سلط تقرير نشره موقع "ذي إنترسبت" الأمريكي الضوء على الفوضى القانونية التي راح ضحيتها مئات الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة نتيجة لقرارات متسرعة اتخذتها الجامعات استجابة لتوجيهات إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وقالت الصحيفة، إن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية أوضحت في إفادة قضائية أن إلغاء سجلات الطلاب في نظام "سيفيس" (نظام معلومات الزائرين من الطلاب وبرامج التبادل) لا يعني بالضرورة فقدان وضعهم القانوني كطلاب غير مهاجرين.
لكن الجامعات، تحت ضغط من سلطات الهجرة، سارعت إلى طرد الطلاب أو مطالبتهم بمغادرة البلاد، على الرغم من أن القوانين لا تمنح النظام أو الوزارة الحق في إنهاء الوضع القانوني للطلاب بهذه الطريقة.
وقال المحامي ناثان يافي، الذي يمثل طلابا دوليين مهددين بالترحيل، إن وزارة الأمن الداخلي قدمت، ولأول مرة، تصريحات رسمية تحت القسم تفيد بأن إلغاء السجل في النظام لا يؤثر قانونيًا على وضع الطلاب. لكن الاعتماد الواسع من قبل مسؤولي الجامعات على سجلات "سيفيس" قد أقنع مئات الطلاب بأنهم فقدوا وضعهم القانوني، ما عمّق حالة الالتباس.
وأشار الموقع إلى أن التصريحات الأخيرة للوزارة قد تشكل حافزًا قانونيًا يدفع الجامعات إلى التراجع عن فصل الطلاب. وحسب يافي فإن "أي جامعة تستمر في فصل الطلاب أو ترفض إعادتهم، فإنها تعاقبهم طوعًا خدمةً لأجندة إدارة ترامب"، مضيفا أن "فصل الطلاب في البداية كان خضوعًا فاضحًا، أما الآن فقد أصبح أمرًا لا يُغتفر".
وقدمت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية تصريحا رسميا في إطار دعوى رفعها أربعة طلاب من ولاية ميتشيغان يتهمون فيها إدارة ترامب بتسببها في فقدانهم وضعهم القانوني. وقد ردّت الحكومة بقول إن إلغاء السجل في نظام "سيفيس" لا يؤثر على الوضع القانوني للطلاب.
وأوضح الموقع أن أكثر من 50 طالبا رفعوا 16 دعوى اعتراضا على قرارات الإدارة بإلغاء التأشيرات والتهديد بالترحيل. ورغم تصريحات الحكومة بأن إلغاء السجل لا يؤثر على الوضع القانوني، إلا أن الرسائل السابقة من الجامعات كانت تعتبر أن إلغاء السجل يعني فقدان الوضع القانوني.
وفي قضية مشابهة في كاليفورنيا، تلقى أحد الطلاب رسالة من وزارة الخارجية تُشير إلى إلغاء تأشيرته دون التفرقة بين التأشيرة والوضع القانوني.
كما أنه تم توثيق حالة طالبة دكتوراه هربت إلى كندا بعد إلغاء سجلها، معتبرة أن الجامعة ووكالة الهجرة تواطأتا ضدها.
في المقابل، يوضح موقع وزارة الأمن الداخلي الأمريكية أن إلغاء السجل يؤدي عادة إلى فقدان الوضع القانوني، وأن المسؤولين الجامعيين هم من يقومون بإلغاء السجل، وليس موظفو الوزارة.
"هذا هراء واضح".. إلغاء التأشيرة لا يعني انتهاء الوضع القانوني
ألغت وزارة الخارجية الأمريكية أكثر من 1200 تأشيرة دراسية غالبيتها لطلاب غير بيض وذلك في إطار سياسات الرئيس ترامب التي تستهدف الطلاب الدوليين، خصوصًا الذين يدعمون حرية الفلسطينيين.
لكن إلغاء التأشيرة لا يعني فقدان الوضع القانوني كطالب غير مهاجر في الولايات المتحدة، ذلك أن التأشيرة ضرورية فقط للدخول ولا تؤثر على الوضع القانوني بعد الدخول.
وأوضحت وزارة الأمن الداخلي في قضية ميتشيغان أن إلغاء التأشيرة لا يؤدي بالضرورة إلى ترحيل الطالب إلا في وجود عوامل أخرى. ورغم ذلك، فقد كانت الجامعات تتفاعل مع إلغاء السجلات في النظام الإلكتروني وليس مع إلغاء التأشيرات، ما دفعها إلى إلغاء تسجيل الطلاب أو مطالبتهم بالمغادرة.
مع ذلك، يظل الطلاب معرّضين لخطر الترحيل إذا قرّرت وكالة الهجرة متابعة الإجراءات. في هذه الحالة، قد يُستدعى الطالب للمثول أمام قاضي الهجرة إذا تم إلغاء تأشيرته. وقد أظهرت إدارة ترامب استعدادها لاستخدام دوافع سياسية أو مزاعم ملفقة لتبرير الترحيل، بحسب التقرير.
"هل تدركون أن ما يحدث كافكوي؟"
تزعم الحكومة أن الطلاب قد وجّهوا طعنهم القانوني إلى الجهة الحكومية غير الصحيحة، وفي الوقت نفسه تؤكد أنه لا يمكنهم مقاضاة وزارة الخارجية بناء على بند يستخدمه وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو من قانون الهجرة والجنسية لإلغاء التأشيرات بشكل فوري، والذي "يمنع صراحة مراجعة قرارات إلغاء التأشيرات قضائيا".
ووفقا لإدارة ترامب، فإنه لا يمكن للطلاب الطعن في الصلاحيات الواسعة وغير المنضبطة التي يتمتع بها روبيو في إلغاء التأشيرات، إلا "ضمن إجراءات الترحيل إذا كان إلغاء التأشيرة هو السبب الوحيد للترحيل".
لكن القضاة الفدراليين الذين ينظرون في القضايا المتعلقة بالطلاب في مختلف أنحاء البلاد لم يقتنعوا بعد بحجج الحكومة. وقد أصدرت خمس محاكم فيدرالية على الأقل أوامر قضائية مؤقتة بتعليق أوامر الترحيل المرتبطة بإلغاء سجلات الطلاب في النظام الإلكتروني.
ويوم الأربعاء، أمرت القاضية في المحكمة الجزئية في واشنطن العاصمة، آنا رييس، المسؤول في وزارة الأمن الداخلي أندريه واتسون بالحضور شخصيًا للإدلاء بشهادته في المحكمة حول تصريحاته الخطية التي قدمتها الحكومة في القضية المرفوعة من قبل الطلاب.
وقالت القاضية رييس للحكومة: "هنا لدينا محاميان متمرسان في قضايا الهجرة، يمثلان طالبًا على وشك التخرج بعد أشهر قليلة، ولم يرتكب أي مخالفة، وتم إنهاء سجله في نظام تقولون إن له تأثيرًا معدومًا على وضعه القانوني، على الرغم من أن ذلك بوضوح هراء".
وأضافت القاضية: "هذان المحاميان لا يستطيعان حتى الآن أن يخبروا موكّلهما إذا كان وضعه قانونيًا لأن المحكمة نفسها لا تستطيع إخبارهم، وكذلك ممثلو الحكومة". وتساءلت قائلة: "هل تدركون أن ما يحدث هنا هو كابوس بكل معنى الكلمة؟".