة، ويتم استحضار اعتبارات مهمة.
خصوصية المكان، حيث الثقل الكبير لمدينة الخليل كأكبر مدينة من ناحية السكان والمساحة، وموقعها في الجنوب، حيث إمكانية أن تشكل ثقلًا كبيرًا في تحرك المقاومين، سوءًا الفردي أو المنظم، وقد سبق أن سجلت حضورًا مهمًا على هذا الصعيد خلال الانتفاضة، خاصة بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي، وكان لها نصيب الأسد من منفذ العمليات الاستشهادية في الداخل المحتل، وهي المدينة التي ترتبط غالبية عائلاتها بالقدس المحتلة، بل إنها المدينة الوحيدة الفلسطينية التي يسمى أحد أبواب المسجد الأقصى باسمها، باب الخليل، وكان لها نصيب مهم في عدد العمليات الفردية منذ عام 2005.
مدينة الخليل التي يعاني قلبها خبث الاستيطان، والسيطرة على الحرم الإبراهيمي، وممارسات المستوطنين ضد الحرم، وضد المواطنين في البلدة القديمة، ومحاولات السيطرة الكاملة على البلدة القديمة، والتي رسختها اتفاقية الخليل بين السلطة والاحتلال، وأبقت الوجود الشكلي للسلطة، إلا من باب التنسيق الأمني، وجني الضرائب من المدينة الاقتصادية الأكبر في الضفة الغربية.
العملية لها ما بعدها بعودة الخليل بقوة للعمليات النوعية التي تمثل كابوسًا للاحتلال، الذي أُصيب بالصدمة من وقوع العملية في الخليل، وإيقاع الخسائر في صفوف المستوطنين، وبذلك تنتقل العمليات والحالة الثورية من أقصى الشمال من جنين لأقصى الجنوب في الخليل، وهي المدينة التي تضم غلاة المستوطنين، وينتشرون في أمكان واسعة، ما يسهل استهدافهم، وعجز جيش الاحتلال عن توفير الأمن لهم، خاصة أن 22 كتيبة من جيش الاحتلال تنتشر عمليًّا في شمال الضفة.
الخليل مدينة حماس، كما يصفها قادة الاحتلال، ويدرك أن إعلان حماس تبني العملية والمنفذين هي دعوة لتنفيذ مزيد من العمليات ضد المستوطنين وجيش الاحتلال، وأن حماس تعمل في كل المدن، حيث نفذت آخر عمليات لها، من نابلس وأريحا ورام الله وجنين والخليل، ما يشجع عناصر على تنفيذ عمليات توقع خسائر في صفوف المستوطنين والجنود.
بعد عملية الخليل وتهديد صالح العاروري، نائب رئيس حركة حماس، والشخص القوي في الضفة الغربية، أن عملية الخليل، لها ما بعدها، وأن تنفيذ عملية جديدة هو مسألة ساعات أو أيام، وأن التهديدات التي صدرت عن الاحتلال بتنفيذ عمليات اغتيال، بعد عملية الخليل، لن تمنع حماس من تنفيذ وعدها بمزيد من العمليات، بل يمكن أن تتسع، وتوقع عددًا أكبر من القتلى الصهاينة.
أهمية عملية الخليل في طريقة التنفيذ التي تمكن الفاعلون من الخروج بسلام من مكان تنفيذ العملية، وإمكانية تكرارها، كما الحال في عملية حوارة الأخيرة التي قتل فيها مستوطنان، ونجح منفذها من الخروج بسلام، ولم يتمكن الاحتلال من الوصول له، ما يمثل فشلًا كبيرًا للاحتلال في توقع العمليات، وكذلك في الوصول للمنفذين مباشرة.
لعل الأكثر أهمية في عملية الخليل أنها ستفتح شهية الشباب الفلسطيني للثأر من جيش الاحتلال والمستوطنين، بعد تصاعد اعتداءاتهم على المواطنين، كما حدث في الأقصى، والشيخ جراح، ورام الله، وغيرها، لوضع حد لجرائم المستوطنين وجيش الاحتلال.