34.45°القدس
34.21°رام الله
33.3°الخليل
30.61°غزة
34.45° القدس
رام الله34.21°
الخليل33.3°
غزة30.61°
السبت 28 يونيو 2025
4.64جنيه إسترليني
4.78دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.96يورو
3.39دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.64
دينار أردني4.78
جنيه مصري0.07
يورو3.96
دولار أمريكي3.39

حين يصبح الشاعر وطنًا.. رحيل أحمد أبو سليم وقيامته في فلسطين

غيّب الموت، يوم السبت الموافق 21 حزيران (يونيو) 2025 الشاعر والروائي الفلسطيني أحمد أبو سليم (60 عاماً)، عضو رابطة الكتاب الأردنيين، والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، بعد مسيرة إبداعية متميزة، ختمها بجائزة فلسطين العالمية للآداب في دورتها الثانية في بغداد في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وهناك التقينا وتعارفنا وكانت جلسة شاملة، استطعنا أن نتعرف إلى المنهجية والالتزام اللذين كان يحملهما شاعرنا الراحل، الذي ظل منحازاً للمقاومة وللقضية الفلسطينية وللشهداء.

سنعود لمضمون الجلسة بعد التعريف بالأديب الراحل

ولد الأديب والشاعر أحمد أبو سليم في الزرقاء في 14 كانون الأول (ديسمبر) 1965، أنهى دراسة الثانوية العامة في مدرسة معاوية بن أبي سفيان في الزرقاء عام 1983. سافر إلى تركيا لإتمام دراسته الجامعية، وما لبث أن غادرها إلى الاتحاد السوفياتي ليحصل على بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة "الصداقة بين الشعوب" العالمية في موسكو عام 1992. شارك في البرنامج الشهير "أمير الشعراء"، وأطلق البرنامج عليه لقب "شاعر القضية" التي التزمها في حياته وإصداراته.

كتب القصة والشعر والرواية ونشر الكثير منها في الصحف الأردنية والعربية. شارك في عدد كبير من المهرجانات في العواصم العربية.

بدأ رحلته مع الشعر في بداية الألفية الثالثة، وأصدر أربع مجموعات شعرية في العقد الأول منها. أما في العقد الثاني من الألفية، فاتجه إلى الرواية، وأصدر روايات فلسطينية هادفة، عن تجربة المقاومة وروحها، بالإضافة إلى دراسات عن ناجي العلي وغيره..

في اللقاء الوحيد بيننا، تحدثنا قرابة الساعة عن الأدب والفن والشعر والمقاومة وفلسطين. جاء متأخراً إلى فعاليات "جائزة فلسطين العالمية للآداب" التي تقدم جوائز في مختلف الآداب. فكانت هذه الجلسة عند وصوله، تعارفنا أكثر، وسألته عن روايتيه اللتين تقدّم للمشاركة بهما، رواية "أزواد" ورواية "يس".

فهو قد ختم تجربته بهذين العملين، سألته عن الأولى فقال إنها رواية الواقع الفلسطيني، كتبتها عن عملية الأسير ثائر حماد الشاب الصغير الملقّب بقناص وادي الحرامية، والمحكوم بأحد عشر مؤبداً بعد عمليته النوعية التي نفّذها عام 2002 ضد جنود الاحتلال، إذ قتل أحد عشر جندياً منهم باستخدام بندقية قديمة، كانت لجده المجاهد القديم "عياض". أذهلتني التفاصيل التي ذكرها، وعودته بالتاريخ إلى معلومات مجهولة، فأوضح لي أنه زار العائلة في سلواد، واطلع على تفاصيل التحقيقات، وزار وادي الحرامية وزار المكان الذي كمَن في ثائر، وانتظرهم طويلاً ومعه الزوادة، ومن هنا نحت اسم الرواية "أزواد".

تحدثنا بالكثير من القضايا الأدبية الفلسطينية، وانتقلنا إلى حفل المهرجان الذي فاز فيه بالجائزة الثانية مناصفة مع رواية "الرعب" لأيمن العتوم.

 

أعماله

 

ـ دمٌ غَريب، شعر، بيروت، 2005.

ـ مذكرات فارس في زمن السقوط، شعر، دمشق، 2006.

ـ البوم على بقايا سدوم، شعر، بيروت، 2008.

ـ آنستُ داراً، شعر، بيروت، 2010.

ـ الريح لا تكفي الوحيد، شعر (مشترك)، 2010.

ـ " الحاسة صفر، رواية، عمان، 2011.

ـ ناجي العلي.. نبض لم يزل فينا، (دراسة توثيقيَة بالاشتراك مع سليم النجار ونضال القاسم)، 2013.

ـ الكنعاني، (دراسة توثيقية بالاشتراك مع صلاح أَبو لاوي ونضال القاسم)، 2015.

ـ ذئاب منوية، رواية، بيروت، 2016.

ـ ضد قلبك، شعر، عمان، 2017.

ـ كوانتوم، رواية، عمان، 2018.

ـ بروميثانا، رواية، عمان، 2020.

ـ دمهم مطر، شعر، بالانجليزية، ترجمة نزار سرطاوي، عمان..

ـ يس، رواية عن مجزرة دير ياسين، عمان، 2021

ـ أزواد، رواية، عمان، 2023

 

نمذج من شعره

 

الشَّمس تشرق فوق غزة مرَّتين

لا تَغسِلوا أَمواتَكم بالماءِ

قد غسَّل الرَّصاصُ ذُنوبَهم

لا تُشعِلوا في ليلهم ناراً تدفِّىءُ بردَهم

فالشَّمس تشرقُ فوق غزَّة

كلَّ يومٍ........مرَّتينْ

لا تَحفروا أَشعاركم فوق الشَّواهد

عارُكم.....هو عارُكم

والصَّمت أَبلغُ في المقابر

من مقامات الحنينْ

في الموت طفلٌ لم يَجِدْ

قَبراً يلُمُّ عظامهُ

رَجُلٌ يفَتِّشُ عَن مَلامِح وجهِه

بعضُ الثِّيابِ تقيَّأَتْ

جَسداً تعفَّرَ بالتُّرابِ

وَطِفلَةٌ

نَسي المؤذِنُ صوتَه

عند الولادَةِ في ثَنايا أُذْنِها

فتقافَزَتْ "الله أَكبر" مع بقايا لحمِها

في الموتِ موتٌ ضائعٌ

خوفُ الجنودِ من الضَّحايا

كُلَّما سقطَ الشَّهيدُ على الشَّهيدِ

تناسَلتْ من روحهِ أَحياءُ غزَّةَ في العَراءِ

كَأَنَّما

للمرءِ يولَدُ صاحبٌ

ظلٌّ قرينٌ واحدٌ

أَمَّا بغزَّة للقرينِ مُقاتلٌ

بَشَرٌ... ولكنْ في الحُروبِ

بأَلفِ أَلفِ مُقاتلٍ

نحنُ الأَوائلُ

والأَوائِلُ

والأَوائلُ

لا نَموتُ

دِماؤنا

نَهرٌ يهرولُ صاعداً

نحو اليقينْ

نحنُ الأَوائلُ

من ملامحِ كلِّ طين صورة لسلالة

من لحمنا قُدَّت بلادٌ

صورةً أُخرى لنا

تركت على أَجسادنا

آثار جرح غائر بعظامنا

"فلسطينْ"

"فلسطينْ"

"فلسطينْ"

 

هذا دمي

 

هذا دَمي، حَنُّونُ أَرضي رَدِّدي                   ..               خَلفي تَراتيلَ الخُيولِ وَزَغرِدي

صَلَّيتُ كالأَشجارِ حُراً واقِفاً                        ..                والأَرضُ تَقطُرُ كالغَمامَةِ مِن يَدي

والشَّمسُ خَلفي تَصطَلي بالرُّوحِ مِن       ..                 َولِ الخُشوعِ، وَلَفحِ حُزنِ المَشهَدِ

أُمَّاهُ ما أَحنيتُ ظَهري لا ولا                      ..                  صَلَّيتُ يَوماً تَحتَ نَعلِ المُعتَدي

قَد عِشتُ طِفلاً ظامِئاً أَرنو إلى                 ..                   سَبأ تُزَيِّفُ صَمتَها بِالهُدهُدِ

وَالرُّبعُ خالٍ لا صَدى صَوتٍ وَلا                   ..                   أُرجوحَةٌ ما بَينَ أَمسٍ وَالغَدِ

وَالرِّيحُ تَعوي، والدِّماءُ تَكَلَّسَتْ              ..                   وَالخَوفُ حِكمَةُ كُلِّ شَيخٍ مُهتَدِ

وَالذِّئبُ حيناً في الكَنيسَةِ يَشتَري           ..                     صَكَّاً وَحيناً يَحتَمي بالمَسجِدِ

كُلُّ الذِّئابِ قَدِ اشتَرَتْ نَسَباً لِرَ                   ..                       بٍّ أَو نَبيٍّ أَو إمامٍ سَيِّدِ

وَأَنا اللَّقيطُ أُفَتِّشُ التَّاريخَ عَن                 ..                       جَذرٍ جَريحٍ بالتُّرابِ مُضَمَّدِ

لا جَذرَ لي، سَرقوا مَعالِمَ سِدرَتي            ..                       سَرقوا النَّشيدَ، وَكُلَّ فيهٍ مُنشِدِ

سَرَقوا حِكاياتِ الرُّجولَةِ والبُطو             ..                       لَةِ مِن كِتابي المَدرَسيِّ، وَمِذوَدي

سَرَقوا بِلادي، زَوَّجوها قاتِلاً                  ..                       زُفَّتْ إليهِ بِثَوبِ عُرسٍ أَسوَدِ

سَرَقوا التُّرابَ وَشَيَّعوني فَوقَ صَخـ     ..                       رٍ ناتئٍ بِدَمِ المَسيحِ مُعَمَّدِ

فَبأيِّ آلاءِ العَذابِ أُكَذِّبُ                          ..                     والنَّارُ كانَتْ مُنذُ وَعدي مَوعِدي

 

*كاتب وشاعر فلسطيني

المصدر: فلسطين الآن