قللت صحيفة نيويورك تايمز، في تقرير نشرته اليوم الأحد، من جدوى الاغتيالات التي نفذت بحق قادة حركة حماس، بما في ذلك اغتيال رئيس المكتب السياسي في الحركة إسماعيل هنية، مشيرة إلى أن تاريخ الحركة وتطور الفصائل الفلسطينية المسلحة عبر عقود من الزمن، يؤكد أن حماس لن تنجو فحسب، وإنما ستخرج من الحرب الأكثر دموية بحق الفلسطينيين، أقوى سياسيًا.
ويرى عدد من المحللين والخبراء الإقليميين أن الضربات الأخيرة التي طاولت حركة حماس، بما في ذلك اغتيال إسماعيل هنية، تجلب لقوات الاحتلال الإسرائيلي نصرًا قصير الأجل على حساب النجاح الاستراتيجي طويل الأجل، إذ تقول المحللة الفلسطينية البارزة في مجموعة الأزمات الدولية تهاني مصطفى خلال حديث مع الصحيفة، إن إسرائيل قدمت لحماس ورقة رابحة بعد أن كانت تأمل في أن تجعل الضغط العسكري، يدفع السكان في قطاع غزة إلى الابتعاد عن حركة حماس، إلا أن الضربات الأخيرة سيكون لها تأثير معاكس تماما لما تريده إسرائيل.
وأدت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى نزوح أكثر من تسعين بالمائة من سكان قطاع غزة، عدا عن دمار هائل في البنية التحتية، وأوضاع إنسانية في غاية الصعوبة، واستشهاد أكثر من 39 ألف فلسطيني. وعلى الرغم من ذلك تقول صحيفة نيويورك تايمز، إن الحركة ما زالت تجند مقاتلين جددا في غزة وخارجها، كما بدأ المسلحون التابعون لها في الخروج بالمناطق التي انسحبت منها قوات الاحتلال. وبحسب الصحيفة فإن مجرد البقاء على قيد الحياة في مواجهة جيش أكثر قوة يعطي حركة حماس نصرًا رمزيًا كبيرًا، وفقًا لمنطق التمرد.
وكانت قوات الاحتلال قد أعلنت يوم الأربعاء الماضي استشهاد قائد كتائب القسام محمد الضيف في غارة نفذتها في منطقة مواصي خانيونس في الثالث عشر من يوليو/ تموز الماضي، وأدت حينها إلى استشهاد وجرح المئات. وجاء الإعلان عن تأكيد اغتيال الضيف بعد يوم واحد فقط من اغتيال إسماعيل هنية.
وقال الخبير في الشؤون الفلسطينية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن خالد الجندي تعليقا على اغتيال هنية، إن الرسالة التي تنوي إرسالها هي أن "المفاوضات لا تهم"، مؤكدًا وجود الكثير من المؤشرات التي تبين أن قيادة الحركة ستكون أكثر تشددًا، وذلك بعد أن كان يُنظر إلى هنية بحسب كثير من المحللين باعتباره الأكثر اعتدالا والمفاوض الرئيسي الذي يدفع باتجاه مباحثات وقف إطلاق النار رغم تعثرها.
وعن عدم جدوى الاغتيالات، تستذكر الصحيفة اغتيالات بارزة طاولت رموز الحركة الفلسطينية منذ عشرات السنين، وتؤكد في هذا السياق، أن محمد الضيف نفسه الذي تعتبره إسرائيل مهندس عملية "طوفان الأقصى"، حل مكان أحمد الجعبري الذي اغتالته إسرائيل عام 2012 وكان يقود مفاوضات من أجل التوصل إلى هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل. كما تشير إلى أن عملية اغتيال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وديع حداد، في السبعينات أدى إلى انهيار عسكري في المجموعة حينها، إلا أنها تشير أيضًا إلى أن عملية اغتيال القيادي في حركة فتح خليل الوزير، لم تنجح في شل نشاط حركة فتح. كما تؤكد الصحيفة أن إسرائيل اغتالت على مدار السنوات الماضية 12 قياديًا بارزًا بما في ذلك مؤسسها الشيخ أحمد ياسين، دون أن تنجح إسرائيل في إخراج الحركة عن مسارها.
وتشير المحللة تهاني مصطفى، إلى أحد أبرز الأسباب التي قد تساهم في بقاء حركة حماس، وهو عدم الاعتماد المفرط على الدعم المادي من الأجانب، وهو الجانب الذي استغلته إسرائيل بمحاربة منظمة التحرير الفلسطينية واستنزافها خلال فترات قتالها العسكري. وعن عدم تراجع المقاومة رغم مرور أشهر على الحرب، تقول مصطفى، إن مقاتلي حركة حماس لديهم الخبرات والمهندسين ليقوموا باستغلال وإعادة تصنيع أي شيء يعثرون عليه على الأرض، بما في ذلك مخلفات جيش الاحتلال أو القنابل التي لم تنفجر.