شنّ الممثل الأعلى السابق للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، هجوماً حاداً على حكومة الاحتلال الإسرائيلي، متّهماً إياها بارتكاب "إبادة جماعية في غزة"، وتنفيذ "أكبر عملية تطهير عرقي، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بهدف تحويل القطاع إلى وجهة سياحية فاخرة، بعد إزالة ملايين الأطنان من الأنقاض واختفاء الفلسطينيين".
وفي كلمة ألقاها خلال تسلمه "جائزة شارل الخامس الأوروبية" في جنوب غرب إسبانيا، بحضور عدد من الشخصيات البارزة بينهم الملك فيليبي، قال بوريل: "ما ارتكبته حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 لا تبرر الفظائع التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين في غزة".
إلى ذلك، وجّه الممثل الأعلى السابق للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، اتّهامات إلى حكومة الاحتلال الإسرائيلي باستخدام "تجويع السكان المدنيين كسلاح حرب"، وانتهاك جميع قواعد القانون الدولي الإنساني.
وأضاف بوريل أنّ: "ثلاثة أضعاف القوة التدميرية لقنبلة هيروشيما قد أُسقطت على غزة، حيث لا مياه، ولا غذاء، ولا كهرباء، ولا وقود، ولا خدمات طبية تدخل القطاع منذ شهور"، مؤكداً أنّ: "تصريحات وزراء في حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تنطوي على نوايا واضحة للإبادة الجماعية".
وفي السياق نفسه، انتقد بوريل موقف أوروبا إزاء ما يجري، مشيراً إلى أن "الاتحاد الأوروبي يمتلك الوسائل للتأثير على سلوك إسرائيل، لكنه لا يستخدمها"، مشدداً على أن "نصف القنابل التي تسقط على غزة مصدرها أوروبي".
كذلك، دعا بوريل إلى: "تقليص الدعم العسكري وممارسة ضغوط حقيقية عبر اتفاق الشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي لضمان احترام القانون الدولي، بدلاً من الاكتفاء بالتعبير عن الأسف".
وتناول بوريل في خطابه أيضاً التحولات الجيوسياسية الراهنة، واصفاً إياها بأنها "غير مسبوقة"، معتبراً أن "النظام العالمي الذي تأسس بعد عام 1945 يتفكك تحت تأثير فلاديمير بوتين، الطاغية الذي زادته هزيمته العسكرية في أوكرانيا خطراً، ودونالد ترامب، سيد الفوضى الذي تحوّل من حليف إلى خصم".
وشدد على: "ضرورة تحوّل أوروبا من السلمية الهيكلية إلى إعادة التسلّح القوي، ولكن على نطاق أوروبي موحد"، محذراً من العودة إلى النزعات القومية القديمة إذا ما استمرت الدول الأوروبية في العمل بشكل منفصل.
وختم بوريل بالقول إنّ: "أوروبا لم تعد محرّك التاريخ، بل أصبحت مستهلكته، مضيفاً أن "التاريخ يُكتب اليوم على يد جنود روس تقدموا نحو كييف، وأوكرانيين قاوموا، وناخبين أميركيين أعادوا ترامب إلى الساحة".
واسترسل ساخراً بأنّ: "وجوه التاريخ اليوم هي ترامب وبوتين وشي جينبينغ – ولا أحد منهم أوروبي – ومن بين هؤلاء الثلاثة، اثنان أذكى من الثالث، لكن المشكلة أن الثالث لا يدرك ذلك".
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي، شنّ حرب إبادة جماعية على كامل قطاع غزة المحاصر، من قتل واسع النطاق وتدمير ممنهج وتجويع جماعي وتهجير قسري، وذلك في تحدٍّ صريح لكافة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية التي دعت إلى وقف العمليات العسكرية.
وأسفرت هذه الحرب، التي تحظى بدعم مباشر من الولايات المتحدة، عن سقوط أكثر من 172 ألف بين شهيد وجريح في صفوف الفلسطينيين، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى الآن.