14.45°القدس
14.21°رام الله
13.3°الخليل
16.61°غزة
14.45° القدس
رام الله14.21°
الخليل13.3°
غزة16.61°
السبت 01 فبراير 2025
4.46جنيه إسترليني
5.05دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.73يورو
3.58دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.46
دينار أردني5.05
جنيه مصري0.07
يورو3.73
دولار أمريكي3.58
د. فايز أبو شمالة

د. فايز أبو شمالة

الويل لإسرائيل من انتصار أهل غزة

لم يبق الجيش الإسرائيلي شكلاً من أشكال الإرهاب والعقاب والقتل والتدمير ـ بما في ذلك حرب الإبادة الجماعية ـ إلا واستخدمه، لا بهدف الانتقام فقط، وإنما بهدف الحيلولة بين أهل غزة وبين الإحساس بالعزة والكرامة التي تحققت في السابع من أكتوبر، والحيلولة دون اتساع فكرة انتصار غزة، وخروجها من تحت القصف شامخة، دون أن ترفع الراية البيضاء، ودون انكسار وكم حرصت إسرائيل على تحقيق نصر على غزة، وكم حرصت على تحقيق أهدافها كي تتفاخر أمام المجتمع الإسرائيلي بالنصر، وكي ترسل من خلال النصر رسائلها إلى المجتمع الفلسطيني، والشعوب العربية، بأن لا حول لكم ولا قوة تجاه إسرائيل، وأن كل من يفكر في ملاقاة الجيش الإسرائيلي؛ سيكون مصيره شبيه بمصير غزة.

وصمدت غزة، ولم تنكسر، وصمدت غزة، ولم ترفع الراية البيضاء، وصمدت غزة، وفرضت نفسها نداً لإسرائيل وحلفائها على طاولة المفاوضات في الدوحة، وصمدت غزة بأهلها الصمود المذهل والمربك لكل الحسابات العسكرية والأمنية والسياسية الإسرائيلية، تلك الحسابات الدقيقة والحساسة والواعية لحجم الارتداد النفسي والمعنوي والميداني لانتصار غزة على الشعوب العربية، بل وعلى شعوب الأرض كلها، وتأثير ذلك على الوجود الإسرائيلي نفسه.

وعلى مدار 15 شهراً حاولت الحكومة الإسرائيلية تجنب تلك اللحظة المخيفة والمربكة والمحرجة، لحظة الإعلان عن وقف إطلاق النار مع حركة حماس، دون أن يحقق العدوان الإسرائيلي أهدافه التي أعلنها رئيس الوزراء، وكررتها القيادات الإسرائيلية في كل مناسبة، لتصطدم الأهداف الإسرائيلية المعلنة مع اللحظة المضيئة للشعب العربي الفلسطيني، وهي تعاند حسابات السياسة الإسرائيلية، وتحرجها، وتخرجها عن مسارها التاريخي للحروب الإسرائيلية، تلك اللحظة المضيئة التي أكدت فيها غزة على الندية في ميادين القتال، والندية على طاولة المفاوضات، وتأثير ذلك على مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي، وتأثير ذلك على محاولات تدجين الضفة الغربية، ومخططات الضم. لقد كانت الصدمة الإسرائيلية في مسيرات عودة الشعب الفلسطيني إلى شمال قطاع غزة مذهلة ومخيفة، حيث خرج آلاف الفلسطينيين من تحت الخيام، خرجوا بشكل فوري، ليعودوا إلى بيوتهم المدمرة، وهم يهتفون لفلسطين، ولكتائب القسام، تماماً كما هتفوا لكتائب القسام فور الإعلان عن التوصل لاتفاقية وقف إطلاق النار، وهذه رسالة فلسطينية جريئة وشجاعة، هزت الأمن الإسرائيلي الذي زعم أنه قضى على كل مقومات الحياة والوجود المقاوم فوق أرض غزة. لقد مثل فرح أهل غزة بوقف إطلاق النار، وإصرارهم على العودة صدمة بالنسبة الإسرائيليين، الذين اعتبروا فرح أهل غزة بمثابة شماتة وتشفي بالجيش الإسرائيلي، الذي تكسرت قدراته على صخرة غزة العنيدة، فرح أهل غزة صار عابراً للحدود، حين وصلت ارتدادات الفرح حتى عمان ودمشق والمغرب، بل وصلت الفرحة إلى إيرلندا وألمانيا وتركيا وحتى شيكاغو في أمريكا، لقد مثل فرح الشعوب بالهزيمة الإسرائيلية موقفاً شعبياً مناصراً لأهل غزة، ومؤيداً لصمودهم في وجه العدوان. التعاطف الدولي، والتضامن العربي مع أهل غزة، هو إسناد للقدس عربية، وتأكيد على رفض الاحتلال، ومؤشر على مرحلة جديدة من المشاعر الإنسانية والوطنية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهذا ما تخشاه إسرائيل، وما تعمل له ألف حساب، ولاسيما أن التجربة الإسرائيلية تؤكد على تفاعل الوجدان الفلسطيني مع كل انكسار إسرائيلي، وقد حدث ذلك عقب نجاح الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة ـ في مايو 1985، في تحقيق صفقة تبادل أسرى، تم بموجبها الإفراج عن 1200 أسير فلسطيني، من ضمنهم المئات من المحكومين مؤبدات، تلك الصفقة التي حركت الوجدان الفلسطيني، وعززت الثقة بالنفس لدى الشعب الفلسطيني، فكانت انتفاضة الحجارة 1978 ردة فعل لحالة الانتصار تلك، كما أكدت على ذلك المخابرات الإسرائيلية. وفي هذا السياق لا يمكن تجاهل تأثير انتصار حزب الله سنة 2000، عشية هزيمة الجيش الإسرائيلي، واندحاره من الجنوب اللبناني، فكان ذلك النصر مبعث ثقة وأمل للفلسطينيين، استنهض طاقتهم وقدرتهم لمقاومة المحتلين ضمن انتفاضة الأقصى 2000، وما نجم عنها من طرد الجيش الإسرائيلي ومستوطنيه من قطاع غزة سنة 2005 انتصار غزة 2025، والعودة إلى الشمال لن تقف عند حدود غزة، ولن تظل محصورة في حدود فلسطين، انتصار غزة سيكون محركاً للكثير من شعوب المنطقة وشبابها، وسيعزز الشعور لديهم بانهم قادرون على التغيير، وان بيدهم قوة جبارة لا تقل عن قدرة أهل غزة، وقد عودتنا الشعوب أنها تحاكي النماذج الرائعة، وأنها تحاكي بطولات الشعوب، وهذا ما تخاف منه إسرائيل، وترتعب، ولاسيما أن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية هو الأكثر تأثراً بالأحداث التي جرت على أرض غزة، وهو الأكثر تجاوباً معها، نفسياً وروحياً وسياسياً ووطنياً، والضفة الغربية هي الأكثر استعداداً لمحاكاة أهل غزة، والسير على دربهم، ولهذا كثرت التصريحات الإسرائيلية عن وقف القتال في قطاع غزة، لمواجهة شمال الضفة الغربية، وربما يكون الخوف من انتقال فرحة غزة إلى الضفة الغربية هي السبب الكامن خلف تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، وهو يقول: إن التصديق على صفقة تبادل الأسرى سيلحق ضررا بالغا بقدرة الردع الإسرائيلية، وسيسمح لحركة حماس بترميم قدراتها.

المصدر / المصدر: فلسطين الآن