أكد رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل، أمس الأربعاء، أن معركة طوفان الأقصى التي شنتها الحركة بمحاذاة قطاع غزّة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت غيرت كل عناصر المشهد التي كانت في حالة سكون وموات، مضيفا أن الاحتلال الإسرائيلي كان يعمل قبل هذا التاريخ على "تطبيق أجندته، خاصة في الضفة الغربية والقدس، وتطبيق رؤيته الصهيونية، فضلًا عن خنق غزة وتحويلها إلى سجن كبير وموت بطيء". كما حدّد سبع نقاط قال إنه يجب التركيز عليها لترتيب البيت الفلسطيني.
وقال مشعل خلال ندوة علمية بعنوان "معركة طوفان الأقصى وانعكاساتها على ترتيب البيت الفلسطيني"، نظمها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات عبر تقنية اتصال الفيديو "زوم"، إن القضية الفلسطينية كانت في حالة من السبات، وفجأة بعثر "طوفان الأقصى هذه العناصر المتعلقة بالقضية وبالصراع وبأطراف الصراع وبالأطراف المؤثرة فيه إقليميًا ودوليًا"، لافتا إلى أن هذه التحولات غير المسبوقة والانفعال العالمي سلبًا أو إيجابًا نحو المعركة، جعلت غزة مركز الحدث العالمي".
وبين مشعل أن معركة طوفان الأقصى أصابت الناس بصدمة إيجابية وجعلتها ترى بشائر أن "إسرائيل يمكن هزيمتها، فهذه تحولات في النفس والوجدان والرؤيا السياسية، وتشكل منعطفاً وتحولًا مهماً جدا"، مضيفا: "السيناريو الأقرب للتحقق هو انهيار هذا الكيان وتفككه وفقدانه مبررات وجوده، وربما رفع اليد الدولية عنه وفقدانه قيمته الاستراتيجية أداةً استعماريةً لتطويع للمنطقة وتحقيق للمصالح الغربية، وحرب سيف القدس عام 2021 مع طوفان الأقصى أعطيا مؤشرًا إلى أن هذا الكيان تمكن هزيمته، وربما انهياره مرة واحدة يمكن أن يكون واقعا".
وأشار إلى أن طوفان الأقصى "دمر الاحتلال الإسرائيلي أمنيا وأربك كل حساباته وضرب نظريته الأمنية والعسكرية، وأحدث زلزالا سياسيا وعمق خلافاته الداخلية، إضافة للآثار الاقتصادية الكبيرة"، متابعا أنه "على الصعيد الشعبي، ترك الطوفان روحا عظيمة، أما على الصعيد الإقليمي فهناك دول تعاملت بجدية مع هذا الطوفان، والبعض مرتبك، والبعض يترقب مآلات هذه المعركة، بينما برز دور دول إقليمية مثل إيران واتسع هذا الدور سياسيًا وعسكريا". وشدد مشعل على أن طوفان الأقصى غير المفاهيم على صعيد الشارع الدولي والشارع الإنساني في أوروبا وأميركا، والحديث عن فلسطين من البحر إلى النهر، وزوال إسرائيل وعدم شرعيتها، والحديث عن المقاومة ورموزها.
وتحدث مشعل عن سبع نقاط يجب التركيز عليها لترتيب البيت الفلسطيني قائلا: "النقطة الأولى أسميها ما بعد أوسلو فعليًا، وأقصد أن أوسلو لها مظاهر موجودة من الناحية النظرية، لكنها فعليًا توارت منذ الانتفاضة الثانية، وياسر عرفات، رحمة الله عليه، انقلب عليها عندما رأى أنها وصلت إلى طريق مسدود وأن العدو انقلب عليها". وأوضح أن النقطة الثانية هي استراتيجية المقاومة، مبينا أن "لا طريق لنا إلا المقاومة، وأي رهان آخر ثبت فشله، فالمقاومة هي من تخلق الفرص والآفاق".
وبخصوص النقطة الثالثة، قال مشعل إنها تتمحور حول المشروع الوطني والبرنامج السياسي الفلسطيني المشترك، مؤكدًا أن المطلوب اليوم الاتفاق على مضمون المشروع الوطني الفلسطيني ومفاهيمه وعناوينه المركزية، والاستراتيجية المتبعة لتحقيقه سواء عسكرية أو سياسية. أما النقطة الرابعة، بحسب مشعل، فتتركز حول موضوع الدولة الفلسطينية. وقال في هذا الصدد: "هل الدولة أولا أم التحرير أولا؟، فهل نحن نريد دولة بالمعنى الرمزي السياسي كما أعلناها منذ عام 88، أم نريد دولة حقيقية على الأرض، وأعتقد يكفي أن نركز على الدولة باعتبارها مجرد رمز سياسي وعنوان مكتوب على ترويسات الأوراق الرسمية، فهذه دولة في الهواء".
وأكد أن النقطة الخامسة تتعلق بالقيادة الفلسطينية والمرجعية الوطنية وبناء المؤسسات الفلسطينية، قائلًا: "لتسهيل الأمر، ما هي آلياتنا لترتيب هذه المؤسسات، القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير، وبناء كل مؤسساتنا السياسية الفلسطينية، آلياتنا هي الانتخابات والتوافق والشراكة، والتمسك جميعا بذلك، وتفعيل وإعمال العقل والجهد السياسي بهذه الآليات، لتمرير المرحلة الانتقالية بيسر".
وتابع بأن النقطة السادسة تتعلق بحكومة توافق وطني وإدارة الوضع في غزة ما بعد الحرب، وتحدي الإيواء وإعادة البناء وإغاثة الناس، مضيفا: "الأولوية تكون لحكومة توافق وطني يسهل تفرغها لإعادة البناء والإعمار وإيواء الناس، وأن نقدم شخصيات تمثل الشرائح الاجتماعية المؤثرة في الساحة الفلسطينية في غزة والضفة، والفصائل تكون ساندة لها".
وختم بأن النقطة السابعة تتعلق بتحدي وضع القدس والضفة الغربية القادم والقائم، مؤكدًا أن "هذا تحد كبير وينبغي أن يشغلنا جميعاً، وهذا استحقاق له ما بعده، وإن كنا منهمكين في معركة غزة، لكن هذا هو الوطن الفلسطيني، الجرح في غزة يعنينا والجرح في القدس والضفة والثمانية وأربعين والمخيمات، فأي قيادة فلسطينية يجب أن تعيش لشبعها وهمه، وتتقدم الصفوف وأن تضحي". وقال: "الطوفان غير كثيرًا من الحقائق ومن عناصر المشهد الإقليمي والدولية وداخل الكيان وداخل المنطقة، فلا يصح مطلقًا أن يغيب تأثيره عن ترتيب البيت الفلسطيني، هذا أمر لا نتسوله، بل سيفرض بالأمر الواقع".