يومًا بعد يوم، تواصل حكومة اليمين الفاشي المضيّ قدمًا في مشاريعها الاستيطانية الهادفة إلى ترحيل الفلسطينيين من قراهم وبلداتهم لإحلال قطعان المستوطنين بدلًا منهم، بالتزامن مع اتساع رقعة الاعتداءات والمضايقات العنيفة التي يمارسها هؤلاء بحماية ورعاية جيش الاحتلال.
تكشف الأرقام ارتفاعًا متزايدًا في اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين، ففي حين بلغت عام 2019 قرابة 14 اعتداء، فقد سجل عام 2020، 13 هجومًا، وفي 2021 وصل العدد إلى 14 هجومًا، وفي 2022 قفزت الاعتداءات إلى 40 هجومًا، ومنذ بداية 2023 كان هناك بالفعل 29 هجومًا عدوانيًّا على الفلسطينيين، مع العلم أنه في التجمعات السكانية الفلسطينية التي تم طردها، يمكن أن ترى بوضوح زيادة في عدد الهجمات العنيفة التي قام بها المستوطنون حتى ترحيل آخر فلسطيني، ولا سيما في مناطق "عين سامية، ورأس التين".
تظهر بيانات الأمم المتحدة أنه بين عامي 2019 وأغسطس 2023، أصيب مئات الفلسطينيين بسبب عنف المستوطنين، بينهم عدد من الشهداء، مع أن بعض المصابين الفلسطينيين أصيبوا نتيجة أنشطة جيش الاحتلال أو شرطته وحرس حدوده المتواجد في مكان الحادث، أو وصلت بعد هجمات المستوطنين.
عند تخصيص الحديث أكثر، فإنه يدور عن منطقة واسعة تمتد شرق رام الله إلى مشارف أريحا، والعديد من سكانها لاجئون من منطقة النقب منذ عام 1948، إذ تم ترحيلهم إلى الضفة الغربية، ومنذ عام 1967 تم ترحيلهم مرة أو مرتين، ووصل بعضهم إلى المنطقة في أواخر الستينيات بعد أن طردهم جيش الاحتلال من أماكن أخرى، في حين وصل آخرون إلى هناك في الثمانينيات أو التسعينيات، مع العلم أن معظم الأراضي التي يعيشون عليها مملوكة لفلسطينيين من القرى المجاورة، ويرتبطون بعقد إيجار طويل الأمد.
إضافة إلى عنف المستوطنين، تلعب سلطات دولة الاحتلال دورًا في ترحيل الفلسطينيين في هذه المناطق، عن طريق إصدار قرارات بحظر البناء، وهدم المنازل، ومنع إمكانية التوصيل المنظم للمياه والكهرباء، وبناء الطرق، وإصدار أوامر هدم للمدارس التي بُنيت بمساعدة الدول الأوروبية؛ وإنشاء المستوطنات غير الشرعية، والاعتراف بها، وبالطبع عدم منع أو الوقوف متفرجة في أثناء حوادث عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين.
يصعب على المرء فصل ما يحصل من عنف المستوطنين المتصاعد ضد الشعب الفلسطيني، عن وجود حكومة يمين فاشي، لا تتردد في تنفيذ مخططاتها الاستيطانية ومشاريعها العدوانية، حتى لو تخلل ذلك دخول الاحتلال في أزمة سياسية دبلوماسية مع دول العالم، خاصة الحليف الأكبر، لأن هذا اليمين يشعر أنه في سباق مع الزمن، ويريد فرض المزيد من الوقائع على الأرض قبيل مغادرته السلطة، تحت أي ظرف.