أكد قياديون ومتحدثون وفنانون فلسطينيون أن انتفاضة الأقصى واندحار الاحتلال عن غزة محطات تاريخية فاصلة في تاريخ الشعب الفلسطيني، تمهدان لتحرير فلسطين ودحر الاحتلال عن كامل ترابها خلال السنوات القادمة.
جاء ذلك خلال لقاء إعلامي نظمته كتلة الصحفي الفلسطيني بمنطقة غرب غزة عقد بمحررة "اليرموك" بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، أحيت خلالها الذكرى الـ 23 لانتفاضة الأقصى، والذكرى الـ 18 لاندحار الاحتلال عن غزة، في اللقاء الذي حمل عنوان "اندحار المحتل وانتفاضة الأقصى .. محطات على طريق التحرير"، شهد مشاركة نحو 40 صحفيا، وشخصيات سياسية وفنية وأسرى محررين.
وأكد المتحدثون، أن انتفاضة الأقصى التي شهدت تصاعد وتيرة الأعمال المقاومة مقارنة بالانتفاضة الأولى "الحجارة"، أدت لتطور قدرات المقاومة من الحجر إلى الصاروخ، مما أدى لاندحار الاحتلال، وأن الضفة ماضية على طريق تحرير نفسها كما فعلت غزة، خاصة في مدن شمال الضفة على وقع ضربات المقاومين المتتالية.
وعلق المشاركون صورًا لشهداء انتفاضة الأقصى على أشجار المحررات تخليدا لذكراهم، وأبرزهم محمد الدرة، وفارس عودة، وتجولوا داخل المحررة البالغ مساحتها نحو ألف دونم، واطلعوا على التطور الزراعي فيها.
ورحبت رئيس كتلة الصحفي بغرب غزة وردة الزبدة بالحضور، وشكرت الإدارة العامة للمحررات على التعاون في إحياء ذكرى انتفاضة الأقصى واندحار الاحتلال.
وأكدت الزبدة أن اندحار الاحتلال عن غزة حدث نتيجة ضربات المقاومة المتتالية، وصمود الشعب الفلسطيني، فيما مثلت انتفاضة "الأقصى" محطة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني، توحدت فيها الدماء والآلام وسطر الشعب الفلسطيني ملحمة كبيرة، واستشهد خلالها 4412 مواطنا، وجرح خلالها 49 ألف فلسطيني.
وأوضحت أن "إحياء ذكرى الاندحار والانتفاضة من نفس الأماكن التي كانت شاهدة على ظلم الاحتلال للشعب الفلسطيني وسرقة موارده، تهدف لجعل الصحفيين يعايشون عن كثب الواقع الذي تغير"، مشيدةً، بدور الإعلام الفلسطيني في الانحياز لقضيته العادلة، وفضح جرائم الاحتلال، وامتشاق سلاح القلم والصوت والصورة في مواجهة الاحتلال وخوض معركة أخرى كالتي تخوضها المقاومة.
محطة فارقة
من جانبه، عدَّ القيادي في حركة حماس إسماعيل رضوان أن اندحار الاحتلال عن القطاع، محطة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وحدث فاصل بين مرحلتين، إذ فصل بين مرحلة التنسيق الأمني والتعذيب واستهداف المقاومة التي كانت امكانياتها ضعيفة في تلك الفترة، فيما كانت المستوطنات الإسرائيلية التي اندحر الاحتلال عنها تقطع أوصال القطاع.
وأكد رضوان أن اندحار الاحتلال أدى لتطور قدرات المقاومة، من خلال وجود حكومة دعمت ظهر المقاومة ووفرت البيئة الحاضنة لها، فضلا عن صمود الشعب الفلسطيني والتفافه حول خيار المقاومة والتمسك به.
وقال إن: "غزة أصبحت أنموذجا يحتذى به بالعزة والكرامة، وأن الضفة الغربية تسير على خطى غزة في دحر الاحتلال وتوسيع رقعة المقاومة".
واعتبر رضوان انتفاضة الأقصى محطة فاصلة في تاريخ الشعب الفلسطيني شكلت أحد أبرز أشكال النضال والمقاومة، كانت أحد الأسباب الرئيسية في اندحار الاحتلال عن قطاع غزة عام 2005.
فيما استعرض المحرر والمبعد لغزة منصور ريان تجربته داخل سجون الاحتلال، وحياة الأسرى اليومية خلف القضبان، وروتينهم اليومي، مؤكدًا، أن الأسير الفلسطيني لا يمكنه التأقلم على ظروف الاعتقال مهما أمضى من سنوات اعتقال.
وقال ريان: إن "الأسير وفي كل يوم أو شهر أو سنة تمر وهو في الاعتقال، يظل ينتظر ساعة الفرج والحرية"، مشيرًا، إلى أن الأسرى يعيشون معاناة كبيرة داخل الأسر، فيما تتجرع عائلاتهم مرارة الانتظار.
وأضاف، أن والدته كانت تنتظر لحظة تحرره، وأن أكثر شيء كان يؤرقها هو مرور سنوات له داخل السجن، وتغير الحياة حولها فيما بقي هو خلف القضبان.
وروى ريان وهو محرر مبعد إلى غزة من سكان قرية "قراوة بني حسان" قضاء سلفيت شمال غرب الضفة الغربية المحتلة، قصة اعتقاله في 2 إبريل/ نيسان 1993، بعدما نجح وهو فتى يافع لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره في حينه، في قتل حاخام متطرف يُدعى "يورم سخوري" طعنًا بالسكين، وإصابة زوجته "حنا سخوري" بجروح، داخل مغتصبة "كريات نظافيم" القريبة من "أريئيل" بالضفة الغربية.
ما بعد الاندحار
من جهته، أفاد مدير الدائرة الزراعية في وحدة المحررات محمد العرجا، أن مساحة المحررات تشكل 35% من مساحة قطاع غزة وتشمل قطاعات سياحية وزراعية وتعليمية، وتبلغ مساحتها الكلية 25 ألف دونم، منها 10 آلاف دونم للقطاع الزراعي.
وأشار العرجا إلى أن الإدارة العامة للمحررات قدمت 9 شهداء من موظفيها عندما استهدفها الاحتلال خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع عام 2008 -2009.
واستعرض حجم التطور الذي حصل بالقطاع الاقتصادي بعد اندحار الاحتلال وزراعة المحررات، وانتاج الكثير من المحاصيل والوصول للاكتفاء الذاتي في العديد منها، لافتا، إلى أن 80% من الانتاج الحيواني من "الحبش" في قطاع غزة يتم في المحررات.
وأكد أن إدارته تسعى لتعزيز السياحة الزراعية، لتعريف الناس بمستوى التطور الحاصل، وإطلاعهم عن كثب على الانتاج الزراعي والحيواني فيها، وكيف كان حالها قبل اندحار الاحتلال.
في السياق ذاته، أكد الفنان وليد أبو جياب على أهمية الفن الفلسطيني في تجسيد الواقع، وأن المحررات ساهمت في توفير أماكن مكنت من رواية الأحداث للأجيال الفلسطيني، واصدار أعمال فنية لاقت رواجا محليا وعربيا ودوليا.
كما أكد أبو جياب، أن الرسائل الفنية التي جسدتها المسلسلات والأفلام الدرامية، دحضت رواية الاحتلال وكشفت أكاذيبهم، وأن الفن الدرامي الفلسطيني قدم رسائل توعوية وأمنية للأجيال الفلسطينية، في الأمن الشخصي وفي كشف ألاعيب السجانين الإسرائيليين داخل السجن خلال التحقيق حتى لا يكون الأسير في أيامه الأولى فريسة سهلة لهؤلاء المحققين.
ونبه، إلى أن الدراما لم تغفل قضية الأسرى وأفردت مساحة لها في مسلسل "الروح"، وأكثر من نصف العمل أفردته للأسرى في مسلسل الفدائي "1و 2"، وسلطت الضوء على حياتهم ووسائل التعذيب الممارسة بحقهم.