لم يكن استهداف "خيمة إصليح" بجوار مجمع ناصر الطبي في خان يونس، جنوبي قطاع غزة، سوى حلقة من مسلسل استهداف الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين في القطاع.
ففي فجر اليوم الثلاثاء نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي غارة على مجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد شخصين، أحدهما الصحفي الجريح حسن إصليح، وإصابة آخرين، في جريمة جديدة تُضاف إلى سجل الاحتلال الدموي في استهداف الصحفيين الفلسطينيين.
حريق الفجر
وكان إصليح يتلقى العلاج في قسم الحروق داخل المجمع، بعد إصابته في السابع من أبريل/نيسان الجاري، إثر قصف مباشر استهدف خيمة للصحفيين قرب المستشفى ذاته، ما أدى حينها إلى استشهاد ثلاثة من زملائه وهم: أحمد منصور، حلمي الفقعاوي، ويوسف الخزندار، وإصابته هو بشظية في الرأس وجرح بالغ في الكفّ.
وقبل استهدافه الأخير، وثّق حسن إصليح لحظات الوداع المؤلمة للصحفية الشهيدة إسلام نصر الدين مقداد وطفلها آدم، الذين قضوا في قصف استهدف منزلهم بحي الأمل غرب خانيونس.
لم يكن يعلم حينها أن ليلته القادمة ستكون شاهدة على مأساة أعنف. في منتصف ليل 7 أبريل/نيسان، استُهدفت "خيمة إصليح" التي كان يقيم فيها برفقة صحفيين آخرين بجوار مجمع ناصر، لتحترق أجساد من فيها، ويتحول المكان إلى كتلة لهب.
كان حسن يلتقط أنفاسه بعد يوم طويل من التغطية الميدانية في ظروف بالغة القسوة، قبل أن يتحول هدوء الليل إلى جحيم ناري.
استهداف الخيمة لم يكن الحادثة الأولى التي يطالها حسن؛ ففي مايو/أيار 2024، استُهدف منزل عائلته في خان يونس بغارة إسرائيلية، ضمن سلسلة طويلة من محاولات إسكات صوته وعدسته.
تعمد الاستهداف
وعقب استهدافه، زعم المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي أن حسن إصليح "ينتمي إلى لواء خان يونس في حماس"، وادعى مشاركته في عملية "طوفان الأقصى" عبر توثيق الأحداث ونشرها على الشبكات الاجتماعية.
بينما سبق لمكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أن وصف الصحفيين في غزة بأنهم "شركاء" في هجوم 7 أكتوبر، وهو ما وثّقه إصليح عبر حسابه على منصة "إكس".
على مدى أشهر الحرب، اضطر حسن، إلى جانب عشرات الصحفيين في غزة، إلى العمل من خيام مؤقتة نصبت قرب المستشفيات، بعد تدمير منازلهم ومقار عملهم.
وبينما ظنّ أنه نجا من نيران القصف الأولى، امتدت إليه يد الاغتيال من داخل المشفى، لينضم إلى قافلة الشهداء الذين قدّموا أرواحهم لنقل الحقيقة.