21.11°القدس
20.82°رام الله
19.97°الخليل
24.69°غزة
21.11° القدس
رام الله20.82°
الخليل19.97°
غزة24.69°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: اتصال من الثريا

السلام عليكم -وعليكم السلام -كيف حالك يا ابنتي؟ -الحمد لله ميزت الصوت ولكني لم أصدق! -أنا ابراهيم زيد الكيلاني أذكر يومها أني افتقرت الى اللياقة، ولم أستطع حتى أن أرحب أو أقول أهلا، فقد كنت أعالج دهشتي وارتباكي الذي تملكني طوال المكالمة، فأي فضل أن يكلمني الاستاذ والعالم والوالد الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني ليحييني، ويشد من أزري ويثني على خربشاتي البسيطة، ويخبرني أنه يتابعني دوما! كان يتكلم وأحس بنفسي أتضاءل كقزم يتضاءل أمام عملاق، وتقلص مخزوني من اللغة العربية فلم أستطع الرد الا بنعم وشكرا، وأكرمك الله ودعواتك! قامة علمية سامقة تقتطع من وقتها الثمين بأبوية محضة لتقرأ لي! كم شعرت يومها أن الكلمة عظيمة وأن الأمانة كبيرة، وأنني عندما أحسن الكتابة فبفضل الله أولا، ثم بأناس صالحين يحيطونني بدعوات التوفيق. كنت من جيل عايش خطب الدكتور الكيلاني في ظروف حرجة مر بها الأردن والأمة جمعاء، وكان يكفي أن تسمع الصوت من بعيد مجلجلا محملا بمعاني عزة الإسلام، واستنهاض الهمم لتعرف أن الخطيب هو الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني الذي لم يعرف سقفا في حياته سوى مخافة الله، وكنت كلما سمعت له أذكر كيف أن الصوت المجلجل بالحق من أسباب النصر كصوت العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جمع المسلمين حول راية الحق عند الابتلاء في حنين. وعندما منع من الخطابة رحمه الله صدح صوته بشكل آخر، واستمر جهاده في ميدان شمل تأثيره الأردن من أقصاه الى أقصاه، أو كما يقول تلميذه الاستاذ الدكتور محمد المجالي «من الغور الى الجفور، ومن العقبة الى الهضبة»، وذلك بتأسيس جمعية المحافظة على القرآن التي توسعت لتشمل 750 مركزا، وهذه الجمعية هي احدى وجوه الأردن القرآني ولها انجازات غير مسبوقة فقد خرّجت من أكاديمياتها القرآنية 3500 حافظ وحافظة، هذا غير دورات العلوم القرآنية والشرعية والدورات الثقافية والاجتماعية التي جعلت من مراكز الجمعية شعلة إشعاع وتجميع وتوعية وعمل وخدمة وتفعيل أينما وجدت، كما قدم الأردن القرآني تجربة رائدة في هذا المجال استفادت منها المؤسسات العربية والإسلامية، بل كان سباقا الى مشروع إصدار مصاحف للصم والمكفوفين. كنت كلما قرأت عن انجازات الجمعية وشاركت في نشاطاتها، ورأيت الطاعنين في السن والأُميين والأطفال الذين بالكاد يميزون الأبجدية، يتسابقون الى مائدة القرآن تلاوة وحفظا وفهما أرى محبة الله للدكتور إبراهيم زيد الكيلاني وزملائه، وكم أجرى من الخير والصدقات الجارية على أيديهم، وقد صدق فيهم قول ابن الجوزي: "رجال مؤمنون ونساء مؤمنات يحفظ الله بهم الأرض، بواطنهم كظواهرهم، بل أجلى، وسرائرهم كعلانيتهم، بل أحلى، وهممهم عند الثريا بل أعلى‏، فالناس في غفلاتهم وهم في قطع فلاتهم، تحبهم بقاع الأرض وتفرح بهم أملاك السماء‏، نسأل الله عز وجل التوفيق لاتباعهم وأن يجعلنا من أتباعهم‏". أما النقطة المضيئة الأخرى التي أعجبتني كامرأة، فهو عنايته رحمه الله بزوجته أم الطيب التي حفظت في كنفه القرآن بالسند المتصل، وعقدت في بيتها مجلسا للعلم، وخرجت الكثير من الحافظات، وكذلك عنايته بأولاده وبناته الذين خلفوه في وراثة علوم الدين وتسخير علوم الدنيا في خدمة الدين. عاش رحمه الله جنة الدنيا وقرة العين في بيته كما حاول زرعها بين الناس، وطبق في بيته أولا قبل أن يعظ الناس، فكان خيرا لأهله وخيرا للناس. رحم الله أبا الطيب، وإنَّا لنحسبه من الصالحين وأبدال الشام، ولا نزكيه على الله وقد كنا بأمثاله بيننا نستدفع البأساء ونستسقي المطر، اللهم عوض الأردن والأمة عنه خيرا.