أثار شريط الفيديو الذي نشرته حركة حماس أمس الاثنين، لثلاثة محتجزين إسرائيليين كبار بالسن، ردود فعل داخل إسرائيل وفي وسائل الإعلام العبرية، ولدى عائلاتهم، التي تواصل الضغط على الحكومة ومجلس الحرب لإبرام صفقة جديدة تعيد المحتجزين والأسرى، خاصة بعد مقتل عدد منهم بنيران إسرائيلية.
وفي ظل الضغوطات المتواصلة على حكومة الاحتلال، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الثلاثاء، بأنّ إسرائيل تدرس تقديم تنازلات في سبيل إبرام صفقة جديدة، مشيرة إلى أنّ المسؤولين الإسرائيليين يدركون أنّ الثمن قد يكون باهظاً هذه المرة، مقابل إفراج حماس عن محتجزين، وعليه يدرسون إمكانيات إطلاق سراح أسرى كبار، بمعنى لهم وزن نوعي، في سبيل استعادة المحتجزين الإسرائيليين.
وتتخوف تل أبيب في الوقت ذاته من أنّ تجديد المفاوضات من أجل إعادة المحتجزين ينطوي على بعض المخاطر، من منظورها، بما في ذلك التأثير على سير حربها البرية على قطاع غزة.
وعليه يشدد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت في تصريحاتهما، على أنّ الضغط العسكري هو الأمر الوحيد الذي يقود إلى نتائج أمام حركة حماس، في حين تقول الحركة في المقابل، إنه لا مفاوضات دون وقف لإطلاق النار.
وتحركت إسرائيل في سبيل عقد صفقة تبادل أسرى جديدة لعدة أسباب؛ من بينها قتل جنودها ثلاثة محتجزين إسرائيليين في قطاع غزة يوم الجمعة الماضي "عن طريق الخطأ"، بالإضافة إلى مفارقة عدد من المحتجزين الحياة خلال فترة الأسر في غزة، واستعادة جيش الاحتلال عدداً منهم جثثاً هامدة.
وسبق أن أعلنت جهات في المقاومة، في أكثر من مرة، أنّ عدداً من الأسرى الإسرائيليين قُتل خلال القصف الإسرائيلي.
3 شروط إسرائيلية بشأن صفقة جديدة تعيد المحتجزين
والتقى رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد" ديفيد برنيع، ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بالإضافة إلى رئيس جهاز الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه"، وليام بيرنز، في إحدى العواصم الأوروبية، أمس الاثنين، للتباحث بشأن صفقة تبادل أسرى جديدة.
وكشفت "يديعوت أحرونوت"، أنّ إسرائيل تحدثت عن 3 مبادئ أساسية في المفاوضات؛ الأول أنّ أي مفاوضات مع حركة حماس تكون تحت إطلاق النار ولن يكون ولو يوم هدنة واحد دون إعادة المحتجزين.
أما الشرط الإسرائيلي الثاني فهو صفقة تستمر من حيث توقفت الصفقة السابقة، بمعنى أنّ إسرائيل لن تتنازل عن إعادة النساء اللواتي بقين في الأسر.
والشرط الثالث الذي تتمسك به إسرائيل أن تتم الصفقة بحسب مفاتيح واضحة لكل واحدة من الفئات.
وعلى خلفية نشر المقاومة مقطع الفيديو، أمس، قد ترغب إسرائيل باستعادة المحتجزين كبار السن إلى جانب النساء والمرضى، فيما تشدد على أنها تتحدث عن صفقة لإعادة محتجزين أحياء فقط.
أيام حاسمة
ونقلت الصحيفة ذاتها عن مصدر سياسي إسرائيلي لم تسمه قوله: "الأيام القريبة ستكون حاسمة وستتميز بالضغط. في هذه الأيام الكرة ليست في ملعب إسرائيل. رئيس الموساد قام بالخطوة (الأولى) والآن الضغوط ستنتقل من الولايات المتحدة إلى قطر ومن قطر إلى حماس وهذا سيتطلب عدة أيام".
وحول استعداد إسرائيل لإطلاق سراح أسرى فلسطينيين "نوعيين" وكذلك أسرى تصفهم بأنّ "دماء على أيديهم"، مقابل إطلاق سراح فئات جديدة من المحتجزين الإسرائيليين، قال المصدر ذاته إنّ ذلك الأمر قد يكون ممكناً.
وتلاحظ إسرائيل في هذه الفترة أنّ الولايات المتحدة عازمة على التوصل إلى صفقة جديدة، وأنّ رئيس "سي آي إيه" يوجد في صلب القضية بتعليمات مباشرة من الرئيس الأميركي جو بايدن، وأنه معني بالتوصل إلى نتائج.
وكان مصدر مصري قد كشف في تصريحات، أنّ "المسؤولين في القاهرة بالتنسيق مع الدوحة، أبلغوا مسؤولين في الإدارة الأميركية، بصعوبة إبرام اتفاق تبادل أسرى بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة حماس، شبيه بالاتفاق الذي جرى في السابق، في ظل تمسك المقاومة بالشرط الخاص بوقف فوري لإطلاق النار، وعدم المشاركة في أي مفاوضات تحت القصف".
ورغم ذلك، أوضح المصدر أنّ "الإدارة الأميركية لا تزال تعتقد أنه بالإمكان التوصل لاتفاق جديد شبيه بالاتفاق السابق، إذا مارست مصر وقطر ضغوطاً أوسع على حماس، وهو ما تراه القاهرة، بعيداً تماماً عن الواقع".
وأكدت مصادر مصرية مطلعة على الوساطة التي تشارك بها القاهرة بين حكومة الاحتلال، وفصائل المقاومة في قطاع غزة، "تلقي القاهرة إفادة أميركية بوصول رئيس وكالة هيئة الاستخبارات الأميركية، وليام بيرنز، في زيارة للمنطقة، قد تشمل القاهرة إلى جانب الدوحة، خلال الأيام القليلة المقبلة".
واعتبرت المصادر أنّ هذه الزيارة "بمثابة إشارة إلى الرغبة الأميركية والإسرائيلية بإبرام اتفاق لتبادل الأسرى في أسرع وقت ممكن".
صفقة أكثر تعقيداً بشأن المحتجزين والأسرى
مع ذلك، تدرك إسرائيل أنّ الصفقة هذه المرة ستكون أكثر تعقيداً من المرة الماضية، وأنّ حركة حماس تريد من خلالها التوصل إلى فترة طويلة من وقف إطلاق النار، بحسب التقديرات الإسرائيلية، فيما إسرائيل، غير مستعدة لمنحها ذلك وإنما العمل بمبدأ إطلاق سراح محتجزين مقابل أيام هدنة، وليس أكثر من ذلك.
وتواصل دولة الاحتلال زيادة الضغط العسكري على حركة حماس، معتقدة أن ضغطاً من هذا النوع فقط سيدفع حماس لإبداء مرونة في المفاوضات من أجل صفقة جديدة.
ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن مصادر سياسية لم تسمّها، قولها إنّ "هناك رغبة كبيرة لدى الجانبين الأميركي والإسرائيلي (بالتوصل إلى صفقة) ولكن ليس بأي ثمن. إذا وضعت حماس شرط انسحاب كل قواتنا فهذا ليس وارداً في الحسبان. أما إذا كانت حماس واقعية ووافقت على صفقة مشابهة للصفقة السابقة فهناك مجال للحديث. الآن لا تزال الصفقة بعيدة أكثر من كونها قريبة (..) المفاوضات في بداية الطريق ونحن نعمل على ذلك، ولكن هذا الأمر لن يحصل على الفور".
وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أنّ توقيت نشر حركة حماس لفيديو الأسرى الثلاثة، يوم أمس الاثنين، لم يكن عبثياً وإنما على ضوء التطورات، كما تشير التقديرات إلى أنّ اختيار الحركة نشر فيديو لثلاثة أشخاص كبار في السن، فيه إشارة إلى رغبتها في الانتقال إلى فئات جديدة.
وكانت إسرائيل قد رفضت قبل انهيار الصفقة الماضية اقتراح حماس الإفراج عن المسنين.