19.99°القدس
19.6°رام الله
18.86°الخليل
23.59°غزة
19.99° القدس
رام الله19.6°
الخليل18.86°
غزة23.59°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: سلطة النقد.. وتدمير الرموز الوطنية

في كل يوم تبرهن السلطة الفلسطينية على عمق التزاماتها الاقتصادية وارتباطاتها المصيرية مع الاحتلال. التزامات السلطة تجاه الاحتلال تتوزع على الجانب الاقتصادي كما الجوانب السياسية والأمنية، ولا تفكر في الخروج عن النص أو القفز عن الدور الوظيفي المرسوم في أي مرحلة من المراحل وتحت أي ظرف من الظروف. في الجانب الاقتصادي لم تكتفِ السلطة بتوقيع بروتوكول باريس الاقتصادي الذي ارتهن الاقتصاد الفلسطيني بالكامل للاقتصاد الإسرائيلي، وجعلها في موقع التبعية الدائمة لسياسات وإملاءات الاحتلال، وتسبب في إغراقها في أوحال الأزمات المالية المتعاقبة، بل إن السلطة تجترح مزيدا من الإصرار المقيت على الارتماء في أحضان الاحتلال، وتتمادى في إثبات ولائها التام وأهليتها الكاملة في المجال الاقتصادي والمالي كما المجالين السياسي والأمني. التطور الأبرز جاء شكليا هذه المرة عبر تعليمات غير معلنة لسلطة النقد الفلسطينية، لكنه يحمل دلالات رمزية بالغة العمق والإيحاء، ويؤشر إلى ملامح المستقبل المالي والاقتصادي الذي تقودنا إليه السلطة في ظل الغفلة المطبقة الضاربة على ربوعنا الوطنية بفعل طول أمد الشقاق والانقسام. تعليمات سلطة النقد تحمل البنوك الفلسطينية الخاضعة لإشرافها على نزع ومسح أي إشارة لقبة الصخرة المشرفة من الشعارات الخاصة بهذه البنوك، وإعادة صياغة شعار كل بنك يشتمل ضمن مكوناته على قبة الصخرة من جديد. جرى تنفيذ الأمر بهدوء ودون ضجيج، فقد أعاد البنك العربي وبنك القدس قبل فترة رسم وصياغة الشعار الخاص بكل منهما، فيما تولى البنك الإسلامي الفلسطيني القيام بذات المهمة منتصف الشهر الماضي، فيما يُنتظر أن يقوم بنك فلسطين بذات الأمر خلال الأشهر القادمة. قبة الصخرة المشرفة تشكل تعبيرا رمزيا عن موقع القدس والمقدسات ضمن الأجندة الوطنية الفلسطينية، وتجسيدا للتمسك بالحقوق والثوابت الفلسطينية. وحين تعمد سلطة النقد إلى توجيه البنوك لجهة إقصاء "رمزية القدس" عن الشعارات الخاصة بالبنوك الفلسطينية فإن ذلك لا يعني سوى إلغاء وتدميرا منهجيا للبعد الوطني من قاموس العمل المصرفي الفلسطيني، وقصره على المعايير المهنية البحتة الخاضعة لنصوص ومحددات الاتفاقيات السياسية والأمنية والاقتصادية مع الاحتلال. في تفاصيل عملها التزمت سلطة النقد بسياسات ومواقف السلطة من الألف إلى الياء، وبسياسات وقرارات الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي التي أغلقت كل الحسابات المصرفية لعناصر المقاومة الفلسطينية، وحظرت كل الأنشطة والمعاملات المصرفية المشبوهة وفق التصنيف الإسرائيلي والأمريكي والأوروبي. تعليمات سلطة النقد هي تعليمات سوداء تضاف إلى منظومة السياسات والقرارات السوداء التي أدمنتها السلطة، ومحاولة خبيثة لمسح ما تبقى من نوازع الانتماء الوطني في أبعادها الرمزية ضمن التقاليد المصرفية الفلسطينية. اتفاقيات أوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي خلقت كيانا فلسطينيا اقتصاديا مشوها وملحقا بالاقتصاد الإسرائيلي، وليس من المبالغة في شيء وضع خطوة سلطة النقد في دائرة المطالب والاستحقاقات الإسرائيلية. وكل دولة وأنتم بخير..