أثار ظهور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خلال مقابلة تلفزيونية مع شبكة “فوكس” الإخبارية وعلى جبهته علامة الصليب المصنوعة من الرماد تساؤلات واسعة، خصوصًا في الأوساط السياسية والإعلامية، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
جاء هذا الظهور متزامنًا مع مناسبة أربعاء الرماد، وهو اليوم الذي يُمثل بداية الصوم الكبير لدى الكنائس المسيحية الغربية، حيث يُعتبر هذا الطقس الديني رمزًا للتوبة والاستعداد الروحي للصوم الذي يستمر 40 يومًا وصولًا إلى عيد القيامة.
يُحتفل بـ”أربعاء الرماد” في العديد من الكنائس الغربية مثل الكنيسة الكاثوليكية، والأنجليكانية، والميثودية، والمشيخية، واللوثرية. وتعود هذه الممارسة إلى تقاليد قديمة، حيث يُستخدم رماد أغصان النخيل التي تم الاحتفال بها في أحد الشعانين من العام السابق، ويُرسم على جباه المؤمنين على شكل صليب. هذا الطقس يُذكّر المسيحيين بجملة “أنت تراب وإلى التراب تعود” (تكوين 3:19)، في إشارة إلى الضعف البشري وفناء الحياة الأرضية، كما يحمل دلالة التوبة والاستعداد الروحي للصوم الكبير.
ظهر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، وهو سياسي ينتمي إلى اليمين المحافظ المتدين، في مقابلة تلفزيونية تتناول قضايا دولية مهمة مثل الأزمة في أوكرانيا، والتوترات في غزة، وملفات سياسية أخرى، لكنه لم يبدِ أي تعليق على العلامة الدينية البارزة على جبهته.
هذا الظهور أثار جدلًا واسعًا، خاصة بين المتابعين في منطقة الشرق الأوسط، حيث يُنظر إلى مثل هذه الممارسات الدينية في المجال السياسي بنظرة مختلفة عن السياق الأمريكي.
هل لهذا الظهور دلالات سياسية؟
في الولايات المتحدة، تُعتبر الهوية الدينية للسياسيين عاملًا مهمًا في الحياة العامة، وظهور مسؤول رفيع المستوى بهذه العلامة قد يحمل رسائل ضمنية، أبرزها:
١-تعزيز صورته كسياسي متدين، وهو أمر محبّذ لدى الناخبين المسيحيين المحافظين، خاصة مع اقتراب الانتخابات أو في ظل أزمات سياسية تتطلب كسب التأييد الشعبي.
٢-تأكيد احترام الحرية الدينية في السياسة الأمريكية، حيث يعتبر المسؤولون الأمريكيون أن ممارسة الشعائر الدينية علنًا تعكس التنوع والتسامح الديني في الولايات المتحدة.
٣-الالتزام الشخصي بالمعتقدات الدينية، وهو ما قد يكون السبب الأساسي، نظرًا لأن العديد من الشخصيات العامة تظهر سنويًا بعلامة أربعاء الرماد دون ارتباط ذلك بأبعاد سياسية مباشرة.
ولم يكن ماركو روبيو أول مسؤول أمريكي بارز يظهر بعلامة أربعاء الرماد، فقد سبق للرئيس الأمريكي السابق جو بايدن أن ظهر بهذه العلامة في مناسبات عدة، سواء عندما كان رئيسًا للولايات المتحدة أو حين كان نائبًا للرئيس الأسبق باراك أوباما. وكان بايدن، وهو كاثوليكي ملتزم، يتلقى الرماد سنويًا، ما يعكس مدى انخراط بعض السياسيين في التقاليد الدينية علنًا.
ظهور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو وعلامة الصليب الرمادي على جبهته خلال أربعاء الرماد يعكس التزامًا دينيًا شخصيًا، لكنه لم يخلُ من أبعاد سياسية واجتماعية، خاصة في سياق البيئة الأمريكية التي تُولي أهمية كبيرة للهوية الدينية للمسؤولين.
