نحن الشعب الفلسطيني أكثر شعب على وجه الأرض يتوجع لنكبات الشعوب، وللمصائب التي تحل على رؤوسهم، سواء كانت النكبات والمصائب طبيعية كالزلزال والأعاصير، أو كانت النكبات سياسية كالصراعات الداخلية التي خلفت ملايين اللاجئين، أو كالغزو الخارجي، الذي يخلف الموت والدمار واللجوء، وكما قالت العرب: الثاكل تبكي للثاكل، وهذا حال الشعب الفلسطيني الذي يتعاطف بقلبه وروحه مع الشعب العربي المغربي، الذي ضربه الزلزال، وخلف مئات القتلى والجرحى.
لقد توجع شعبنا الفلسطيني لضحايا الزلزال الذي ضرب بلاد المغرب، وصدمته الأحداث المؤلمة، وكأنها تقع على أرض فلسطين، فالمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وفي الملمات يكون المسلم للمسلم منديلًا يمسح الدمعة، ويكون مطهرًا للجرح، وطبيبًا يداوي العثرات، والمداواة لا تقف عند حدود الدعاء والرجاء بالسلامة، ولا تقف عند حدود الصلاة من أجل الضحايا، والمداواة لا تتم بالشعارات والخطابات، وإنما بالفعل، والمساعدات المادية المقدمة للمنكوبين من الشعب المغربي.
قد يقول البعض، نحن شعب تحت الاحتلال، ونعاني الحصار، ونعيش في ظروف معيشية صعبة، ونحن شعب يتلقى المساعدات من المتبرعين والمحسنين، ولا حق لأحد أن يعتب علينا، لو قصرنا، أو عجزنا عن جمع مساعدات عينية أو مادية؛ دعمًا لأبناء جلدتنا في المغرب.
ذلك المنطق لا يستقيم والمواقف المسؤولة، وأزعم أن المساعدة المادية البسيطة التي ستقدم من قطاع غزة، ستكون كبيرة في عين الشعب المغربي، حتى ولو كانت بضع دراهم، يتم جمعها من خلال حملات تبرع تقودها الجمعيات الخيرية، وتتحرك من داخل المساجد، طلبًا لمساعدة الشعب المغربي، وقد وثق تاريخنا الفلسطيني تجربة عريقة في مضمار التبرع للشعوب المنكوبة، فقد سبق وتبرع الفلسطينيون الفقراء سنة 1960، بمبالغ مالية لمتضرري زلزال أغادير، الذي ضرب المغرب سنة 1960، وقد حظيت مساعدات قطاع غزة في ذلك الوقت بالاهتمام المغربي أكثر من الملايين التي قدمتها الدول الغنية، وما زلت أذكر في ذلك الوقت، أنني تبرعت أنا الطفل الفلسطيني اللاجئ الجائع بقرش مصري، وكان ذلك القرش هو مصروفي الشخصي.
وقد يقول البعض: إن مواقف الحكومة المغربية من التطبيع لا تشجع لجمع التبرعات للمنكوبين، وأن التعاون الأمني والاقتصادي والسياسي بين المغرب ودولة العدو، تحول دون المساعي لجمع المساعدات للشعب المغربي، وهذا كلام غير دقيق، ولا ينسجم والواقع، فالشعب المغربي لا يعترف بالتطبيع، والشعب المغربي هو الأقرب للقضية الفلسطينية، وهو جاهز للتضحية من أجل فلسطين، وسيعزز تبرع أهل غزة المحدود من مواقف الشعب المغربي الثابتة من القضية الفلسطينية.
أتمنى على المؤسسات المجتمعية أن تتبنى فكرة جمع التبرعات لمنكوبي الزلزال في المغرب، وأتمنى على لجنة متابعة العمل الحكومي في غزة، أن تصدر بيانًا، يحرض السكان على جمع التبرعات للمنكوبين في المغرب، رغم ظروف أهل غزة المادية الصعبة، وأتمنى على مساجد غزة أن تقوم بهذا الدور الديني، فالمساعدات ليست إنسانية فقط، المساعدات في مثل هذه الحالة لها أبعادها السياسية.